تبدأ اليوم ورشة تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات في الكويت، اثر صدور المرسوم الاميري بتكليف ولي العهد الشيخ سعد العبدالله الصباح برئاستها وتأليفها. وبالتالي تبدأ الاتصالات الاولى مع النواب العائدين والجدد، ويباشر الفريقان التعرف الى نيات كل منهما بعد قرار حل المجلس السابق وما تركه من آثار، وبعد حملة انتخابية صاخبة وما حملته من تغيير في تركيبة المجلس. يفترض ان تكون اوساط الحكم قوّمت نتائج الانتخابات وما تطرحه عليها من رسائل واستنتاجات. كما انها وضعت تصوراً اولياً سواء في ما يتعلق ب"وزارات السيادة" التي تعهد عادة الى وزراء من الاسرة الحاكمة، او بالنسبة الى ترشيح نواب منتخبين لحقائب وزارية. لكن هذا التصور مرشح، في جزئه الثاني، للتعديل والتطوير في ضوء المشاورات. وامام الشيخ سعد فترة تمتد الى السبت 17 تموز يوليو، اليوم المحدد لانعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس الامة، كي ينجز تشكيل حكومة يتمناها الجميع "قوية" ومؤهلة لايجاد دينامية تفاعل بينها وبين المجلس. لكن الاستشارات الحكومية ستنطوي ايضاً على بلورة ملامح "معركة" رئاسة المجلس، بل يعتقد نواب عديدون انها ستكون جزءاً من "رزمة توافق" على الحكومة ورئاسة المجلس معاً. وتتوقع مصادر نيابية واخرى قريبة الى الحكومة الحالية ان تنتصر فكرة المجيء بحكومة جديدة تستطيع الاستمرار في نهج العمل الذي اتبع في غياب المجلس، ولكن هذه المرة في حضوره، "باعتبار ان تجربة هذا النهج كانت مجدية بل مفاجئة احياناً بمدى ابتعادها عن نهج سابق يتفق الطرفان على ضرورة تغييره"، على حد قول قطب برلماني. ويعني ذلك الحفاظ على "اللجنة الوزارية" التي نجحت الى حد بعيد في تحديد الاولويات واقتراح القوانين التي تستجيب طموحات اجتماعية وشعبية حقوق المرأة، التوظيف، الاسكان، الاستثمار… ولا تشكل، بمعزل عن قانون حقوق المرأة، محكاً لخلافات. من المؤكد ان المراسيم - القوانين التي اصدرتها الحكومة في غياب المجلس، واحالتها على المجلس الجديد، ستكون موضوع الاحتكاك الاول والمبكر بين الحكومة والمجلس. وقد لا يقع الخلاف على المضمون وانما على الشكل اي على الشرعية الدستورية لهذه المراسيم. فمن اصل 60 مرسوماً هناك اربعون اقترحها النواب سابقاً ولم يتمكنوا من اقرارها، وعشرون كانت طرحتها الحكومة. ويبدو ان النواب سيصرون على ان يكون المجلس هو السلطة التي تصدر هذه التشريعات، وليس الحكومة. كما انهم سيصرّون على احترام نص المادة 71 من الدستور التي تفترض "صفة الاستعجال" في اي مرسوم تصدره الحكومة بمعزل عن المجلس. لكن التعارض في وجهات النظر لا يستبعد امكان الاتفاق، خصوصاً ان للمجلس تجربة اتبعها في السابق لحل مثل هذه الاشكالات. فعندما يتم التوافق على مرسوم يصار الى اعادة اصداره عن المجلس بصيغة "مشروع قانون" مع تعديلات او من دونها. ويلح نواب التيار الاسلامي على اعتبار قانون حقوق المرأة مخالفاً للدستور، على رغم تمتعه ب"رغبة اميرية"، ويقولون ان صفة الاستعجال لا تنطبق عليه. لكن المؤيدين لهذا القانون يستعدون لمواجهتهم على اساس "ان الاعتراف بحقوق المرأة تأخر زمناً طويلاً جداً بالمفهوم العام، أو أنه تأخر على الأقل منذ نشوء الدولة في الكويت"، بحسب تعبير نائب متحمس من كتلة المستقلين. وتتوقف سرعة إقرار المجلس المراسيم الجديدة، إلى حد كبير، على "قيادة المجلس"، أي على رئاسته ومكتبه. ومنذ ظهور نتائج الانتخابات ساد انطباع مشفع بأرقام بأن الرئيس السابق أحمد السعدون يتمتع بالحظ الأوفر للعودة إلى منصبه. لكن أوساط منافسه جاسم الخرافي تقدم بدورها أرقاماً لعدد من يؤيدونه، تدحض ذلك الانطباع. لكن الجميع يعتبر ان الكلمة الفصل في هذا الشأن ستكون للحكومة، وأن الموقف الحكومي من السعدون سيظهر في التشكيلة الوزارية نفسها. ويتردد في بعض الأوساط النيابية ان الخرافي نفسه قد يعرض عليه منصب وزاري مدعم بمنصب نائب لرئيس الوزراء، لكن أحداً لم يؤكد أمس هذه المعلومات. وكانت الصحف الكويتية أكثرت أخيراً من اشاراتها إلى ان النائب الأول الحالي لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الأحمد الصباح سيلعب دوراً أساسياً وتشاورياً في اختيار تشكيلة الحكومة الجديدة. وأوضحت مصادر شبه حكومية ل"الحياة" ان هذا الدور المرتقب للشيخ صباح يشبه صيغة العمل التي اتبعها في الحكومة خلال الشهرين الماضيين، مع فارق ان الحكومة ستكون جديدة وأنها تأتي بعد حل المجلس والانتخابات. وتؤكد هذه المصادر وجود نية لاتباع نهج جديد في العمل الحكومي. أما بالنسبة إلى التغييرات المتوقعة في المجلس الوزاري الجديد فقد كان الوسط السياسي والنيابي يتداول أمس معلومات غير مؤكدة عن تغيير أو تبادل حقائب بين وزراء الأسرة، أي في الدفاع والداخلية والمال، وربما النفط، تحديداً.