ردت نشرة "الرباط" القريبة من "الهيئة التنفيذية" للجبهة الإسلامية للإنقاذ أمس على معارضي الهدنة والمصالحة في الجزائر. وهاجمت من سمّتهم "الاستئصاليين" الذين يعارضون أي حل بين الحكم والإسلاميين، وكذلك "أصحاب فقه الغلو" في التيار الإسلامي، وأيضاً الأحزاب الجزائرية التي تعارض الحوار بين السلطات وجبهة الإنقاذ. انتقدت "الرباط"، في عددها الذي يوزّع غداً الجمعة، ما وصفته ب"النشاط المحموم الذي يبديه بعضهم ضد مشروع المصالحة الذي وُضع على السكة من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة والشيخ عباسي مدني"، في إشارة الى رسالة الأخير الى الرئيس الجزائري والتي أيّد فيها هدنة "الجيش الإسلامي للإنقاذ"، وكذلك ترحيب بوتفليقة بعرض مسلحي جبهة الانقاذ القاء سلاحهم. واعتبرت النشرة القريبة من السيد رابح كبير، رئيس "الهيئة التنفيذية"، انه "تبيّن للجميع ان هناك أطرافاً ستتضرر من مشروع المصالحة الوطنية ولذلك تعمل جاهدة على نسفها بكافة السبل، إما بالتحريض على عدم وقوعها أو التشكيك في حقيقتها أو المزايدة على أطرافها بالشروط التعجيزية". وتابعت ان "أول طرف يرى نفسه متضرراً من المصالحة هو الطرف الاستئصالي" الذي يُقصد به العلمانيون الذين يعارضون أي حل مع "الأصولية" ويدعون الى "محاربة التطرف الإسلامي حتى القضاء عليه". واعتبرت ان هذا الطرف "تحالف مع القوة الأساسية في البلاد المؤسسة العسكرية وورطها في الدماء حتى تخيّل أن مصيرها ارتبط بمصيره فاحتل كثيراً من المناصب الحساسة ونال مزيداً من المكاسب. ولذلك فهو يخشى من نشأة علاقة قوية بين الجبهة الإسلامية للإنقاذ والجيش الوطني الشعبي يفقد من جرائها الكثير من امتيازاته غير المشروعة". وأضافت ان هذا الطرف "لجأ الى تحريك جمعيات ضحايا الإرهاب ... متناسياً ان افضل خدمة تُقدّم لهؤلاء هي المساعدة على تجاوز الجراح والعمل على عدم السقوط في بركة الدماء مرة أخرى". ومعلوم ان جمعيات وأحزاب علمانية تُنظّم منذ فترة تجمعات واعتصامات لجمعيات ضحايا الارهاب احتجاجاً على أي عفو محتمل عن "ارهابيين" بموجب الاتفاق الذي يجري الاعداد له بين السلطات الجزائرية و"جيش الإنقاذ". ولاحظت النشرة ان "هذا الطرف هو المستفيد الأساسي من استمرار الأزمة ولذلك تشن صحافته حملة ضد الهدنة وتوابعها". وهاجمت النشرة أيضاً جماعات إسلامية متشددة ترفض الهدنة مع الحكم الجزائري على أساس انه "حكم مرتد". ويبدو ان المقصود بهذا الهجوم أساساً "الجماعة الإسلامية المسلحة" و"الجماعة السلفية للدعوة والجهاد"، وكلتاهما ترفض أي تسوية مع الحكم الجزائري. وقالت "الرباط": "هناك أطراف أخرى معارضة للهدنة داخل ما يُتعارف عليه ب "الصف الإسلامي" تتمثل في أصحاب فقه الغلو وشعارات "لا هدنة ولا مصالحة ولا حوار" ممن يخشى الحساب على المجازر التي اقترفتها" الجماعات المتشددة. وانتقدت النشرة كذلك مؤيدي الجماعات الجزائرية المتشددة في الخارج الذين قالت عنهم انهم "من استثمر جهده وماله في دعم هذا التيار". وشنت أيضاً هجوماً على "من يرى نفسه مسؤولاً أبدياً ويرفض الخير للأمة لأنه تحقق على يد غيره". وتبدو هذه إشارة الى الشيخ عبدالقادر حشاني الذي نُقل عنه قبل أيام انه يعارض الاتفاق الذي يحصل بين الجيش الجزائري و"جيش الإنقاذ"، على رغم تأكيده انه ضد العمل المسلح. وختمت النشرة بانتقاد أحزاب جزائرية تعارض الاتصالات بين الحكم وجبهة "الإنقاذ". وقالت: "بما ان رضا الناس غاية لا تُدرك، تبدي بعض الأحزاب السياسية امتعاضها من المصالحة الوطنية بحجة عدم وجود وضوح كافي" في الاتصالات التي تتم بين السلطات و"جيش الإنقاذ". وردت على هذه الأحزاب بالقول ان الصراع في الجزائر، منذ 1992، "انحصر بين الجبهة الإسلامية للإنقاذ والنظام. ومحور التفاوض حالياً هو حول الأمور العالقة بينهما. فليس للأحزاب الأخرى قتلى ومفقودون ومسجونون ولا ضحايا للمأساة. المحادثات تدور كلها في هذا الشأن، وليس على تقاسم السلطة على حساب هذا الطرف أو ذاك، أو في تحديد شكل الدولة مستقبلاً خارج الأطر الديموقراطية والقانونية".