اعتداءات واقتحامات إسرائيلية لمنازل الأسرى الفلسطينيين المحررين    دوري روشن: تعادل مثير بين الوحدة والاتفاق بهدفين لكلا منهما    تأجيل موعد انطلاق لقاء الأخدود والخليج    آل الشيخ يلتقي رئيس وفد مملكة كمبوديا المشارك في مؤتمر آسيان الثالث    الخارجية السودانية وصفتها ب«المجزرة البشعة».. 170 قتيلاً وجريحاً في «الفاشر»    المملكة تختتم مشاركتها في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي 2025    «تنظيم الكهرباء»: اجتماع طارئ لمتابعة انقطاع الكهرباء بالمنطقة الجنوبية    الاتحاد في طريقه للتعاقد مع موهبة برشلونة    جمعية كسوة الكاسي في أبو عريش تحتفي بعمال النظافة ببلدية جازان    رئيسة مجلس الوزراء الإيطالية تصل إلى جدة    الوجبات منخفضة السعرات شرط تقديم سفر الإفطار بالحرم    الخلود يهزم الرائد ويتقدم للمركز العاشر    القبض على (4) أشخاص في القصيم لترويجهم مواد مخدرة    الشركة تعتذر والرابطة تبحث عن جدولة جديدة    آل الشيخ يلتقي رئيس وفد مملكة ماليزيا المشارك في مؤتمر آسيان الثالث    روسيا: تخفيض سعر العملات أمام الروبل    لأول مرة منذ 6 أشهر.. تراجع ثقة المستهلكين بأمريكا    زيلينسكي يطلب من حلفائه العمل على "صيغة" لمحادثات سلام مع روسيا    مدير تعليم جازان يرفع التهنئة للأمير محمد بن عبد العزيز بمناسبة تمديد خدمته نائبًا لأمير المنطقة    لوران بلان يُعلن موقف كانتي وديابي من لقاء ضمك    محافظ صامطة يدشن ليالي المحافظة الشتوية ضمن فعاليات شتاء جازان    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تُتوّج بكأس ألعاب قوى الجامعات    "على ظهور الإبل" رحّالة بريطانيين يقطعون 500 كم داخل محمية الملك سلمان الملكية    ضيوف الملك: ريادة المملكة عالميا فخر للمسلمين    250 زائرا من 18 دولة أفريقية يزورون مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    الفتح يسافر إلى الرياض لمواجهة النصر    عبور 54 شاحنة إغاثية سعودية جديدة مقدمة للشعب السوري الشقيق منفذ جابر الأردني    «المنافذ الجمركية» تسجل أكثر من 950 حالة ضبط خلال أسبوع    نيو للفضاء توقع مذكرة تفاهم لتعزيز الابتكار الجيوفضائي بالمملكة    الهند تحقق في مرض غامض أودى ب17 شخصاً    الداخلية : ضبط (22555) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    بأمسياتٍ روائيةٍ وتجارب تفاعلية.. الإعلان عن «مهرجان الدرعية للرواية»    تقلل خطر الإصابة لدى النساء.. ثورة واعدة لعلاج سرطان عنق الرحم    استمرار هطول أمطار على عدد من مناطق المملكة    ترمب يغيّر اسم خليج المكسيك    كائنات مخيفة تغزو جسد رجل !    مصر: التحقيق مع فرد أمن هدد فنانة مصرية    حورية فرغلي تستعد لتركيب «أنف اصطناعي»    الموسيقار العالمي هانز زيمر يبهر جمهور "موسم الرياض" في ليلة ابداعية..    غوتيريش يدين احتجاز الحوثيين لسبعة من موظفي الأمم المتحدة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    «ميتا» تعتزم استثمار أكثر من 60 مليار دولار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي    مدرب الأهلي "ماتياس": الجميع يعمل لتدعيم صفوف الفريق    بعد «سره الباتع».. فيلم جديد يجمع رانيا التومي مع خالد يوسف    شامخات القصيد في معرض الكتاب بالقاهرة.    الربيعي تحصل على المركز الثاني في مسابقة بيبراس للمعلوماتيه    مدير عام تعليم الطائف التعليم استثمار في المستقبل وتحقيق لرؤية 2030    منح وزير الشؤون الإسلامية وشاح الطبقة الأولى للشخصية الإسلامية العالمية المؤثرة لعام 2024    الأمير محمد بن سلمان يُعزي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ فاضل الصباح    أمير حائل يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تمديد خدمته أميرًا للمنطقة    نائب أمير منطقة جازان يشكر القيادة بمناسبة تمديد خدمته نائبًا لأمير المنطقة    ترمب يلغي الحماية الأمنية عن فاوتشي: «ليحمي نفسه»    آل سمره يقدمون شكرهم لأمير نجران على تعازيه في والدهم    القصيبي مسيرة عطاء    عبد العزيز بن سعد يشكر القيادة لتمديد خدمته أميراً لحائل    أكثر من 20 ألف جولة رقابية تنفذها بلدية محافظة الأسياح لعام 2024م    %2 نموا بمؤشر التوظيف في المملكة    ترامب يعيد تصنيف الحوثيين ك"منظمة إرهابية أجنبية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رداً على العفيف الأخضر : تكامل عربي بدل دمج الكيان الاسرائيلي
نشر في الحياة يوم 07 - 07 - 1999

شهدت الفترة التي اعتلى فيها حزب ليكود سدة الحكم في الدولة العبرية، انزواءً لدعاة التطبيع تحت وطأة الضربات الشديدة التي تعرضت لها دعواتهم بسبب السياسة الاسرائيلية الشديدة الوضوح في تعنتها وتشددها. ومع عودة حزب العمل للسلطة، توقعنا ان تعود هذه الاصوات بنغمتها النشاز لكي تؤذي اسماعنا بمقولات التطبيع والاندماج مع الكيان الصهيوني مستغلة الانفراج الظاهر في العلاقات العربية - الاسرائيلية.
وأعترف هنا أنني لم استطع وأنا أقرأ مقال العفيف الاخضر في أفكار "الحياة" 25 و26/6/1999 إلا أن أتجاوب مع الاستفزازات المتعمدة التي يطرحها الكاتب في محاولة جديدة للفت الأنظار لأفكار وآراء يرفضها الشارع العربي ويمجّها مثقفوه الذين لم تصبهم لوثة الانبهار بالكيان الاسرائيلي.
يحاول الكاتب الترويج لأطروحة التطبيع من خلال التمهيد لها بشن حرب كلامية ضد العقليات العربية المثقفة لأنها تضحي - حسب قوله - بالمصالح لأجل المبادئ الثابتة "التي تحاصر وعيهم وتعتقل عقولهم فلا تعود قادرة على التكيف العقلاني مع متطلبات الواقع ولا على فهم وتفهم حجج الطرف الآخر" معتبراً بأن هؤلاء مصابون بالجمود وأنهم لا يتفهمون حقائق العصر الجديدة المتمثلة بالعولمة والانفتاح الاقتصادي بين دول العالم، لينطلق من ذلك للتأكيد ان هناك إمكانية كبيرة للتأثير في المجتمع الاسرائيلي واقناعه بأهمية السلام والانفتاح على العرب من خلال مبادرات تطبيعية جريئة للقادة والزعماء العرب مستدلاً على ذلك بزيارة الجنرال ديغول عام 1961 الى المانيا لتدشين المصالحة الفرنسية - الالمانية بعد 73 عاماً من العداء والحروب. وتضمن المقال جملة من المغالطات تقتضي التنويه والمعالجة، وأهمها على الإطلاق الإدعاء بأن العرب فوتوا فرصاً لعقد مصالحة تاريخية مع الدولة العبرية، وذلك بسبب تفضيل المبادئ الثابتة على المصالح، في محاولة منه لإيجاد فاصل بين المصالح والمبادئ وتفضيل المصالح اذا تعارضت مع المبادئ. ونقول هنا ان المبادئ المستندة الى الحق التاريخي للعرب في فلسطين هي مبادئ ثابتة يجب ان لا تتغير بتغير موازين القوى بين العرب واسرائيل، ولكن هذا لا ينفي التعامل مع المصالح اذا كانت لا تضر بالمبدأ الأساسي أو إذا كانت تشكل خطوة على طريق تحقيق هذا المبدأ، اما إذا كانت المصلحة المتوخاة تضر بالمبدأ الاساسي أو تعيق تحقيقه على أرض الواقع، فإنها لا تصبح مصلحة، بل تغدو مفسدة ينبغي نبذها وتركها. وعلى هذا الاساس تعامل العرب مع مشاريع التسوية التي طرحت للقضية الفلسطينية سابقاً بالرفض، ولم يقبلوا أياً من هذه المشاريع الا تحت الضغط والإكراه كما حصل في مؤتمر مدريد والاتفاقات التي لحقته.
أما الاستشهاد بما فعله الجنرال ديغول مع المانيا فهو لا يخدم ما يطرحه الكاتب من دعوات لدمج الكيان الصهيوني في العالم العربي في الوقت الحا ضر، فالجنرال ديغول قام بزيارة المانيا بعد ان هزمت هذه الأخيرة في الحرب ونبذت النظام الذي سبب لها ذلك وأبدت استعداداً للاندماج في محيطها الأوروبي. فما قام به ديغول جاء من موقف القوة لا الضعف، وبعد ان تخلصت أوروبا من الاحتلال الألماني ومآسيه، وليس قبل ذلك، ولو قام ديغول بهذه الزيارة التاريخية أثناء استمرار الاحتلال الألماني لأجزاء من أوروبا لانتهى هذا الجنرال من تاريخ أوروبا ولصبت عليه لعنات الأوروبيين لأنه رضخ للألمان. وهذا ما حصل في حال الصراع العربي - الاسرائيلي مع السادات الذي عقد صلحاً مع اسرائيل في ظل استمرار احتلالها للأراضي العربية.
ومن جملة الأفكار التي طرحها الكاتب ادعاؤه بأن "الورقتين الرابحتين للعرب لتعديل ميزان القوى مع اسرائيل هما: واشنطن والرأي العام الاسرائيلي"، ولا أدري من أين جاء الكاتب بهذه الفكرة الجهنمية، وكيف لم تعد القوة الذاتية الممثلة بوحدة القرار العربي أو على الأقل التنسيق والتعاون بين الدول العربية، والانسجام بين الانظمة والشعوب وتوحيد طاقات الأمة العربية، تشكل ورقة رابحة للعرب أو حتى لأي دولة تبغي ان يكون لنفسها دور في العالم فضلاً عن استعادة أراضيها المغتصبة!
إن مطالبة الكاتب بتوسيع رقعة التطبيع مع الدولة العبرية وصولاً الى اندماج المحيط العربي معها واندماجها فيه، تواجهها اشكاليتان كبيرتان يحاول الكاتب القفز عنهما أو تشويههما لخدمة فكرته غير الرائجة، فهو يحاول تصوير الصراع العربي - الاسرائيلي على انه مجموعة من الاحقاد والعداوات القبلية المستندة الى كره ورفض العنصر اليهودي، الأمر الذي يعتبر تبسيطاً غير بريء للصراع مع الاحتلال الاسرائيلي الساعي للهيمنة والسيطرة على محيطه، اضافة الى محاولة تشويه الفكر الذي يحكم الموقف العربي من اسرائيل والمرتكز الى رفض الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية والسعي لإزالته بكل الوسائل الممكنة، وهو الفكر الذي لا يرفض الوجود اليهودي التاريخي في الأرض العربية، ولا يتعامل من منطلق احقاد وضغائن على العنصر اليهودي إلا بقدر ما اقترفته الحركة الصهيونية بحق الوطن العربي. وأزعم ان أياً من التيارين القومي والاسلامي اللذين صاغا أدبيات الصراع مع الاحتلال، لم يقل بأن عداوتنا لليهود نابعة من رفضنا معتقداتهم الدينية.
والإشكالية الثانية في مقولة الاندماج انها تتعامى عن طبيعة النوايا الاسرائيلية العدوانية التي لم تنجح مسيرة التسوية في لجمها أو تحجيمها، وأنه لا يمكن بحال التعايش ما بين المحتل والشعب الواقع تحت الاحتلال. وحتى لو قبلنا جدلاً بفكرة اندماج الدولة العبرية مع محيطها العربي، فإن هذا الاندماج - وحسب ما يؤكده الكاتب نفسه في ظل تطور الامكانات والقدرات الاسرائيلية - سيؤدي الى اطلاق يد الدولة العبرية للتحكم في مقدرات الأمة، مما يستدعي السعي نحو تكامل الأمة العربية سياسياً واقتصادياً قبل التفكير في أي اندماج مع الكيان الصهيوني. وأكدت فترة حكم حزب العمل السابقة ان كل محاولات التقرب العربية لم تنجح في إلغاء الأهداف الصهيونية الاساسية المرتكزة الى الاحتفاظ بمعظم الأراضي الفلسطينية المحتلة،.
* كاتب فلسطيني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.