محمود الجوهري، مدرب مصري استطاع ان يصنع لنفسه موقعاً متميزاً في لائحة أفضل مدربي كرة القدم في العالم بفضل الانجازات التي حققها خلال مسيرته... نتائجه مع الأهلي والزمالك والمنتخب المصري تتحدث عنه، خصوصاً مع الاخير حيث قاده الى نهائيات كأس العالم 1990 في ايطاليا وحصل معه على كأس العرب السادسة في سورية عام 1992 وكأس أمم افريقيا عام 1998. والجوهري ظاهرة كروية وشخصية فريدة ومثيرة للجدل... له مؤيدوه ومعارضوه، لكن هناك اجماعاً في النهاية على انه مدرب موهوب وكفء ولديه فكر كروي ناضج يستحق الاحترام والتقدير وهو افضل من قاد الكرة المصرية على الاطلاق. ويواجه الجوهري في الفترة المقبلة حملاً ثلاثياً ثقيلاً يبدأ بقيادة المنتخب في بطولة القارات التي تنطلق في 24 الجاري في المكسيك، ومن بعدها الدفاع عن اللقب الافريقي في نيجيريا وغانا ثم الدخول في المعركة الافريقية الشرسة للتأهل لنهائيات كأس العالم 2002. التقته "الحياة" في حوار خاص وجريء أجاب خلاله عن كل الاسئلة التي طرحتها. التصنيف العالمي... بدعة ما رأيك في التصنيف العالمي للمنتخبات؟ - التصنيف العالمي مؤشر ضعيف لمستويات المنتخبات في العالم، فأي منتخب يمكن أن يتراجع كثيراً لو توقف عن النشاط الدولي، والتصنيف الحالي محاولة من الاتحاد الدولي لخلق نوع من المنافسة، لكنه يبقى في رأيي بدعة لا معنى لها. يصر بلاتر على اقتراحه بإقامة نهائيات كأس العالم كل عامين، فما رأيك؟ - أنا كروي تقليدي جداً وأحب كرة القدم كما ولدت، وأرى أنه من الأفضل الاستمرار بإقامة نهائيات كأس العالم كل أربع سنوات. ومن غير المعقول أن ننتهي من المشاركة في بطولة كأس العالم لتجد نفسك امام الاخرى، وماذا سيكون مصير البطولات الاقليمية والقارية والأوليمبية وبطولات الأندية؟ وإقامة كأس العالم كل عامين تغتال أهم شيء فيها وهو التشويق الذي يصنع الجو المشحون بالانفعالات الكروية... العملية ليست فنادق وملاعب وإنما قدرة على التنظيم والتمتع بالمباريات وأحداثها وإثارتها. نفكر بكأس العالم 2010 هل تعتقد بأنه كان بمقدور مصر أن تنافس على استضافة كأس العالم 2006؟ - يبدو لي منذ البداية أن المعركة في استضافة هذه النهائيات محصورة بين المانيا وانكلترا، وأنا عاطفياً أتمنى اقامتها في افريقيا، وعلى مصر أن تفكر في تنظيم نهائيات 2010 وان نبدأ مبكراً، فمن غير المعقول أن تبدأ الدعاية الافريقية لتنظيم نهائيات 2006 بعد أكثر من عام ونصف على تنظيم انكلترا والمانيا للحملات الترويجية. هل ستنجح تجربة استضافة اليابان وكوريا الجنوبية لكأس العالم 2002؟ - تنظيم نهائيات كأس العالم يتوقف على مدى الامكانات المتوافرة لدى الدولة المنظمة، خصوصاً في عالم الاتصالات والطيران الدائم، واعتقد ان اليابان وكوريا ستنجحان في التنظيم بصورة كبيرة. إذن متى يمكن ان تنظم دول خليجية نهائيات كأس العالم؟ يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة ان تنظم النهائيات بحيث تستضيف كل دولة خليجية مجموعة لان هذه الدول قادرة على الضيافة وتوفير الملاعب وتسويق البطولة، كما ان المسافات قريبة ويمكن الانتقال بسهولة من دولة إلى أخرى بعكس أميركا مثلاً، فالانتقال من مدينة إلى أخرى قد يتطلب من 4 إلى 5 ساعات. جوهري تعادل ما رأيك في من يطلقون عليك لقب "جوهري تعادل"؟ - حصدت بطولات كثيرة للأهلي والزمالك والمنتخب، وهذا الكلام يطلقه البعض لمحاربتي خصوصاً بعد أن لعبنا في نهائيات كأس العالم 1990 بعد غياب 56 سنة، ويكفيني فخراً حصولي على لقب أفضل مدرب في افريقيا ومن ضمن افضل 21 مدرباً في العالم، وهذا التقدير الدولي يجعلني لا التفت لهواة الثرثرة. ما تقويمك للبطولات التي ينظمها الاتحاد العربي لكرة القدم؟ - الاتحاد العربي استحدث مجموعة من البطولات بهدف استثمارها لمصلحة الاندية والمنتخبات ولتكون خير إعداد للمنافسات الدولية. ولا شك أنها ساهمت في انتعاش الكرة العربية وأدت إلى تبادل الخبرات والتعرف عن قرب على نجوم الكرة العربية في افريقيا وآسيا. ماذا يعني فوز المنتخب المصري التاريخي على بلغاريا وبلجيكا في الفترة الأخيرة؟ - اعتقد ان أي فوز نحققه في المباريات الدولية الودية على المنتخبات الأوروبية وغيرها هو دلالة على أن اقدام أولادنا بدأت ترسخ دولياً، وتعني أنهم بدأوا يتمتعون بلمسات هجومية. والمباريات الدولية الودية ما هي إلا إعداد لنا ولهم والفوز التاريخي لا يأتي إلا في البطولات الرسمية ويكون عندما نفوز على المكسيك في المكسيك في بطولة القارات مثلاً. ما هو الهدف الأساسي الذي وضعته أمامك من اللعب دولياً ودياً خارج مصر؟ - معظم لاعبي مصر تربوا، للأسف، على فكر خاطئ وهو أن الفوز يكون على أرضهم فقط والخسارة هى الاساس عندما يلعبون خارج أرضهم. ولهذا أحاول منذ فترة أن أخلص اللاعبين من هذا الفكر الخاطئ واريد ان أعلمهم الجرأة الهجومية وهم يلعبون خارج أرضهم. واعتقد أنهم بدأوا يتخلصون من هذا الداء لأن اللاعب الذي يلعب خارج أرضه بفكر انهزامي لا يتطور، وأنا كمدرب إما أن أكون جريئاً أو مدرباً تجارياً... وأنا جريء. لماذا تلجأ دائماً إلى المعسكرات الاعدادية قبل دخول أي مباراة دولية؟ - ما يهمني كمدرب هو التزام اللاعبين ومدى جاهزيتهم، وللأسف الدوري المحلي لا يوفر لي اللاعب الجاهز بدنياً وفنياً ونفسياً بعكس ما يحدث في أوروبا، فأي مدرب هناك يجد بضاعته جاهزة فوراً، ويمكن للمدرب أن يجمع لاعبيه ويشركهم في مباراة دولية ثم يعودوا الى انديتهم في اليوم ذاته... والدوري لدينا لا يفرز لاعباً دولياً يمكنه اللعب كل 72 ساعة، والفكر الاحترافي ما زال ينقصنا، وحتى رقابة اللاعب على نفسه غير موجودة، والدوري المصري منذ اطلاقه يعطي مؤشراً للاعب حول امكانية نجاحه او فشله... ثم عليه أن يدخل ورشة المنتخب الوطني لتطوير الاداء الفني، وهذا لن يأتي إلا بتطبيق الاحتراف السليم الذي ينقصنا فعلاً. وعندما قمت بإعداد مشروع الاحتراف عام 1990 كان يهمني في الأساس زيادة معدلات التدريب والرقابة الجدية على الحياة المعيشية للاعبين ولم تكن لي علاقة بالموضوعات الأصعب مثل التسويق والتمويل وبيع اللاعبين والتنقلات... ما يهمني كمدرب أن أجد لاعب المنتخب جاهزاً لأدربه مرتين في اليوم... أتمنى أن يكون الاحتراف في مصر كامل الأوصاف، فالاحتراف عملة حرة لا بد أن تفتح له كل النوافذ الداخلية والخارجية وان يستخدم بطريقة صحيحة تبدأ أولاً بانتقاء اللاعب، والمفروض ان يكون هناك جدول للمحترفين يتضمن المعلومات الخاصة بهم عن طريق الانترنت. الاحتراف في السعودية ماذا عن تجربة الاحتراف في السعودية؟ - الاحتراف هناك مقنن بشكل جيد، وكل لاعب محترف في مكانه الطبيعي، وهناك انتعاش في حركة تنقلات المحترفين بفضل كثرة الجماهير واتباع الحزم والصرامة في تطبيق الاحتراف، واللافت ان الجميع يستجيبون للوائح الاحتراف. ما الهدف من المباريات الدولية الودية التي لعبها المنتخب المصري منذ شباط فبراير الماضي؟ - سعيت لعمل دور دولي للاعبي المنتخب الوطني للمشاركة أولاً في بطولة القارات ضمن فترة إعدادهم لنهائيات الأمم الافريقية ثم تصفيات كأس العالم 2002، ووجدت ان اللاعبين بحاجة إلى لياقة بدنية عالية وتركيز كامل والتزام أكبر. ولعبنا هذه المباريات لأجرب نفسي وأجرب اللاعبين وأعرف متى اهاجم ومتى ادافع ولايجاد قياسات صحيحة لهم وان يكون لكل لاعب أساسي بديله الجاهز، لذلك هناك مباريات للأساسيين وأخرى للبدلاء وستظل سياستي في الاحلال والتبديل في المنتخب قائمة حتى أيلول سبتمبر 2000. إيرادات منتخب مصر ألا يحتاج كل ذلك إلى موازنة ضخمة؟ - أصبح للمنتخب بعد فوزه بكأس الأمم الافريقية اسمه وسمعته، ومبارياتنا الدولية الودية تتم "مجاناً"، حيث هناك تهافت من المنتخبات الأوروبية وغيرها على اللعب معنا مع تحمل كافة النفقات من سفر وإقامة وخلافه اضافة الى حصولنا على نسبة من ايراد المباريات. حصلنا من مباراتنا مع جنوب افريقيا على 75 ألف دولار، ومع اليابان على 50 ألف دولار ومع هونغ كونغ على 40 ألف دولار، اضافة إلى مليون دولار حصلنا عليها بعد فوزنا بكأس أمم افريقيا. ما هي نوعية علاقتك مع رجال الإعلام؟ - اعتقد أنهم يقفون الى جانبي دائماً، ما افاد المنتخب كثيراً، واختفت ظاهرة الصراخ والعويل التي عانينا منها طويلاً، وأصبح نقدهم علمياً وبناء. من يضحك أخيراً! ولكن لماذا خسرت مرتين أمام المكسيك في دورتي هونغ كونغ وكوريا الجنوبية؟ - في المباراة الأولى لم يكن معي سبعة من المحترفين وظروف المباراة كانت صعبة بسبب الطرد واحتساب ركلة جزاء علينا، بالاضافة إلى انني ناورت في لعبي لأنني سألعب معها في بطولة القارات، وفي المباراة الثانية خسرت بالنتيجة ذاتها لأن المكسيكي لعب بصفوف كاملة ولعبنا نحن من دون المحترفين الخمسة، وكانت المباراة فرصة أكبر لدراسته وهو يلعب بكامل نجومه، وما يهمني حالياً هو الضربة الأخيرة في المكسيك. هل أنت متفائل بالمشاركة في بطولة القارات؟ - مجموعتي صعبة لانها تضم المكسيك وبوليفيا اللتين استعدتا جيداً من خلال مشاركتهما في "كوبا أميركا"، وارتفاع سطح البحر يمثل عبئاً علينا... وتبقى المباراة الثالثة مع السعودية، وهو لقاء أشقاء وشاءت القرعة أن يكون لقاءً ختامياً في المجموعة، وأرجو ان نصل معاً لهذا اللقاء ونحن في وضعية جيدة.