وقع تحالف من المصارف والمؤسسات المالية الكندية الاسبوع الفائت اتفاقا ينقل عملية تجهيز الفواتير الى بيئة انترنت ويقدم لمؤسسات الخدمات العامة في قطاعات الكهرباء والماء والهاتف علاوة على شركات البطاقات الائتمانية التابعة لموقعي الاتفاق وشركات التأمين فرصة للتفاعل مع زبائنها مباشرة وتوفير نسبة "كبيرة" من كلفة تجهيز الفواتير وتوزيعها. وجاء الاتفاق في محاولة من التحالف الكندي الانضمام الى سوق الفواتير الالكترونية التي تعتبر واحدة من الأسواق الضخمة التي أصبح قيامها ممكنا بفضل تقنيات انترنت. وتقدر عوائد السوق السنوية في أميركا الشمالية وحدها بنحو 260 بليون دولار لكنها ستتضاعف في غضون ست سنوات، ما يجعلها موضع تنافس بين المصارف والمؤسسات المالية وشركات البريد والاتصالات ومواقع البوابات في انترنت. وبموجب هذه المحاولة التي اتخذت شكل تعاقد حصري طويل الأمد عهدت المصارف والمؤسسات المالية الكندية الى احدى الشركات المحلية المتخصصة تقديم حل تقني متكامل يتيح لعملائها من مؤسسات وشركات الخدمات العامة تجهيز فواتيرها وتوزيعها عبر انترنت ومنح المستهلك المعني بالفواتير الفرصة لاستعراضها وتسديدها الكترونياً عبر مؤسسته المالية إذا رغب في ذلك. شركة خاصة وتم توقيع الاتفاق بين شركة خاصة أنشأها التحالف لهذا الغرض باسم "إيرووت" وشركة "بي سي إي اميرجيز" الكندية، ونص على قيام الشركة الأخيرة التي تعتبر احدى الشركات الكبيرة المتخصصة في مجال خدمات اتصالات التشبيك والتجارة والمدفوعات الالكترونية في أميركا الشمالية، بتنفيذ مشروع الفواتير الاليكترونية وتشغيله وصيانته باستخدام برامج كومبيوترية يوفرها الفرع الكندي لشركة "مايكروسوف". وتعتزم الشركة المتعهدة بدء المرحلة التجريبية من المشروع في الخريف واطلاقه للخدمة العادية في بداية الفصل الثاني من العام المقبل وسيكون أول المستفيدين من الخدمة الجديدة أربعة عملاء رئيسيين في السوق الكندية من بينهم الشركات المصرفية الناشطة في اصدار البطاقات الائتمانية فيزا وماستركارد فضلا عن أكبر شركات الهاتف الكندية "بيل كندا". واعتبر "براين ادواردز" رئيس شركة "اميرجيز" التي تتخذ مقرها في مونتريال مشروع الفواتير الاليكترونية واحدا من "أضخم مشاريع التجارة الاليكترونية في أميركا الشمالية" ويمنح المؤسسات المالية ميزة تنافسية مهمة، مشيرا الى توقع مؤسسات استشارية عدة، من بينها مؤسسة "كيلن وشركائها" مساهمة انترنت وتقنياتها في التعامل مع ثلثي اجمالي الفواتير المكررة في أميركا الشمالية ونحو ثلث اجمالي الفواتير التي تصدر في كل أنحاء العالم نحو 60 بليون فاتورة سنويا بحلول السنة 2005. تجهيز ويعتقد مسؤولون في شركة "إيرووت" المعنية بالمشروع الكندي أن نقل عملية تجهيز الفواتير وتوزيعها الى انترنت سيحقق لمؤسسات وشركات الخدمات العامة والمستهلك في أميركا الشمالية وفرا يصل الى بليوني دولار سنويا في السنة 2002 وينفق مصدرو الفواتير في الولاياتالمتحدة على طباعة الفواتير وارسالها الى المستهلكين زهاء عشرة بلايين دولار سنويا في ما ينفق المستهلكون أربعة بلايين دولار لاعادتها الى مصدرها. ولم تعلن المصارف والمؤسسات المالية الكندية تفاصيل حول الرسوم، ومن المتوقع، أقله في المرحلة الأولى، كما جرت العادة في أميركا الشمالية، طرح الخدمة للمستهلك مجانا على أن تتقاضى المصارف عبر شركتها "ايرووت" اشتراكات سنوية أو عمولات يتحملها مصدرو الفواتير. لكن مؤسسة كلين التي أصدرت دراستها قبل اعلان اتفاق المشروع الكندي لا تعتقد أن المصارف والمؤسسات المالية العاملة في أميركا الشمالية ستكون أكبر المستفيدين من مشاريع الفواتير الاليكترونية بسبب ترددها في ابداء الحماس المطلوب في هذا الاتجاه، وترى أن الحصة الكبيرة ستكون من نصيب شركات الاتصالات التي ستجد نفسها في وضع يمكنها من زيادة حصتها باستمرار على حساب المصارف. وقدّرت الدراسة المذكورة عوائد شركات الاتصالات من سوق الفواتير الاليكترونية في العام المقبل بنحو 36 بليون دولار، ما يعادل حصة صافية بنسبة 15 في المئة، وتوقعت ازدياد هذه العوائد الى 110 بلايين دولار وحصة بنسبة 22 في المئة من سوق سيصل حجمها الى زهاء نصف تريليون دولار سنويا بحلول العام 2005. وطبقا لمُعدِّي الدراسة تتنافس على سوق الفواتير الالكترونية مجموعة كبيرة من اللاعبين المحتملين من بينهم مواقع بوابات انترنت وموفري الخدمة وشركات الكابل التي تقدم لزبائنها خدمة مراجعة وتسديد الفواتير بالتعاون مع مجموعات الاتصالات الكبيرة الناشطة في بيئة انترنت، الى جانب اللاعبين الرئيسيين من المصارف وشركات الاتصالات. الا أن أشد المنافسين لمشاريع نقل الفواتير الى انترنت سيأتون من بين أشد المتضررين مثل شركات البريد التي تجد نفسها في موقف صعب يضطرها للدفاع عن مصالحها. وفي حال شركة البريد الكندية التابعة للحكومة جاءت المنافسة على شكل مشروع متطور تأمل في أن يساعدها في المواجهة المقبلة مع مشروع المصارف والمؤسسات المالية الكندية والاحتفاظ بعوائد معتبرة تجنيها من الفواتير التي تشكل نحو نصف الرسائل البريدية، او نحو 2.4 بليون فاتورة سنويا. ويعتمد مشروع شركة البريد الكندية على تقنيات انترنت ويقوم على منح الزبائن مجاناً، عبر موقع خاص في انترنت، صناديق الكترونية شخصية توفر لهم تسديد فواتيرهم والاستفادة في الوقت نفسه من خدمات البريد الالكتروني المعتادة. وتأمل الشركة في تحقيق سبق زمني مهم على المصارف باطلاق مشروعها في نهاية الشهر الجاري، أي قبل نحو تسعة أشهر من موعد اطلاق المشروع المنافس. ويعتقد القائمون على مشروع صناديق البريد الالكترونية أن شركات البريد لا تملك خياراً سوى ركوب موجة انترنت في حال أرادت الاحتفاظ بحصتها من سوق الفواتير. وقال أحد المحللين في هذا الشأن، "حطمت انترنت معادلة المسافة والزمن التي تشكل العمود الفقاري لصناعة البريد التقليدية، وبالتالي نشهد بداية زوال واحدة من أكبر الاحتكارات في العصر الحديث وطوال قرنين كاملين". رواج وفي المقابل اعترف مسؤولون في شركة "تشيك فري" وهي واحدة من أكبر الشركات الأميركية المتخصصة في خدمات المدفوعات الالكترونية أن مشاريع الفواتير الالكترونية ربما لا تحظى بالرواج المطلوب في المرحلة الأولى وسينحصر استخدامها في شرائح معينة من المتصفحين المتمرسين لكنها ستجد طريقها الى عامة جمهور المتصفحين بمرور الوقت وتوسُّع شبكات استعراض وتسديد الفواتير. وأشار أحد مسؤولي الشركة المذكورة الى أن مشاريع الفواتير الالكترونية تتميز في أنها تسمح للمستهلك بمتابعة فواتيره وتسديدها وقتما شاء فضلا عن مراجعة الفواتير القديمة والبحث عن بند شراء معين والإيعاز لمؤسسته المالية بتسديد فواتيره بصفة مستمرة أو تحرير شيك اليكتروني باسمه لحساب طرف ثالث سواء كان هذا الطرف مؤسسة خدماتية أو شخصاً. وتوقعت شركة "تشيك فري" التي تعتمد برمجيات "اوراكل كورب" في الخدمات التي تقدمها في مجال الفواتير الالكترونية بموجب اتفاق وقعه الطرفان في منتصف كانون الأول ديسمبر الفائت، ان يتم تبني الخدمة الجديدة من قبل نحو 30 في المئة من الأسر الأميركية نحو 15 مليون أسرة في غضون العامين المقبلين قياسا الى نجاح أساليب مماثلة مثل البطاقات الائتمانية والخدمات المصرفية المتاحة عن طريق الهاتف وانترنت. وكما في مشروع المصارف الكندية يعتمد مبدأ خدمة الفواتير الالكترونية على سلسلة من المراحل تبدأ لدى مصدر الفاتورة الذي يقوم بتحرير التزامات المستهلك بشكل فاتورة الكترونية ثم يرسلها الى وحدة مركزية مهمتها جمع الفواتير من مصادرها المختلفة. وتتألف الوحدة المركزية من خوادم متخصصة وبرمجيات تمكن المستهلك من مراجعة فواتيره في موقع مؤسسته المالية باستخدام أدوات التصفح، ويمكن للمستهلك الإيعاز بتسديد قيمة الفاتورة من حسابه المصرفي أو الاكتفاء بمراجعتها، وفي هذه الحال تعاد الفاتورة الى مصنفات الوحدة المركزية للحفظ. لكن على رغم الاعتقاد بأن مشاريع الفواتير الالكترونية ستظل موضع منافسة حادة بين المصارف وشركات الاتصالات والبريد سنوات عدة يرى بعض المحللين أن مستقبل الفواتير ستحدده برمجيات الخدمات المالية الشخصية التي سيكون بمقدورها سبر مواقع انترنت بحثا عن الفواتير واسترجاعها وتصنفيها في ملفات الكومبيوتر الشخصي وربما تسديدها بنقرات على ايقونات سيصار الى ابتكارها لهذا الغرض.