كشفت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة" أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات تلقى مكالمة هاتفية من خالد الفاهوم رئيس جبهة الإنقاذ الوطني الفلسطينية التي تتخذ من دمشق مقرا لها، للبحث في ما يبدو في تداعيات القرار السوري بشأن طبيعة وجود الفصائل الفلسطينية المعارضة في دمشق. وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها أن الفاهوم إتصل بعرفات مساء أول من أمس الإثنين تمهيداً لترتيب لقاء بينهما هو الأول من نوعه منذ سنوات طويلة واتفق الجانبان على أن ينسق رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون أبو الأديب موعد اللقاء. وجاءت المكالمة الهاتفية في أعقاب الإجتماع الذي دعا إليه نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام مجموعة من قيادات الفصائل الفلسطينية المعارضة جبهة الإنقاذ والجبهة الشعبية وأبلغهم "حرص سورية على عدم تفويت فرصة التوصل الى تسوية مع إسرائيل" مشيراً الى أن "على الفصائل الفلسطينية أن تكيف نفسها وترتب أوضاعها بما يتلاءم وهذا الإحتمال". ويقول فلسطينيون مقربون من مواقع القرار ل"الحياة" ان الخطوة السورية تجاه الفصائل المعارضة تهدف الى تكميل سلسلة الاشارات السورية عن الاستعداد لابرام تسوية متكاملة مع اسرائيل إذا كانت اسرائيل مستعدة لتوفير الاستحقاقات اللازمة، وبخاصة على صعيد الانسحاب من الجولان. أما خطوة الاتصال الهاتفي من قبل الفاهوم مع عرفات، فربما تكون تمهيداً لنسج علاقة جديدة بين السلطة الفلسطينية وفصائل المعارضة تستند الى بندين، أولهما سياسي يتعلق بمفاوضات المرحلة النهائية كأمر جديد يتجاوز اتفاقات أوسلو، وأهمية مشاركتهم فيها باعتبارها مفاوضات تخص مجمل الشعب الفلسطيني بكل تياراته، والثاني تنظيمي يقبل فيه عرفات تمثيل قيادات الفصائل المعارضة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أو في الهيئة العليا المشرفة على المفاوضات. وعلمت "الحياة" أن المسؤول السوري المح الى أن إبرام إتفاق مع إسرائيل سيترتب عليه نزع أسلحة التنظيمات الفلسطينية على غرار ما حدث في لبنان. وحسب المصادر ذاتها لم يطلب المسؤول السوري من قيادة جبهة الإنقاذ "إتخاذ إجراءات فورية"، موضحاً أن مسألة نزع الأسلحة "مطروحة كنتيجة للمفاوضات وليست سابقة لها" فيما لم تطرح هذه المسألة بتاتاً في الإجتماع مع الجبهة الشعبية، ولم يلتق خدام مع ممثلي الجبهة الديمقراطية. وأشارت المصادر الى أن ضغوطا ربما أميركية تمارس على سورية لابعاد بعض الشخصيات الفلسطينية "المحرجة" ومطالبتها بمغادرة الأراضي السورية. وتشمل هذه الشخصيات القيادات الفلسطينية التي لها علاقة مباشرة بالعمل العسكري مثل الأمين العام للجبهة الشعبية-القيادة العامة أحمد جبريل. وتحدثت مصادر موثوقة عن قائمة بأسماء 26 فلسطينياً طالبت واشنطندمشق بإبعادهم عن سورية. وراحت المصادر الى التحذير من أن قضية "لوكربي" ستثير "مشاكل" لبعض الفصائل الفلسطينية التي تربطها علاقات بليبيا وأن واشنطن لن تكتفي بإبعاد هذه الشخصيات عن دمشق بل ستطالب بتسليمها لتقديمها للمحاكمة. وقالت ان المرحلة المقبلة ستشهد "نهاية الكفاح الفلسطيني المسلح نتيجة جهود إقليمية ودولية مكثفة". وطالبت السلطة الفلسطينية بالسماح لعدد من الشخصيات الفلسطينية التي تشغل مراكز رسمية في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية المجلسين الوطني والمركزي الفلسطيني بالعودة الى الأراضي الفلسطينية. وقد عاد بالفعل عدد من القياديين الفلسطينيين، خصوصاً من أتباع الجبهتين الشعبية والديمقراطية. ويرفض زعيم الجبهة الشعبية جورج حبش العودة في ظل إستمرار الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وطالب الرجل الثاني في الجبهة أبو علي مصطفى بالعودة وحصل بالفعل على "رقم وطني" من السلطات الإسرائيلية الا أن الأخيرة منعته من إجتياز جسر اللنبي عندما حاول العودة قبل نحو عامين. أما زعيم الجبهة الديمقراطية نايف حواتمة فقد ألغت حكومة بنيامين نتانياهو الإسرائيلية السابقة "الرقم الوطني" الذي أعطي له في العام 1996. وطالبت "الديمقراطية" السلطة الفلسطينية بوضع مسألة عودة حواتمة على "نار حامية" لدى السلطات الإسرائيلية. وألمح الرئيس الإسرائيلي عيزر وايزمان الذي التقى حواتمة في عمان أثناء مشاركتهما في تشييع جثمان العاهل الأردني الملك حسين في شباط فبراير الماضي الى إمكانية "إعادة النظر" في قرار منع حواتمة من الدخول في حال تغيير الحكومة في إسرائيل. ويأمل بعض الشخصيات الفلسطينية أن يوفر إجتماع المجلس المركزي المقرر ان يلتئم مجدداً ما زال في حالة إنعقاد دائم منذ شهر أيار الماضي في منتصف آب اغسطس المقبل فرصة للسماح بعودة بعض الأعضاء. وفيما نفت الجبهتان الشعبية والديمقراطية الأنباء التي تحدثت عن لقاء مرتقب بين الرئيس الفلسطيني وكل من حواتمة وحبش، أكدت مصادر فلسطينية أن بعض المسؤولين في السلطة الفلسطينية بحثوا هذه المسألة مع قيادات الجبهة الشعبية في الداخل ولكن لم يحدد موعد لمثل هذه اللقاءات.