عم الهدوء مدينة الخليل التي قسمها اتفاق يحمل اسمها عقد بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة اليمين الاسرائيلية، الى منطقتي سيادة فلسطينية واسرائيلية، ونادراً ما تخلو الخليل عادة من صدامات بين الاهالي من جهة وقوات الاحتلال او المستوطنين اليهود من جهة اخرى. ويصل عدد هؤلاء الى نحو اربعمئة موزعين على بؤر وجيوب استيطانية في البلدة القديمة ومحيطها، ويعدون من أشرس الفئات الاسرائيلية من حيث مواقفهم ومطالبتهم بطرد العرب من المدينة واستقدام عشرات الآلاف من اليهود للاستيطان فيها. الى هذه المدينة والى الشطر المحتل منها وصل امس وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه ارينز في جولة هي الثانية له منذ تسلمه حقيبة الدفاع قبل اكثر من ستة اشهر. وبدت الجولة وكأنها تحمل شكل الوداع، اذ شوهد ارينز وهو يحدق في كافة الارجاء ويقيس بنظراته مدى السيطرة الفلسطينية 80 في المئة ومستقبل الوجود اليهودي فيها في ظل ما يقال من ان رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب ايهود باراك ينزع الى حجب الامتيازات الضريبية والاقتصادية عن التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويرى ارينز الذي انتخب اخيراً عضواً في الكنيست الاسرائيلية عن حزب ليكود ان تمتين هذا الاستيطان هو خط الدفاع الرئيسي عن مجرد وجود الدولة العبرية فضلاً عن "الحق التاريخي" لليهود في السكن في الضفة الغربية وقطاع غزة. ولعله في هذه الرؤية العنصرية التي تدوس على الحق العربي يمكن ايجاد تفسير للدعم المتواصل للمستوطنين من قبل حكومة نتانياهو الراحلة. حرص وزير الدفاع الاسرائيلي على عقد لقاء مع زعماء مستوطني الخليل ونقل اليهم تصميمه شخصياً وتصميم حزب ليكود على منع اي مسّ بهم من جانب الحكومة المقبلة بزعامة ايهود باراك. وقال ان وجود ليكود في الائتلاف المقبل او خارجه لن يؤثر في موقفه في توفير الدعم المطلوب للمستوطنين. وقال انه جاء ليطلع على الآثار البيزنطية المكتشفة في تل الرميدة حيث توجد بؤرة استيطانية كبيرة. وتحدث ارينز الى الصحافيين لكنه رفض التعقيب على ما أُعلن من خطوط عريضة لسياسة حكومة باراك والتي جاء فيها ان المستوطنات لن تكون على رأس سلم اولويات التطوير الاقتصادي والاجتماعي وستصبح في هذا الخصوص متوازية مع كافة القطاعات الجغرافية في الدولة العبرية. واكتفى ارينز في رده على ذلك بالقول انه لم يطلع على موقف باراك من هذه المسألة بعد وعليه فانه يحجم عن التعقيب في الوقت الحالي. وتزامنت جولة ارينز امس مع تواصل المحادثات لتشكيل ائتلاف حكومي بقيادة باراك في ظل قلق عبّرت عنه اوساط حزب العمل من تراجع امكانات اقامة حكومة ذات قاعدة ائتلافية ضيقة 66 عضواً واضطرار باراك للتحالف مع حركة شاس الدينية الامر الذي أثار غضب الحليف الاقرب الى حزب العمل وهو حزب "ميرتس" 10 مقاعد ودفع رئيسه يوسي ساريد للتهديد بعدم المشاركة في الحكومة والبقاء في المعارضة.