قالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة يرغب في تحسين علاقات بلاده مع كل من فرنساوالولاياتالمتحدة، وانه ارسل "رسائل" مع كل من العاهل الأردني الملك عبدالله والرئيس حسني مبارك الى الرئيس جاك شيراك، يؤكد فيها ان الجزائر "مستعدة كل الاستعداد" لتحسين علاقتها مع فرنسا و"طي صفحة الماضي" إذا حلت فرنسا - من جانبها - المشاكل التي تعيق حالياً تحسين العلاقات. ونُقل عن الرئيس الجزائري، في حديثه الى الملك عبدالله ثم الرئيس مبارك، ان في إمكان فرنسا حل هذه المشاكل "بكل سهولة". لكن الجانب الفرنسي، على ما يبدو، لا يشاركه هذا الرأي. ويرى بوتفليقة ان المشاكل الأساسية التي تعيق تحسن العلاقات تتمثل في صعوبة منح التأشيرات للجزائريين وعدم فتح كل مراكز منح التأشيرات الفرنسية في الجزائر وليس في نانت، اضافة الى عدم استئناف خطوط الطيران الفرنسية ايرفرانس رحلاتها الى الجزائر. وأبدى الجانب الفرنسي، بحسب مصدر تحدثت اليه "الحياة"، تجاوباً حذراً مع الرسائل المصرية والأردنية. وقال المصدر ان شيراك ورئيس حكومته ليونيل جوسبان يعتبران ان العلاقة الجيدة مع الجزائر أساسية وأن فرنسا تتطلع لذلك، لكنها أيضاً تتطلع الى تطور في الوضع الداخلي الجزائري وفي اطار العلاقات الثنائية قبل حصول لقاء يجمع بوتفليقة وشيراك. ومن المتوقع ان تتم في المرحلة الأولى زيارة على المستوى الوزاري من الجانب الفرنسي الى الجزائر وذلك بعد زيارة وزير الداخلية جان بيار شوفنمان التي تمت في اطار مؤتمر وزراء داخلية دول المتوسط والتي كانت مناسبة للوزير الفرنسي للتطرق الى المواضيع الثنائية في شكل معمق. ويزور في هذا الاطار وزير التعاون الدولي الفرنسي شارل جوسلان الجزائر الاحد لحضور مؤتمر القمة الافريقي. اما بالنسبة الى علاقة الجزائربالولاياتالمتحدة فقد زار وزير الداخلية السابق الجنرال العربي بلخير والسيد ادريس الجزائري الديبلوماسي السابق المرشح لوزارة الخارجية، واشنطن أخيراً ونقلا رسالة من الرئيس بوتفليقة للمسؤولين الأميركيين. وعلم، في هذا الاطار ان الأميركيين لم يكونوا يتوقعون زيارة الموفدين الجزائريين. اذ كانوا قرروا ارسال سوزان رايس، معاونة وزيرة الخارجية للشؤون الافريقية، الى قمة منظمة الوحدة الافريقية في الجزائر للمشاركة بصفة مراقب. ورغب الجانب الأميركي في توجيه دعوة، قبل سفرها الى الجزائر، الى خبيرين جزائريين في الشؤون الافريقية للتحدث معها في واشنطن. فما كان من بوتفليقة سوى ان اغتنم الفرصة وارسل مبعوثين رفيعين قريبين منه، هما العربي بلخير وادريس الجزائري. والتقى الرجلان في 28 حزيران يونيو الماضي مارتن انديك المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط في الخارجية الأميركية والسفير الأميركي السابق في الجزائر رون نيومان وهو حالياً معاون وزيرة الخارجية لشؤون المغرب وبروس رايداون المستشار في مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط، بحضور سفير الولاياتالمتحدة في الجزائر كمران هيوم. ووصف مصدر مطلع اللقاء بأنه كان جيداً من ناحية فحواه وعمقه، وعلى الصعيد الشخصي كذلك. وقال ان بلخير نقل "رسالة واضحة" مفادها ان الرئيس بوتفليقة والجزائر يريدان في شدة انعاش العلاقات مع الولاياتالمتحدة. وأبدى الجانب الأميركي انفتاحه على هذه الرغبة، لكنه شدد على ضرورة تحويل وعود بوتفليقة أفعالاً. وأضاف المصدر ان العلاقات الجزائرية - الأميركية في الفترة الماضية لم تكن مجمدة ولكنها كانت في نوع من "الجمود". وقال ان الجانب الأميركي اعتبر ان ما يقوم به بوتفليقة من افراج عن السجناء "مشجع" لكن من المطلوب ايضاً "تحقيق المصالحة الوطنية الفعلية داخلياً، وأن تسهم الأحزاب المعارضة في الحكم، وان تحصل اصلاحات سياسية واقتصادية في شكل فعلي". ونقل المصدر عن آنديك ان الولاياتالمتحدة عندما انتقدت المسار الانتخابي الرئاسي في الجزائر في نيسان ابريل الماضي "قامت بذلك لعدم رضاها على طريقة اجراء الاقتراع وليس لاعتراضها على شخص بوتفليقة". وأضاف المصدر ان الأميركيين أبلغوا بلخير والجزائري ان الولاياتالمتحدة "تشجع الرئيس الجزائري على قبول دخول منظمات حقوق الانسان والصليب الأحمر الى الجزائر لأن ذلك مهم جداً للرأي العام الداخلي في الولاياتالمتحدة، اذا كان يرغب في تحسين صورة بلاده في الولاياتالمتحدة". وأوضح ان بلخير استمع الى ذلك من دون التعليق، إلا أنه وجه دعوة الى انديك لزيارة الجزائر ووعده انديك بتلبيتها من دون تحديد موعد. الى ذلك، عرض بلخير للجانب الأميركي توجهات بوتفليقة السياسية في المنطقة المغاربية ورغبته في حل المشكلة مع المغرب. وقال ان الجزائر تتوقع زيارة للعاهل المغربي الملك الحسن الثاني في كانون الأول ديسمبر المقبل للمشاركة في القمة المغاربية المؤجلة، وان وزير الداخلية المغربي ادريس البصري دعا الرئيس الجزائري لزيارة المغرب. ورحب الجانب الأميركي بتسوية العلاقات المغاربية، وتمنى ان تشمل ليبيا لكي "تصبح سياستها أعقل وتصرفها العالمي أفضل". ورد الجانب الجزائري بأن ذلك ممكن لكنه "يتطلب مساعدة من مصر".