عبرت الأوساط القيادية الفلسطينية في كل من دمشق وعمّان أمس، وفي مكالمات أجرتها "الحياة" من لندن، عن ميل للتخفيف من درجة التفاؤل الناجم عن الاتصالات التي جرت خلال اليومين الماضيين في عمّان بين السلطة الفلسطينية وفصائل معارضة لاتفاق أوسلو. في دمشق، قال طلال ناجي العضو البارز في قيادة الجبهة الشعبية - القيادة العامة، إن خالد الفاهوم هو رئيس لجنة المتابعة التي انبثقت عن المؤتمر الشعبي الفلسطيني المعارض الذي انعقد في دمشق قبل أشهر، وهو لم يتخل عن منصبه هذا ليقال إنه ذهب إلى عمّان للتحاور مع السلطة الفلسطينية. وقال: "حسبما نعلم فإن الفاهوم ذهب إلى عمّان في زيارة شخصية للقاء أشقائه القادمين من الناصرة، وهذه زيارة يقوم بها كل عام، وهو أثناء وجوده في عمّان يلتقي كل من يرغب بزيارته، وكان من جملة من زاروه الطيب عبدالرحيم الأمين العام للرئاسة الفلسطينية، الذي كان في عمّان، ولم يأت خصيصاً لزيارة الفاهوم". وعن المكالمة الهاتفية بين الفاهوم وعرفات، قال طلال ناجي: "ربما تكون بنت ساعتها، ولا استبعد ان أحد الموجودين قال له لنتكلم مع عرفات ففعل". وأضاف: "ليس في ذهن الفاهوم، حسبما أعلم، ان يتحاور مع سلطة الحكم الذاتي، وهو ليس مكلفاً بفتح حوار مع أحد، ومع ذلك سنناقش معه كل هذه الأمور، ومن منطلق انقاذ ما يمكن انقاذه في الساحة الفلسطينية". وقال طلال ناجي عن الاتصالات بين "الجبهة الشعبية" والسلطة الفلسطينية: "الذي نعلمه أنهم قرروا داخل اطرهم التنظيمية، الحوار مع السلطة، وعلى أساس متدرج، ولم يؤكدوا لنا ان لقاء سيتم بين جورج حبش وياسر عرفات" تصريحات أخرى - راجع ص3. واتصلت "الحياة" بسليم الزعنون أبو الأديب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني في عمّان، وأكد من جهته، ان الفاهوم جاء إلى عمّان في زيارة خاصة، وتصادف وجود الطيب عبدالرحيم في عمّان، والتقى معه وكان اللقاء عاماً "وفهمت أنه ليس مطلوباً من الفاهوم عقد لقاءات أو اجتماعات. ولكن يلاحظ ان الطيب كان مرتاحاً لجو الاجتماع". وعن الاتصالات مع "الشعبية"، قال: "عندما زرت دمشق قبل أسابيع في إطار المؤتمر البرلماني العربي، التقيت مع الفاهوم ومع أبو علي مصطفى الشعبية ومع طلال ناجي القيادة العامة ومع نايف حواتمة الديموقراطية، وتحدثت معهم عن ضرورة إعادة الاعتبار إلى منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، وكان جواب "الجبهة الشعبية" أنها ستدرس الموضوع وستجري الحوارات الداخلية اللازمة حوله، ثم جرى قبل يومين الاتصال الجديد بين الطيب وأبو علي مصطفى في عمّان، وبات من شبه المؤكد ان ينعقد لقاء ثانٍ يحضره عرفات من جهة، وأبو علي مصطفى ممثلاً ل"الشعبية" من جهة أخرى، إذ يبدو أن صحة الدكتور جورج حبش لا تسمح له بترؤس اللقاء، وسيكون هذا اللقاء يوم 1/8/1999 في القاهرة، وقد يسبقه أو يليه لقاء آخر بين عرفات وحواتمة. وقال مسؤول كبير في الجبهة الديموقراطية في رام الله إنه يعتقد أن الفاهوم جاء في زيارة سياسية مقصودة، ربما تكون للاستطلاع، وبادر اثناء هذه الزيارة بالاتصال هاتفياً مع عرفات، كما بادر بإجراء حوار مع الاذاعة الإسرائيلية قال فيه: "جئنا لنبحث في موضوع الوحدة الوطنية، ولنقف إلى جانب الاخ أبو عمار في مواجهة الاستحقاقات القادمة"، وهذه مبادرات لها معناها حتى ولو كان سبب الزيارة المباشر شخصياً. وفي عمّان "الحياة"، قال مصدر مطلع في "الجبهة الشعبية" إن لقاء حبش وعرفات لا تعترضه "شروط مسبقة من الطرفين". مؤكداً أن هدف الجبهة من الحوار "إحياء منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها ومرجعياتها في سبيل ضمان حق الشعب الفلسطيني في العودة والدولة". ورداً على سؤال ان كانت الجبهة الشعبية قدمت تنازلات في برنامجها السياسي، قال: "الحوار لا يعني تخلي أي طرف عن برنامجه السياسي". وسألت "الحياة" ان كان زعيم "الجبهة الشعبية" يرغب بالعودة إلى مناطق السلطة الفلسطينية، فأجاب المصدر ذاته: "الحكيم جورج حبش يربط عودته بحل شامل للصراع العربي - الإسرائيلي، لكن قيادة الجبهة لا تمانع في ممارسة أي مسؤول لحقه في العودة"، مشيراً إلى أن نائب الأمين العام أبو علي مصطفى كان يرغب في العودة، لكن "حكومة نتانياهو منعته".