تشتد المنافسة بين عدد من القطاعات حول السوق الوليدة الخاصة بالمنتجات والخدمات التي تمكن المستهلك من استلام فواتيره الشهرية الروتينية وتسديدها الكترونياً على نحو فوري أون لاين. إذ ينتظر ان توفر أنظمة التسديد الالكترونية على التجار والمصارف بلايين الدولارات التي يتم انفاقها حالياً على الطبع والورق والطوابع البريدية، وان تختصر الوقت وتمنح المستهلك تسهيلاً جديداً. وتقدر كلفة اعداد الفواتير الاستهلاكية العادية والتحقق من قيمتها وكتابة الفواتير وارسالها بريدياً ثم جمعها وقبض قيمتها ب 370 بليون دولار، وعدد الفواتير ب 37 بليوناً. ما يعني ان متوسط كلفة الفاتورة الواحدة هو عشرة دولارات بحسب تقرير "الفواتير والمصارف وبيل" غيتس الذي نشرته شركة "دياموند تكنولوجي بارتنرز" الناشطة في مجال الاستشارات في مدينة شيكاغو الأميركية. ويشير بعض التقارير إلى ان الفواتير تشكل 60 في المئة من 62 بليون رسالة ترسل بالدرجة الأولى من البريد سنوياً بواسطة خدمة البريد الأميركية. ويرى تقرير شركة "دياموند" ان ارسال الفواتير وتسديدها الكترونياً ربما وفر على التجار والمصارف عشرة في المئة من الكلفة ما يشكل حافزاً للشركات الكبيرة، خصوصاً لتبني الفاتورة الالكترونية. ويضيف التقرير أن التجار يبدون استعدادهم لدفع ما يبلغ 40 سنتاً عن كل فاتورة ترسل الكترونياً، ما يشكل سوقاً فورية قيمتها 15 بليون دولار. وأعلنت شركة "نتسكيب كوميونيكيشنز" الشهر الماضي خططاً لتوفير برنامج لارسال الفواتير الكترونياً، عبر انترنت، لمصلحة البائعين الفوريين أون لاين. كما تنوي شركة "ترانسبوينت" المؤلفة من "مايكروسوفت" و"فيرست ديتا" و"سيتيغروب" طرح خدمة ارسال الفواتير الكترونياً قريباً. وتستعد مجموعة "انتغريون فايننشال نتورك"، المؤلفة من مصارف وشركات مالية وتكنولوجيا، للبدء في تقديم خدمة تجريبية تتناول ارسال فواتير إحدى شركات المجموعة، وهي بنك وان، بواسطة البريد الالكتروني في كانون الثاني يناير المقبل. ويتيح بعض الطرق التي سيستخدمها نظام ارسال الفواتير بالبريد الالكتروني للتاجر ارسال فواتير شهرية في شكل بريد الكتروني مباشرة إلى زبون يشغّل برنامج يسهّل دفع الفواتير مثل برنامج "كويكن" الذي تنتجه شركة "انتويت". وتوفر طريقة أخرى للمستهلك الاطلاع على فواتيره كافة وعبر موقع واحد على انترنت. لكن الآثار التي يمكن أن يخلفها نظام ارسال الفواتير بالبريد الالكتروني ربما كانت أكثر أهمية بكثير من مجرد خفض التكاليف وإراحة المستهلك والتاجر. وقال وليم فنيمور، كبير المسؤولين التنفيذيين في "انتغريون" ومديرها الإداري، إن تبدلاً من نوع ارسال الفواتير بالبريد الالكتروني سيحدث ببطء في المؤسسات المالية على رغم أنه أمر لا مفر منه. ومكنت شبكة انترنت شركات كثيرة من تقديم خدمات مالية أقل كلفة من دون ضبط من الأنظمة والقوانين التي يتعين الالتزام بأحكامها، خصوصاً تلك التي تحمي خصوصية المستهلك. ومن بين هذه الشركات "مايكروسوفت" و"انتويت" ودور الوساطة وشركات الضمان. ونظراً إلى صعوبة تمكن الشركات والمؤسسات المالية من انشاء تكنولوجيا خاصة بها لمعالجة ارسال الفواتير الكترونياً، سيضطر عدد كبير منها إلى كشف معلومات خاصة بزبائنه إلى الشركات التي تقدم له هذه التكنولوجيا، مثل "ترانسبوينت" التابعة ل "مايكروسوفت" لتتمكن الشركات التي تقدم الخدمة من تشغيل نظام الفواتير الالكترونية. ويبدو من الواضح ان مجموعة مثل "انتغريون"، التي تعود كامل ملكيتها تقريباً إلى مصارف، هي بمثابة احتياط ضد هذا الخطر. لكن هذا الأمر قد لا يدوم طويلاً، إذ حالما تبدأ الشركات في ارسال فواتير رقمية لزبائنها، ستتاح أمامها فرص أخرى، بحسب ما يقول غوردن بل، أحد كبار الباحثين في "مايكروسوفت". ويشجع بل أنه منذ فترة طويلة رئيس مجلس إدارة "مايكروسوفت" بيل غيتس على تقديم خدمة مثل خدمة "تشيك فري". ويرى أنه ينبغي ان يتم تقديم هذه الخدمة بواسطة تلفزيون انترنت وحساب مصرفي أو ما شابه. ويقول محللون إن فرصاً كهذه ستغيّر إلى الأبد موازين القوى بين الزبون والتاجر. ويرى تشانكا ميووي، الشريك في "دياموند تكنولوجي"، مشيراً إلى تطبيقات البرامج، "ان السبب الفعلي وراء كون هذه التطبيقات ناجحة جداً هو ان التكنولوجيا توفر منطلقاً للقيام بأمور أخرى". ويعتقد مووي بأن انظمة ارسال الفواتير الكترونياً ستؤذن ببدء نشاط "مجمّع" يمكن الأفراد من تسديد فواتيرهم كافة في مكان واحد بدلاً من تسديدها في مواقع مختلفة في انترنت، كما سيتيح ذلك للتجار توجيه اعلانات خردة غير مطلوبة إلى حيث ينبغي ان توجّه بالضبط. ويقول ميووي: "الجميع يتحدث عن ان هذه التكنولوجيا الجديدة ستصبح آلة اعلان مرسلة من السماء. ولكن ما لا يفهمه هؤلاء هو أنه حالما تأخذ هذه الفواتير شكلاً رقمياً ستصبح تحت سيطرة الزبون التامة. ولن يستغرق الأمر أكثر من 25 ثانية ليدرك أحدهم ان في امكانه تسجيل أرباح طائلة إذا تمكن من بيع ما يحول دون وصول هذه الاعلانات الخردة إلى مقصدها". ويضيف ميووي: "وبعد 25 ثانية أخرى سيقول هذا المرء لنفسه إنه إذا عمل لمصلحة الزبون وليس لمصلحة التاجر، فربما تمكن من انشاء تحالف للزبائن". وحتى الآن لا يوجد إلا عدد ضئيل من مجمعي فواتير الزبائن، وبين هؤلاء شركة جديدة هي "سايبربل. كوم" من بلدة سانتا كلارا في كاليفورنيا، التي تقدم للمستهلك خدمة ارسال فواتيره كلها الكترونياً إليه. ويعرب ميووي عن اعتقاده بأن خدمة كهذه - بدء بها لتوفير النفقات الخاصة بالزبائن - هي بالفعل تكنولوجيا خفية "لا يكتشفها الرادار"، وهي خطوة أولى نحو إعادة السيطرة إلى الزبائن على المعلومات الشخصية الخاصة بهم بعدما باتوا يسأمون من "رميهم" بالبريد الالكتروني المعد سلفاً وبالاعلانات الخردة التي تصلهم بواسطة وسائل الاعلام كافة.