منذ سنوات طويلة والمخرج التونسي ناصر خمير غائب عن الساحة التي عرفت بعض لحظات تألقه: ساحة السينما العربية الجديدة. فمخرج "طوق الحمامة المفقود" و"الهائمون" وتحديداً منذ النجاح الكبير - على الصعيد العالمي، لا المحلي سواء كان هذا المحلي تونسياً أم عربياً بشكل عام - لم يحقق أية أفلام روائية طويلة، هو الذي كانت تجديداته "التراثية" لفتت الانظار حقاً في فيلميه الطويلين. صحيح ان ناصر خمير لم يغب عن العمل تماماً، بل حقق أعمالاً للتلفزة الفرنسية، منها عمل يستند الى اشتغال الجزائري جمال الدين بن شيخ على ترجمة "ألف ليلة وليلة"، غير ان مشاريعه الكبيرة ظلت احلاماً. ومن المعروف انه خلال فترة من الفترات اهتم بالرواية العربية الجديدة، وقرأ العديد من روايات لمؤلفين مصريين ولبنانيين ومن شمال افريقيا، معتبراً انه حان الوقت للمزج بين الإبداع الروائي والإبداع السينمائي بصورة جدية. ولكن حتى تلك القراءات لم تأت بثمارها. وان كانت زودت خمير برؤية معاصرة اضافها الى التراث الذي استهلمه دائماً كسينمائي، وايضاً ككاتب للحكاية الشعبية. آخر الأخبار الآتية من تونس تفيد، على أية حال، بأن ناصر خمير يحضر لتحقيق فيلم نصف روائي/ نصف تسجيلي عن حياة ونضال المفكر التونسي الطاهر حداد، المعروف بكتاباته المناصرة لمنح المرأة حقوقها، وهي كتابات اثرت كثيراً على الحبيب بورقيبة وعلى موقفه المتقدم من المرأة. وعمل ناصر خمير هذا يندرج، كما تشير مجلة "سبعة على سبعة" التونسية، ضمن اطار مشروع غايته تحقيق سلسلة أفلام عن وجوه الحداثة التونسية، وفي المجالات المتنوعة من فكرية وفنية وأدبية، من أمثال أبو القاسم الشابي وعلي الدوعاجي وبيرم التونسي.