وراء رعشة إطلاق موديل "بوكستر" الذي كان أول ثمار إعادة تنظيم بورشه بقيادة رئيسها فيندلن فيديكينغ منذ صيف 1993، نُثِرَت خريف 1996 حبّات سمعةٍ قد تدوم عقوداً بعد إنتهاء إنتاج الموديل. ف"بوكستر" هو من طينة تلك الموديلات التي تُذكر بعد إطلاقها بعشرين أو ثلاثين سنة أو أكثر بقول مثل: "هذا الموديل أعاد صانعه الى سكة النجاح... وهو الذي حمى إستقلالية الشركة في إنتظار إطلاق الجيل الجديد من موديل "911" خريف 1997". ومثلما إشتُقّ "بوكستر" يُعرَف أيضاً برمز 986 جزئياً عن شقيقه "911" 996 الذي أطلق خريف 1997، من دون أن يكون إحدى فئاته على الإطلاق، بل عرضاً مختلف التسعير والتوجه والأداء، ستُطلق بورشه موديلَ "بوكستر إس" الخريف المقبل كعرض جديد مختلف عن "بوكستر" الأساسي وعن "911" في آن. صحيح أن "بوكستر إس" حظي بما لا يقل عن 30 في المئة من المكوّنات الجديدة، ما قد يجيز لبورشه إعتباره موديلاً جديداً لا فئة ثانية من "بوكستر"، لكن الصحيح أيضاً هو أنه ليس موديلاً جديداً بالمعنى الكامل للكلمة، على الرغم من أهمية تعديلات محرّكه وعلبتَيه وتعليقه ونظام كبحه وتجهيزاته، بل هو عرضٌ جديد عميق التغيير عن "بوكستر" الأساسي. وغالباً ما نجحت بورشه في تنويع عروض كل من موديلاتها في حدود تتعدى تباين فئات الموديل الواحد لدى معظم الصانعين. فموديل "911" يتفرّع الى فئات، أو موديلات عدة مقترحة بالدفع الأمامي أو الرباعي، كوبيه أو كابريوليه، مع توربو أو من دونه. وهكذا تزداد اليوم سعة محرّك "بوكستر" من 5.2 الى 2.3 ليتر في "بوكستر إس"، مع الفوارق الأخرى. بل تمضي إستراتيجية التنويع حتى التحرر تدريجاً من التبعية لقطاع السيارات الرياضية البحتة، عندما ستُطلِق بورشه في العام 2002 موديلها الرباعي الدفع الترفيهي صيغة قريبة من الجيبات لكن بسلوك رياضي يتجانس مع صورة بورشه الذي سيُنتج بالتعاون مع مجموعة فولكسفاغن. قد لا تتوافق كلمة "تبعية" كثيراً مع شركة تحرص على إستقلاليتها الى هذا الحد. فهي الماركة الرياضية الوحيدة التي لا تزال تفتخر بالربح من إنتاج محدود نسبياً، من دون الإنتماء الى أي مجموعة عملاقة، خلافاً حتى لماركات فيراري أو مازيراتي اللتين تصابان بالزكام إن عطسَت فيات، أو لامبورغيني التي لم يعد أملها في الإستمرار إلا بفضل فردينان بيش، رئيس مجموعة فولكسفاغن، أو حتى ماركات رياضية عريقة كثيرة يقرر مصيرها ضمن مجموعات عملاقة. ومقارنة بفيراري أو مازيراتي أو لامبورغيني مثلاً، لا تنتج بورشه سنوياً بالمئات أو الآلاف المعدودة على أصابع يد واحدة، بل نحو أربعين ألفاً حسب التقديرات للسنة المالية الجارية، ومعظمها من السيارات التي تمكن قيادتها أيضاً الى العمل يومياً، لا للعرض فقط في مناسبات محدودة. لذلك فإن بدا حصان شعار فيراري أكثر جموحاً من حصان درع بورشه، يبقى الأول عرضة للزحف إن أغلقت فيات حنفيتها عنه، بينما لا يعود نهوض حصان بورشه إلا الى بورشه ذاتها. بذلك تمثّل الماركة الألمانية عبر تاريخها الممتد على 51 عاماً، مثالاً حياً على إمكان النجاح في إستقلالية عن المجموعات العملاقة، طالما توافرت إستراتيجية إنتاج مرنة وقدرة إبتكار مستمر. لا شك أن هناك أيام بحبوحة وأياماً أخرى صعبة، لكن تلك تسري على الجميع، من الكبار الى الصغار. وفي مفهوم "المصنع الإفتراضي" Virtual factory الذي يتحدّث عنه فيديكينغ، أحد أبرز أمثلة المرونة الإنتاجية الضامنة لبقاء الصانعين المتواضعي الإنتاج نسبياً. فعوضاً عن تحمّل أعباء زيادة الإنتاج بشراء مزيد من الآلات وصيانتها وتطويرها، وزيادة مسؤولية الرواتب التي تصبح وزراً منهكاً في أزمنة تراجع المبيعات، توسّع بورشه إنتاجها بإيلاء ما يزيد عن طاقات مصنع زوفنهاوسن الإنتاجية الى أطراف خارجية مثل فالمت الفنلندية تنتج بضعة آلاف من موديل "بوكستر" أو فولكسفاغن التي ستتولى إنتاج الموديل الرباعي الدفع المقبل. لمَ الرزوح تحت مسؤوليات إنتاج ما يمكن أن ينتجه الآخرون بجدية خاضعة للرقابة، طالما يمكن لبورشه تركيز نشاطاتها على الأبحاث والتطوير في مركز ويساك الذي لا تنحصر نشاطاته بماركة بورشه وحدها؟ تلك مرونة تتطلّب ثقة كبيرة بالقدرات الإبتكارية لأن أهم مقوّمات الشركة تصبح بحوثية وعلمية، لا إمتلاكية لوسائل إنتاج مادية ضخمة بالضرورة. عند إطلاق "بوكستر"، أملت بورشه بإنتاج 15 ألف وحدة منه سنوياً. لم تمر السنة المالية الأخيرة 1/8/1997 الى 31/7/1998 حتى نما إنتاج الموديل الى 18800 وحدة، بينما تتوقّع الشركة اليوم إنتاج عشرين ألف "بوكستر" في السنة المالية المقبلة، ثلثها "بوكستر إس"، بعد تخطي مجموع الإنتاج "بوكستر" و"911" أربعين ألف وحدة للسنة المالية المنتهية آخر الشهر الجاري. وللتذكير، بلغ إنتاج بورشه 20132 سيارة في السنة المالية 1995/1996 التي سبقت إطلاق "بوكستر" مباشرة، علماً بأن أوج إنتاج الشركة ناهز 50 ألف وحدة في 1986... وحضيضه 15 ألفاً في 1993. توقعات؟ غالباً ما صدقَت توقعات بورشه في السنوات الأخيرة... فالحصان الذي لا يبالغ في جموحه يرى طريقه بوضوح. ست نسب أو "تيبترونيك إس" تأتي "بوكستر إس" بعلبة يدوية ذات نسب أمامية ست، أو "تيبترونيك إس" تجهيز إضافي. العلبة اليدوية مطوّرة عن علبة "911"، مع ضبط خاص لتبلغ سرعة "بوكستر إس" 230 كلم/ساعة بالنسبة الخامسة، و260 كلم/س بالسادسة عند 6300 د.د. في "تيبترونيك إس" 5 نسب أمامية التي لا تحب بورشه وصفها بالأوتوماتيكية، يمكنك الإختيار بين الأداء الأوتوماتيكي البحت في الوضعية اليمنى لمقبض الغيار، D، أو اليدوي من دون دوّاسة تعشيق في الوضعية اليُسرى للمقبض، M، مع الكبس من المقود على " للغيار صعوداً، و - للغيار نزولاً. تطيعك "تيبترونيك إس" بسرعة عموماً حتى بلوغك حد القيادة الشديدة الرياضية التي تصبح فيها العلبة اليدوية أكثر طاعة في إستجابتها لغيارك عند الخفض، خصوصاً قبل دخول المنعطفات. فالعلبة اليدوية ستطيعك فوراً في النزول الى نسبة أدنى قبل المنعطف، في معزل عمّا إذا كان عدّاد سرعة دوران المحرّك سيدخل المنطقة الحمراء أو لا. لكن في القيادة العادية الى الناعمة الرياضية، ستجد غيار "تيبترونيك إس" ممتاز التتابع، وبسلاسة رائعة تستهوي خصوصاً محبي القيادة الناعمة عموماً، والمعتدلة الرياضية من وقت الى آخر. ومن الفوارق الملفتة في "تيبترونيك إس"، ستجد الكيكداون في تصرّفك في وضعية D وحدها، مع إمكان النزول حتى 3 نسب فوراً حسب ضغط قدمك على الدوّاسة، إن لم يشكّل ذلك خطراً على إرتفاع سرعة دوران المحرّك الى المدى الأحمر فوق 7200 د.د. أما وضعية M فهي "تعتبر" أنك إخترتَ الغيار اليدوي، وفي الغيار اليدوي ليس هناك كيكداون أساساً. في المقابل، تجيز لك وضعية D الغيار الموقت بأزرار المقود مع الإحتفاظ بالنسبة المختارة ثماني ثوانٍ قبل العودة الى التشغيل الأوتوماتيكي إن لم تكن السيارة في منعطف أو في ظروف تتطلب المحافظة على النسبة ذاتها، كالمنحدرات للمحافظة على الكبح المحرّكي. تتوقّع بورشه بيع نحو 20 في المئة من "بوكستر إس" بعلبة "تيبترونيك إس" التي تتضمّن خمس برامج مختلفة للغيار حسب نمط القيادة وطبيعة الطريق. التعديلات الشكلية خلافاً لكثرة التغييرات التقنية وعمقها بين "بوكستر" و"بوكستر إس"، معظم التغييرات الخارجية تجميلي، ولو لعب بعضها أدواراً وظيفية، كتلبية زيادة حاجة المحرّك الى الهواء بفتحة التهوئة السفلية الثالثة في أسفل المقدّم، أو في إعتماد عجلات ال17 بوصة كتجهيز أساسي لتحمّل زيادة القوة والسرعة. شكلياً، يُلاحظ لون التيتانيوم الرمادي حول فتحتَي التهوئة الجانبيتين، وإنتهاء العادم بأنبوبين إثنين.عدّادات لوحة القيادة بيضاوية الخلفية ومحاطة بحلقات ألومينيوم متجانس مع لمسات المعدن ذاته في مقبض غيار السرعات وفي لسان فتح الباب وبعض مسند الذراع تحته، بينما حظي وسط المقعدَين بقماش الألكنترا، وغُلّف المقود وغمد غيار السرعات والمكبح اليدوي بالجلد. وتحسّن مستوى هدوء المقصورة بفضل البطانة الداخلية الجديدة لغطاء السقف، ليمكن التحدث من دون إستنهاض الحنجرة حتى بلوغ نحو 160 كلم/ساعة. بالسقف المكشوف، لا يزعج الهواءُ الوجهَ حتى سرعات 200-220 كلم/ساعة، لكن مع عاكس الهواء البلاستيكي وراء رأسَي الراكبين. طبعاً، لا تناقش الراكب في آخر شؤون الساعة بعد سرعة 120 كلم/ساعة. تجهيزات أساسية أخرى { تحريك كهربائي للسقف والنافذتين والمرآتين. { تحريك كهربائي لظهرَي المقعدين يدوي للرفع/الخفض والتقديم/الإرجاع. { هوائي مضمّن في الزجاج الأمامي. { مقود قابل للتحريك عمقاً في مدى 4 سنتم وليس إرتفاعاً. { أقراص الكبح الأربعة مهوّأة ومثقّبة، مع مانع الإنزلاق الكبحي ABS. { أربع وسادات هوائية، إثنتان مواجهتان والأخريان جانبيتان للحماية من الورك الى الرأس. { نظام إنذار من السرقة مع راصد بموجات ذبذبات في المقصورة لكشف دخول أي جسم غريب حتى إذا كان السقف مكشوفاً. { نظام مانع لتشغيل المحرّك من دون المفتاح الأصيل. { عجلات ألومينيوم: 7 x 17 بوصة في المقدّم مع إطارَي 205/50 زد آر، و 17 x 5.8 بوصة في المؤخّر مع إطارَي 255/40 زد آر. { مصباحا ضباب أماميان. أبرز خياراتها الإضافية { علبة "تيبترونيك إس". { مانع الإنزلاق الدفعي يمكن فصله بكبسة زر. { نظام بورشه للإتصالات يشمل الملاحة الإلكترونية والتلفون والنظام السمعي والتكييف الآلي الضبط، وكومبيوتر السيارة. { الضبط الآلي للسرعة كروز كونترول { المساعد الصوتي للتوقف. { غطاء ألومينيوم. { تحريك كهربائي كامل للمقعدين. { تلبيس جلدي للمقعدين. { تلبيس خشبي أو ألومينيوم أو ألياف كربون لبعض عناصر المقصورة. { أنظمة سمعية مختلفة. { عجلات ألومينيوم: 5.7 x 18 بوصة مع إطارَي 225/40 زد آر، و 9 x 18 بوصة في المؤخّر مع إطارَي 255/40 زد آر. { نظام تعليق أكثر قسوة ويخفّض الهيكل 10 ملم.. المحرّك: من 5.2 الى 2.3 ليتر بدأ تطوير "بوكستر إس" بتوسيع أسطوانات المحرك الست المتقابلة أفقياً، من 5.2 الى 2.3 ليتر، فإزدادت القوة من 204 أحصنة/6000 د.د. الى 252 حصاناً/6250 د.د. وعزم الدوران من 245/4500 د.د. الى 305 نيوتون-متر/4500 د.د. وكالمعهود لدى بورشه، لأداء المحرّك وجهان، الأول سمعي رائع النغمة من موقعه الوسطي بين المقصورة والمحور الخلفي، لضمان سلوك ممتاز برشاقته وسلامته في آن، بينما تجد الثاني في تعبير "بوكستر إس" عن أجمل وجوه أدائها الرياضي بترك عقرب دوران المحرّك يلعب بين 3000 و7200 د.د. بل يعبّر المحرّك عن وجه ثالث لا يقل أهمية عن السابقين، بنعومته في مجالات الدوران المنخفضة جداً، في القيادة المدينية مثلاً، من دون معاناة التنتيع الذي يظهر في بعض المحرّكات الحادة الرياضية. ويتبدّل توقيت المحرّك لنمط إنفتاح الصمامات ال24 وإنغلاقها حسب سرعة دورانه، كما يبدّل نظامٌ ثانٍ ترددَ موجات الهواء المسحوب في مشعّب الإدخال، لزيادة العزم والقوّة معاً، مع إنصاف كل من الأسطوانات بكمية هواء موازية لتلك المتوافرة لغيرها في مختلف مجالات الدوران. نظام الإدارة الإلكترونية بوش موترونيك "إم إي 2.7" معتمد في "كاريرا 4" مع إتصال إلكتروني بينه وبين دوّاسة الوقود. الكبح والتعليق يعتمد "بوكستر إس" كبح "كاريرا 2"، فإتسع قطر كل من القرصين الأماميين من 8.29 سنتم في "بوكستر" الأساسي الى 1.31 سنتم، والخلفيين من 2.29 الى 9.29 سنتم، كما سُمِّكَ الأماميان من 4.2 الى 8.2 سنتم، والخلفيان من 2 الى 4.2 سنتم. الأقراص كلها مهوّأة داخلياً لتسريع تبريدها، ومثقّبة لتبديد المياء سريعاً في الظروف الرطبة. لكن بينما يندرج مانع الإنزلاق الكبحي ABS في التجهيز الأساسي للسيارة، أبقت بورشه مانع الإنزلاق الدفعي Traction control بين التجهيزات الإضافية. وحظي نظام التعليق بدوره بتعديلات تؤهّله للتعامل مع زيادة القوة والعزم والسرعة تشعر بمتانة التوجه حتى نحو 240-250 كلم/س على الطريق السريع، علماً بأنه يمكن طلبه بمزيد من القسوة مع عجلات ال18 بوصة، من دون أن يبلغ قسوة جافة على الإطلاق. ولزيادة ثبات المؤخّر يخرج الجناح الخلفي عند 120 كلم/ساعة، ثم يعود الى موقعه عند 80 كلم/ساعة. المقاييس والأداء والسعر { المقاييس والأوزان: الطول 315.4 متر والعرض 780.1 وقاعدة العجلات 415.2 والإرتفاع 29.1. عرض المحور الأمامي 455.1 متر والخلفي 508.1 مع عجلات ال17 بوصة، و465.1 و504.1 مع ال18 بوصة. سعة كل من الصندوقين الأمامي والخلفي 130 ليتراً. الوزن الصافي إزداد 45 كلغ عن "بوكستر" 1295 كلغ 1335 كلغ مع "تيبترونيك إس". { الأداء والإستهلاك "تيبترونيك إس" بين قوسَين: السرعة القصوى 260 كلم/ساعة 255 وصفر-100 كلم/س في 9.5 ثانية 5.6، والإستهلاك المديني 6.15 ليتر/100 كلم 2.17 وخارج المدن 8.7 2.8 والإجمالي 7.10 3.11. وستُباع "بوكستر إس" في ألمانيا لقاء 81810 مارك 41830 يورو، قبل الضريبة على القيمة الزائدة.