في أيام الدراسة الجامعية، أنشأنا نحن طلاب معهد الصحافة في الجامعة الاميركية في القاهرة، نادياً أطلقنا عليه اسم "نادي العلاقات الدولية" كنّا ندعو اليه محاضرين من الخارج، من ديبلوماسيين وصحافيين ومؤرخين، لكي نستنير بتجاربهم الخاصة وآرائهم في الأحداث الجارية في العالم، ولا سيّما لأننا كنا اذ ذاك في خضم الحرب العالمية الثانية، وبنا حاجة الى الاستهداء بآرائهم في متابعة أمور الدنيا من حولنا. وبينما كنا نتدارس الاسماء المرشحة من المحاضرين، اقترح زميلنا سمير سوقي 1920 - 1997 - الذي اصبح بعد ذلك صحافياً مرموقاً سواء كمراسل لوكالة اليونايتدبرس الاميركية، او كمراسل لمجلة "نيوزويك" الشهيرة - ان يدعو قريبه الصحافي كريم تابت لكي يحاضرنا عن تجاربه في الصحافة، ولا سيما لأنه اشتهر وقتها بين الصحافيين بأنه حقق الرقم القياسي في مقابلة زعماء العالم. ورحّبنا بهذا الاقتراح، واحتشدنا في القاعة الشرقية بالجامعة للاستماع الى هذا الصحافي، وكان ذلك يوم الأربعاء 7 شباط فبراير 1940، وهي المرة الاولى التي رأيت فيها كريم تابت وجهاً لوجه. كان قصير القامة، ممتلئ الجسم، ناحل الشعر، له أنف اقنى ويدان ضخمتان تشبه اظافرهما أظافر الصقر. وكان بادي الأناقة، يُطعّم حديثه بالنوادر والفكاهات، ويتحدث حديث الواثق. ارتجل كريم تابت كلمته ملتمساً الصفح لأن اللغة الانكليزية هي لغة ثالثة بالنسبة اليه، فالفرنسية هي لغته الاجنبية الأولى، ومع ذلك استطاع ان يعبّر عن مقاصده بغير كبير مشقّة. وقلنا له اننا نحب ان يروي لنا أطرافاً من الأساليب التي كان يتبّعها في مقابلة زعماء العالم، فانطلق يتحدث عن لقائه بالفوهرر هتلر زعيم ألمانيا النازية، والدوتشي موسوليني زعيم الفاشية الايطالية، والزعيم الهندي المهاتما غاندي، والزعيم البولندي جوزيف بلسودسكي، والأمير فيصل ملك العراق في ما بعد والممثل المشهور شارلي شابلن. فقال انه كان يدرس شخصية كل من هؤلاء، مُركّزاً على هواياته، حتى اذا ما تكاملت لديه صورة جلية لمعالم الشخصية المعنيّة، سافر على نفقته الخاصة الى العاصمة المقصودة، واستعان هناك برجال القصر على مقابلة الزعيم والتحدث معه، جاعلاً هوايته الخاصة مدخلاً إلى احاديث السياسة. وكان في نهاية كل لقاء يطلب من الزعيم إهداءه صورة فوتوغرافية ممهورة بإمضائه، وهكذا استطاع ان يقتني مجموعة كبيرة من الصور المطرزة بتوقيعات اصحابها، وقد رأيتها متراصّة على آلة البيانو في بيته. ومن طريف ما ذكره في تلك المحاضرة انه توجّه الى منطقة الأهرام عندما زارها شارلي شابلن الذي أبدى رغبته في ركوب جمل هو وشقيقه المرافق، فركب كريم تابت جملاً ثالثاً وأجرى حواره مع الممثل من على ظهور الإبل. وعندما علم ان المهاتما غاندي الهندي مسافر بالباخرة عن طريق قناة السويس الى لندن، توجه الى بورسعيد، وصعد الى الباخرة في فترة تزوّدها بالوقود، وأجرى حديثه مع هذا الزعيم. وكنا معشر الطلاب آذاناً صاغية لهذه المحاضرة الجميلة التي اورثتنا اعجاباً بهذا الصحافي الذي كان يتكبّد كل هذه النفقات والمشاق في سبيل ان يحقق أمنيته في مقابلة جميع زعماء العالم، ان أمكن. وهكذا اشتهر كريم تابت بين أنداده بأنه الصحافي الذي يدفعه طموحه الى الوصول الى الملوك والرؤساء والأمراء بجهده الخاص وبغير التوكّؤ على اي هيئات للاستعلامات او وزارات للاعلام أو غيرها من الهيئات المشابهة. وهذه الرغبة في الكتابة عن الملوك هي التي أوحت اليه بكتابة الحلقة العشرين من سلسلة "إقرأ" عن الملك فاروق، وقد ظهرت هذه الحلقة في شهر آب اغسطس 1944 عن دار المعارف بمصر. ومع ان هذا الصحافي كان مشدوداً بما يشبه الأمراس الى القصور وأرائك الحكام، فقد كنتُ الاحظ انه يفرد الصفحة الأولى من جريدته للحديث عن الغلاء الفاحش، لأن الخادم الذي يعمل عنده عاد من السوق وأنهى اليه ان ثمن الطماطم زاد مليمين، وثمن الخيار ارتفع مليماً، وثمن اللحم "تحرّك" - بتعبير أيامنا الحاضرة!- بمقدار خمسة مليمات! صفحة كاملة هي الصفحة الاولى من الجريدة لا تعالج قضايا السياسة او اخبار البيروقراط، وإنّما ترفع شكاوى المواطنين من هذا الغلاء الفاحش الذي لا قِبَل لهم باحتماله! ثم يمهر المقال بتوقيعه، ولا يجد غضاضة في ذلك، لأن اتصاله بالملوك في قصورهم لا يحول دون اهتمامه بقضايا المواطنين وخبزهم اليومي. ولهذا لم استغرب منه ان يكلّفني - عندما بدأت العمل معه - بأن أذرع شوارع القاهرة في المناطق الشعبية طولاً وعرضاً، وان استوقف المارّة لأسألهم عن مشكلاتهم في الحيّ الذي يقيمون فيه وان يخصّ صفحة كاملة كل اسبوع من جريدته لرفع شكاوى الناس، مرّة في شارع شبرا، ومرة في شارع محمد علي، ومرّة في شارع الجيزة، ومرّة في شارع فاروق، وهلم جرّا. وكان يقول لي ان الصحافي الذي ينفصل عن قضايا الشارع يحكم على مستقبله بالفشل والخذلان. عرفت كريم تابت عن قرب عندما استدعاني - بغير معرفة شخصية سابقة - للعمل معه في تحرير جريدة "المقطم" عندما أُسندت اليه رئاسة تحريرها في أول آذار مارس 1945، وكنت إذذاك اعمل في أقسام الادارة بجريدة "الأهرام" محاولاً الانتقال الى اقسام التحرير بغير أن اوفق الى ذلك، لأن اقسام الادارة وأقسام التحرير كانت مستقلة تماماً ويمتنع الانتقال بينهما. ولهذا حيل بين الشاعر فؤاد بليبل والشاعر صالح جودت 1912 - 1976 اللذين كانا يعملان في اقسام الادارة وبين الانتقال الى اقسام التحرير. ولهذا رحّبت بدعوة كريم تابت، وكان يحمل وقتها رتبة الباشوية، ويجمع بين مناصب اخرى هي المسشار الصحافي لديوان جلالة الملك، ومستشار محطة الاذاعة المصرية، وعضو مجلس ادارة شركة قناة السويس. ولئن كان قد احتلّ المنصب الذي كان يشغله والده خليل تابت بك 1870 - 1964 في رئاسة تحرير الجريدة - وكان خليل بك عضواً معيناً في مجلس الشيوخ، وكان محظوراً على الملك ان يُنعم برتب او ألقاب على اعضاء مجلسي البرلمان، فبقي الأب بيكاً في حين صار الابن باشا، ولم ينل خليل بك رتبة الباشوية الا بعد انتهاء عضويته في مجلس الشيوخ - فقد استُبقي خليل بك في الجريدة يصرّف امورها الادارية والتحريرية، ويكتب مقالات الصدر تعليقاً على الأنباء المحلية والعربية والعالمية. ولعلّي اصبحت وقتها اقرب المحررين الى كريم باشا والى ابيه، وكانا يعاملانني - لحداثة سنّي - معاملة أبوية حانية ولا يضّنان عليّ بأي توجيه او مساندة أدبية، لأن الاحتكاك اليومي المباشر بين المحرر المبتدئ ورئيس التحرير المجرّب كان كفيلاً بأن يتدارك اوجه القصور في عملي، وينبهني الى امور غائبة عن فطانتي. كان كريم تابت يعاني من آلام في شرايين ساقه اليمنى، فيضطر الى رفعها على مقعد، وكان بسبب ذلك يتفادى المناسبات التي تقتضيه ان يقف على ساقيه وقتاً طويلاً، حتى وإنْ كانت مناسبت رسمية. وكنت ألاحظ ان المقالات السياسية التي يكتبها كريم تابت تُنشر إما في مجلة "المصور" او في جريدة "أخبار اليوم" وربما أُعيد نشرها بعد ذلك في "المقطم". فكنت اقول له: أليست جريدتك أحقّ بهذه المقالات؟ فكان يقول ان عمله في القصر الملكي يجعل منه صحافياً مُشاعاً بين جميع الصحف، ولا يصحّ ان يحتكر لجريدته كل شيء. وقال لي انه عندما رافق الملك فاروق في رحلة بحرية للقاء عاهل الجزيرة الملك عبدالعزيز آل سعود في رضوى - عام 1948 - ولم تكن له وقتها أي صفة رسمية في القصر، حرص على ان يبعث برسائلة الصحافية عن هذا اللقاء الى القصر ليقوم بتوزيعها على جميع الصحف فلا تُختصّ بها الجريدة التي يعمل بها. وعندما تولى كريم ثابت رئاسة تحرير "المقطم"، كان قد اتفق مع الدكتور فارس نمر باشا 1856 - 1951 وهو الوحيد الباقي على قيد الحياة من مؤسسيها الثلاثة يعقوب صروف 1852 - 1927 وشاهين مكاريوس 1853 - 1910 على ان يعمل على استحداث مطابع جديدة عوضاً عن مطابعها العتيقة التي رافقتها منذ إنشائها في عام 1889، وإدخال مستحدثات الطباعة من صور واخراج فنّي بحيث تخرج الجريدة من المطبعة لا مطوية بحجم الكتاب - كما كان شأنها دائماً - بل مطوية مثل سائر الصحف اليومية. كما كان يعتزم تطوير اقسام التوزيع والاعلانات فيها توسيعاً لنطاق انتشارها وزيادة لايراداتها. ولكن عزّ على نمر باشا وكان وقتها في التاسعة والثمانين من عمره ان يرى الحاجة الملّحة الى هذه التجديدات مع ما تنطوي عليه من نفقات باهظة يقع عبئها الأكبر عليه. فأدّى ذلك الى خلاف عميق بين افراد اسرة "المقطم" المتصاهرة، دفع بكريم تابت الى رفع قضية على نمر باشا مطالباً بتصفية الجريدة وتوزيع حصيلة التصفية على الشركاء بنسبة مساهماتهم فيها. وانتظاراً لحكم القضاء هجر كريم تابت ووالده الجريدة في عام 1948 وتركاها في ذمة مجلس من محرريها وإدارييها. ثم توفي نمر باشا في كانون الاول ديسمبر 1951 وتعثرت الجريدة الى ان اغلقت في اواسط تشرين الثاني نوفمبر 1954. ولد كريم تابت في القاهرة عام 1903، وإن تكن أصوله لبنانية من دير القمر، وتعلّم في المدارس الفرنسية الى ان نال شهادة البكالوريا. ولأنه كان ينتمي الى اسرة كل مَنْ فيها يشتغل بالصحافة، خاض ميدان العمل الصحافي في سن مبكرة نسبياً ولم يتابع الدراسة الجامعية، فعمل في صحف كثيرة منها "السياسة" لمحررها الدكتور محمد حسين هيكل باشا 1888 - 1956 وصحف دار الهلال، وأصدر في عام 1926 مجلة "العالم" ولكنها لم تعمّر طويلاً. ثم اشترك مع محمد التابعي 1895 - 1976 ومحمود أبو الفتح ت 1958 في اصدار جريدة "المصري" اليومية التي استقلّ بها ابو الفتح بعد ذلك، ولكن كريم تابت قضى معظم حياته العملية في دار "المقطم". وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية في عام 1939، خرج كريم تابت على قراء جريدته بمقال دعا فيه الى "اعلان الحرب على ألمانيا". وقال: "يجب ان نقرر اننا في حالة حرب فعلاً. اما ماذا نكسب؟ نكسب كثيراً، نكسب حق المساهمة في مفاوضات الصلح، ونكسب حق الجلوس الى مائدة الصلح والاشتراك في امضاء معاهدة الصلح. ونكسب ما يجب ان يؤول الينا من غنائم الحرب وأسلابها…". وقد علق جان ليغول رئيس تحرير جريدة "لا بورس إيجبسيين" على اقتراح كريم تابت في الكتاب الذي اصدره عام 1945 باللغة الانكليزية بعنوان "مصر والحرب العالمية الثانية". فقال: "إن كريم تابت الصحافي ذا الموهبة الفريدة والذي أبدى دائماً رعاية محمودة للصالح العام، قد ساق هذا الاقتراح الذي عارضته جريدة "البلاغ" المنافسة لمحررها عبدالقادر حمزة باشا 1879 - 1941 الذي كان وقتها ناطقاً غير رسمي باسم الحكومة، وانتهى حمزة باشا الى ان هذا الاقتراح كفيل لا بالكسب بل بالخسارة بالنسبة لمصر". وأياً كان الأمر، فقد كان كريم تابت جريئاً في عرض اقتراحه الذي أُخذ به عند اقتراب الحرب من هايتها ووافقت حكومة احمد ماهر باشا في عام 1945 على اعلان الحرب رسمياً على دول المحور. وفي تشرين الثاني نوفمبر 1943 عُقد في فندق ميناهاوس بالقاهرة في سرية تامة بسبب الحرب العالمية الثانية مؤتمر قمة - بالتعبير الدارج اليوم - بين ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا وفرنكلن دلانو روزفلت رئيس الولاياتالمتحدة وشيانغ كاي شيك رئيس دولة الصين، وصدر عن هذا المؤتمر "إعلان القاهرة" الذي تضمّن حشد الجهد الحربي لدول الحلفاء ضد اليابان. وعُقد وقتها مؤتمر صحافي شهده كريم تابت وكبار الصحافيين، حيث أُطلع الصحافيون على مضمون "إعلان القاهرة"، ولكن حُظر عليهم نشره او اذاعته قبل الساعة الخامسة مساء. وكانت جريدة "المقطم" - وهي مسائية - تصدر كل يوم طبعتين، أولاهما في الساعة الثانية عشرة ظهراً لتلحق بالقطارات المتجهة الى الوجهين البحري والقبلي، وثانيتهما في الساعة الثانية بعد الظهر لتلحق بموعد خروج الموظفين من المصالح الحكومية التي يعملون فيها - وكان الموظفون يشكلّون قراء الصحف في المقام الاول. وأدرك كريم تابت استحالة نشر "إعلان القاهرة" في موعد صدور الطبعة الثانية بسبب الحظر، وخشي ان يؤجله الى اليوم التالي فتسبقه جميع الصحف الصباحية. فقرّر - ربما للمرة الأولى في تاريخ الجريدة - تأخير الطبعة الثانية من موعدها في الساعة الثانية مساء الى الساعة الخامسة مساء لكي ينفرد بنشر "إعلان القاهرة". وفي شهر كانون الثاني يناير 1946 زار الملك عبدالعزيز آل سعود مصر زيارة رسمية، فتقرر في إثرها إيفاد بعثة ودّية الى المملكة العربية السعودية قوامها مراد محسن باشا ناظر الخاصة الملكية والكاتب عباس محمود العقاد 1889 - 1964 وكريم تابت حيث استقبلهم الملك عبدالعزيز ورحّب بهم بنفسه. وقد وصف العقّاد هذه الزيارة في مقالين نشرهما في مجلة "الرسالة" في شهري كانون الثاني يناير وشباط فبراير 1946. واختير كريم تابت وزير دولة في وزارة حسين سري باشا التي ألفت في شهر تموز يوليو 1952 قبل قيام الثورة بثلاثة ايام. وفي 27 تموز يوليو من نفس السنة، اعتزم كريم تابت السفر الى الخارج، وركب الطائرة التي غادرت مطار القاهرة فعلاً، ولكن تعليمات صدرت الى قائد الطائرة بالعودة الى المطار، وتمّ إنزال كريم تابت منها ليبدأ مرحلة من التحقيقات والمحاكمات امام المحاكم الاستثنائية التي انشئت في ذلك الوقت، امام محكمة الغدر اولاً ثم امام محكمة الثورة، وحكم عليه بحرمانه من حقوقه السياسية والاجتماعية ومصادرة جميع ممتلكاته، بما في ذلك أمواله وأموال زوجته - وهي صغرى كريمات الأديب سليم سركيس 1869 - 1926 صاحب "مجلة سركيس" - مما زاد على ما كانا يملكانه قبل 27 ايار مايو 1946، ودخل السجن محكوماً عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة. وقد قامت زوجته بشراء أمتعة منزلها من مالها الخاص عندما بيعت بالمزاد العلني. وفي سنة 1954، وكان كريم تابت ما زال يقضي مدة العقوبة المؤبدة في السجن، فُوتح في الافراج عنه لاعتبارات صحية، بشرط ان يدوّن مذكراته السياسية لاستخدامها في إدانة الملك فاروق، فشرع في تدوين هذه المذكرات، واكتُفي بنشر الحلقات المتعلقة بفاروق في جريدة "الجمهورية" وأفرج عنه مقابل هذا العمل. واعتزل كريم تابت الحياة تماماً، وقلّ ان كان يغادر بيته الى ان اصيب بسكتة دماغية في شهر آذار مارس 1964 قضت عليه. ولم يُنشر له في الصحف الا نعي من بضعة أسطر يشتمل على اسم وموعد تشييع الجنازة من دون إيراد اسماء الأقربين من افراد عائلته كما هو معهود في المناعي. وعندما قرأت النعي، شككت في بادئ الأمر في أن يكون هو المقصود، ونازعتني نفسي في مهاتفة منزله للتحقق من الواقعة ولكنني ادركت من هذا التجهيل ان الراحل هو كريم تابت وليس سواه. وشهدت جنازته المتواضعة في الكنيسة، وكان يجلس الى جواري الأديب الصحافي حبيب جاماتي 1887 - 1968. وعندما بدأ الكاهن الصلاة قال ما مؤداه: نزولاً على رغبة من لا أملك لرغبتهم رداً، فلن استطيع ذكر اسم الفقيد طوال مدة الخدمة، وهي عبارة كررها في ختام الخدمة، فتبادلتُ مع جاري الجاماتي نظرات الدهشة! وقد تكرّر نفس الشيء في ذكرى الأربعين، على رغم ان صورة كريم تابت كانت تتصدّر قاعة الكنيسة مجلّلة بالسواد. ومن تصاريف القدر ان كريم تابت توفي عن 61 عاماً قبل وفاة والده الشيخ - وكان قد عاد الى لبنان - بأربعين يوماً، وكان عمر خليل تابت وقتها 94 عاماً. وقامت الأسرة بكتمان خبر وفاة الابن إشفاقاً على الشيخوخة الفانية لأبيه. * كاتب مصري.