تشير دلائل متزايدة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتخب ايهود باراك بدأ يميل إلى الشروع في إقامة ائتلاف حكومي ذي قاعدة برلمانية ضيقة تضم إلى جانب قائمة "إسرائيل واحدة" تحالف حزب العمل وحركتي غيشر وميماد أحزاب اليسار والوسط. وسيشمل الائتلاف المحتمل حزب ميرتس اليساري 10 مقاعد بزعامة يوسي سريد، وهو الحليف التاريخي لحزب العمل، وكذلك حزب نقابة العمال، شعب واحد مقعدان بزعامة عمير بيرتس الذي انشق عن حزب العمل إلى اليسار. ومن الوسط حزب المركز 6 مقاعد الذي يقوده وزير الدفاع الإسرائيلي السابق اسحق موردخاي، وحزب شينوي التغيير بزعامة طومي لبيد 7 مقاعد وشرطه الوحيد هو عدم اشراك الأحزاب الدينية في الائتلاف، هذا إلى جانب حزب إسرائيل بعليا للمهاجرين الروس 7 مقاعد. وسيحظى ائتلاف كهذا بدعم من الأحزاب العربية الثلاثة، بل هناك احتمال أن تنضم القائمة العربية الموحدة 5 مقاعد، وهي تحالف للحركة الإسلامية والحزب الديموقراطي العربي والحزب الوحدوي، وهو ما لم يستبعده رئيس القائمة المحامي عبدالمالك دهامشة، إذ قال ل"الحياة": "خلال المفاوضات التي جرت مع حركة إسرائيل واحدة أخبرونا اننا سنكون في دائرة صنع القرار وسيكون لنا تأثير في صنع هذا القرار". لكن السؤال الذي لم يجب عليه وفد باراك "هو فهمهم للمشاركة في صنع القرار"، كما يضيف دهامشة، مشدداً على أن القائمة لم تعرف بعد ما هي الخطوط الأساسية لحكومة باراك، وما هي سياسته تجاه المساواة بين اليهود والعرب والحل السلمي في المنطقة والاستيطان وغيرها. واختتم دهامشة مؤكداً ان المشاركة في الائتلاف الحاكم لن تكون سهلة على القائمة أو على أي حزب عربي آخر، علماً أن باراك لم يتحدث إلى أي منها مباشرة بعد. وتبدي الأوساط الأكثر يسارية في حزب العمل الإسرائيلي حماساً لائتلاف ضيق كهذا، إذ أنه يبعد الحزب عن الشراكة المزعجة مع ليكود وشاس وفق ما أسر به شلومو بن عامي، من قادة الحزب. وتابع قائلاً إن الحكومة "ستشل سياسياً في ظل حكومة وحدة وطنية"، خصوصاً ان ليكود سيحاول فرض مفاهيمه بخصوص الاستيطان. ولن تتضح الصورة قبل أن يستجلي باراك بنفسه المواقف النهائية للأحزاب المختلفة، إذ بادر إلى الاجتماع بزعيم حزب ميرتس اليساري سريد ثم تلاه بلقاء مطول مع لبيد زعيم حزب شينوي، ثم مع موردخاي زعيم حزب المركز. ولم يغلق باراك الباب مع اليمين نهائياً، فالتقى الليل الماضي الزعيم الموقت لحزب ليكود ارييل شارون الذي كان رفض عقد اللقاء في مركز حزب العمل، فتم في فندق دان في تل ابيب. وذهب شارون مسلحاً بموقف يقوم على رفض تجميد ما يسميه "مواكبة النمو الطبيعي للمستوطنات". ومن المقرر أن يواصل باراك لقاءاته تلك فيجتمع خلال اليومين المقبلين مع سائر الزعامات الحزبية ليتحذ القرار النهائي بإقامة الائتلاف الضيق أو الموسع. وطبقاً لمصادر سياسية إسرائيلية، فإن ما يتنازع الزعيم العمالي المنتشي بالنصر هو المفاضلة بين التحالف مع الأحزاب المعتدلة سياسياً وبين تطبيق شعاره الانتخابي بإقامة أوسع حكومة ممكنة لردم الهوة التي خلقها ليكود بين يهود إسرائيل، وهو لا يزال يتصرف على أساس أنه زعيم كل الإسرائيليين. وفي الحالة الأولى، فإنه قد يضطر إلى ضم حزب يهودي متدين - ليس شاس - بل يهودات هتوراة وذلك للاستغناء عن العرب، إذ ان الحزب المذكور يطالب بامتيازات مالية وتربوية ويغض الطرف عن "التنازلات السياسية" باعتباره حزباً غير صهيوني وهو معادل شاس في أوساط اليهود الغربيين.