بدأ البرلمان الجزائري أمس الثلثاء مناقشة مسودة مشروع "قانون الوئام المدني" الذي يمنح العفو لالاف من المتمردين الاسلاميين الذين اعلنوا القاء السلاح في اطار اتفاق يهدف الى انهاء اكثر من سبع سنوات من العنف. وجاءت مداولات البرلمان بعد ساعات من تأكيد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ليل الاثنين ان الجزائر تعيش حالياً "بالتأكيد آخر اعمال" العنف التي تعانيها منذ 1992 والتي اسفرت عن مقتل قرابة مئة الف شخص. الجزائر - رويترز، ا ف ب - أبدى الرئيس بوتفليقة في خطاب الى الامة لمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين للاستقلال، تفاؤلاً بأن "الحل في متناول اليد". وقال انه "مقتنع كل الاقتناع" بأن الجزائريين "سيسامحون بعضهم البعض في الحالات التي لا يمكن فيها للسلطات العامة او الدولة ان تتدخل". واضاف: "انا مقتنع ان شعبنا الشجاع الكريم سيعرف كيف يتجاوز هذه المأساة التي عاشها وذلك بفضل تسامحه وصبره وانه سيسامح كل ما يمكن التسامح معه وانه يتطلع الى مستقبل مشرق". وتابع: "انا مقتنع كل الاقتناع ان الاستمرار في التفرقة والخلافات لن يؤدي سوى الى المأزق. ولهذا السبب قدمنا مشروع قانون الوئام المدني للبرلمان". واضاف الرئيس الجزائري: "حان الوقت ليتدخل الشعب مباشرة لفرض الحل الذي يعتبره الافضل والذي يناسبه اكثر. انا اليوم مقتنع بانني احتاج الى دعم ومؤازة شعبيين يمكنني ان اعول عليهما من اجل حل الازمة العميقة التي تتخبط فيها الجزائر". وكان بوتفليقة أعلن الاسبوع الماضي انه يعتزم استشارة الجزائريين في استفتاء شعبي على "قانون الوئام" بعد المصادقة عليه في البرلمان الذي بدأ امس مناقشة القانون، ويُتوقع ان يقره النواب في وقت لاحق هذا الاسبوع. إذ تسيطر الاحزاب الموالية للحكومة على اكثر من ثلثي مقاعد المجلس المؤلف من 380 مقعداً. واشاد عشرات النواب بمشروع القانون باعتباره تحركاً ضرورياً لاستعادة السلام بعد سنوات من القتال والمذابح. لكن صحيفة محلية مؤثرة واعضاء من حزب التجمع من اجل الثقافة والديموقراطية المناهض في شدة للاسلاميين استنكروا العفو المقترح قائلين ان الرئيس بوتفليقة يقيم سلاماً مع "قتلة". مناقشة القانون واثناء النقاش في البرلمان الذي بثه التلفزيون الحكومي على الهواء، قال حسين نية من حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية الذي يمثله 18 نائباً: "الجزائريون يرحبون باحلال السلم الذي لا يعني الغفران للمجرمين القتلة". وكتبت صحيفة "الوطن" البارزة الناطقة بالفرنسية ان سياسات بوتفليقة بمحاولة انهاء الصراع من خلال الحوار ربما تزيد الازمة سوءا. واضافت في مقال افتتاحي ان من اطلق سراحهم "اناس ربطوا ارجل وايدي المدنيين الذين ذبحهم الارهابيون ... او قاموا باعمال مراقبة لمساعدة الارهابيين في قتل الجنود". وتابعت ان "سياسة تمنح العفو لمن تورطوا في العنف هي سياسة انانية تشوه ذاكرة الاف من ضحايا ايديولوجية فاشية". وافادت صحيفة "لوتنتيك" الناطقة بالفرنسية امس ان السجون في مختلف انحاء البلاد افرجت عن 1500 متشدد الاثنين بعد يوم من اعلان العفو. لكن الجبهة الاسلامية للانقاذ قالت اول من امس ان السلطات افرجت عن 300 سجين فقط من عشرة سجون. الى ذلك، ذكرت صحف عدة ان اربعة عسكريين على الاقل قتلوا واصيب ستة آخرون بجروح خطرة في كمين نصبه اسلاميون مسلحون بالقرب من جيجل 360 كيلومتر شرق الجزائر العاصمة يوم الاحد. وقالت صحيفتا "لوكوتيديان" الصادرة في وهران و"الوطن" ان اسلاميين مسلحين وضعوا قنبلتين على طريق جبلية انفجرتا لدى مرور دورية عسكرية. وقالتا ان الانفجار اسفر عن مقتل اربعة جنود واصيب ستة بجروح خطرة، بينما اشارت صحيفتا "ليبيرتي" و"الخبر" الى ان الحادث المنسوب الى "الجماعة الاسلامية المسلحة" اوقع ستة قتلى وجريحين حالتهما خطرة. واوضحت الصحف ان الحادث وقع في منطقة ينتشر فيها "الجيش الاسلامي للانقاذ" الذي يلتزم بهدنة منذ الاول من تشرين الاول اكتوبر 1997.