وجه مشروع قرار في مجلسي النواب والشيوخ الاميركيين دعوة صريحة الى الرئيس بيل كلينتون لتسليح "الجيش الشعبي لتحرير السودان" بقيادة العقيد جون قرنق، وطالب بإقامة مناطق محظورة على الطيران الحكومي في المناطق الخاضعة لسيطرة حركة قرنق في الجنوب والغرب. ينشط اعضاء في الكونغرس الاميركي لحشد التأييد في اوساط مجلسي النواب والشيوخ الاميركيين لإصدار مشروع قرار متزامن في المجلسين يهدف الى تشديد الضغوط على الحكومة السودانية لمعالجة الوضع في الجنوب. وتبنى 47 نائباً في المجلسين مشروع القرار الذي يأتي بعد زيارة قام بها ثلاثة من هؤلاء لجنوب السودان اخيراً. ويتألف مشروع القرار من طلبات غير ملزمة الى مجلس الأمن القومي والرئيس الاميركي. ويأتي المشروع بعد فترة صمت اميركية ازاء الأحداث في السودان. ويستخدم لهجة متشددة إزاء الحكومة ويتهمها بممارسة الرق والإرهاب. ويركز على ضرورة تسليح "الجيش الشعبي لتحرير السودان" الذي يقاتل منذ 15 عاماً وحارب عهوداً مختلفة في الخرطوم. وشهدت الفترة الماضية تخفيفاً في اللهجة الأميركية ازاء السودان وتراجعاً عن عقوبات اقتصادية، مما يضع مشروع القرار في موقع مختلف عن لهجة الادارة الاميركية. وتمكن الموقعون على مشروع القرار وعلى رأسهم النائب فرانك وولف المعروف بعدائه الشديد للخرطوم من تمرير المشروع في اللجنة الفرعية الخاصة بافريقيا التابعة للجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الاميركي في العاشر من الشهر الجاري. وتقدم السيناتور الجمهوري براونباك بالمشروع ذاته الى لجنة فرعية معنية بافريقيا في مجلس الشيوخ. وقرر الموقعون اصدار القرار متزامناً في المجلسين بانتظار انتهاء عطلتهما. ورصد مراقبون سودانيون في واشنطن "حملة منظمة بدأت تتشكل ضد الموقف الحكومي السوداني من النزاع في الجنوب، تلت حملة سابقة ركزت على قضية الرق وصلت الى مرحلة نشر معلومات عنها في اوساط تلاميذ المدارس الابتدائية في مناطق اميركية نائية لا تعرف إهتماماً بالقضايا الدولية". وعلى رغم ان قرارات الكونغرس يغلب عليها عادة التشدد والمغالاة في مطالبة الادارة الاميركية بالقيام بخطوات غير ممكنة احياناً بقصد التعجيز في اطار التنافس الحزبي احياناً، الا ان المراقبين لاحظوا ان احتمالات الاتفاق اكبر من احتمالات الخلاف في الشأن السوداني. وتوقعوا ان لا تلتزم الادارة كل ما ورد في مشروع القرار اذا اجيز في المجلسين، لكنهم لم يستبعدوا اقدامها على خطوات في شأن مسألة توزيع المساعدات وقضية الرق ومسألة مفاوضات السلام بين الحكومة والمتمردين التي يتوقع ان تستأنف في 19 تموز يوليو المقبل في نيروبي. ويقضي مشروع القرار بأن الكونغرس: 1 - يدين حرب حكومة الجبهة الإسلامية القومية للإبادة في جنوب السودان ودعمها الإرهاب وإستمرارها في انتهاك حقوق الانسان. 2 - يستنكر بشدة تجارة الرقيق التي تمولها الحكومة وسماح الخرطوم بالغارات من اجل الإسترقاق في جنوب السودان، ويطالبها بإنهاء فوري لممارساتها في مجال الرق. 3 - يدعو مجلس الأمن الى ادانة الغارات وتحقيق العدل إزاء المسؤولين عن هذه الجرائم. 4 - يطالب المجلس الرئيس ب: اولاً - زيادة الدعم للمنظمات الانسانية التي تعمل خارج عملية شريان الحياة التي تتولى التنسيق فيها الأممالمتحدة في مناطق المعارضة السودانية. ثانياً: توجيه مدير وكالة التنمية الدولية الأميركية ورؤساء الوكالات المعنية للقيام بمزيد من التنسيق مع المنظمات الانسانية غير الحكومية خارج عملية شريان الحياة التابعة للأمم المتحدة، والعمل على زيادة استقلال هذه العملية عن النظام في الخرطوم. ثالثاً: زيادة اموال مساعدات التنمية لتشمل قضايا الدعوة الى الديموقراطية وبناء الادارات المحلية والهيئات القضائية ودعم البنية التحتية لمناطق المعارضة. رابعاً: توجيه مدير وكالة التنمية الدولية الاميركية بتقديم مساعدات مباشرة الى "رابطة الإغاثة وإعادة التوطين السودانية" التابعة للجيش الشعبي لتحرير السودان والجماعات المحلية الاخرى في جنوب السودان وجبال النوبة. وتشمل هذه المساعدات الغذاء. خامساً: تكثيف الضغوط الديبلوماسية والاقتصادية على حكومة الجبهة الاسلامية القومية وتوسيع نطاق هذه الضغوط. سادساً: إمداد الجيش الشعبي لتحرير السودان بالأسلحة المضادة للطائرات لوقف الغارات الجوية التي تنفذها قوات الجبهة الاسلامية القومية ضد المدنيين. سابعاً: أخذ زمام المبادرة في تقوية ودعم الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف إيغاد. ثامناً: ابلاغ الكونغرس بجهود الادارة او خططها لانهاء الرق في السودان خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر من اقرار هذا القرار في الكونغرس. 5 - يطالب الكونغرس الرئيس بدعوة مجلس الأمن الى: أولاً: فرض حظر على بيع الأسلحة لحكومة السودان. ثانياً: ادانة اعمال استرقاق المدنيين الأبرياء واتخاذ الخطوات اللازمة ضد منفذي هذه الجرائم. ثالثاً: تطبيق اصلاحات عاجلة في عملية "شريان الحياة" لتعزيز استقلالها عن الخرطوم. رابعاً: تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1070 المتعلق بفرض الحظر الجوي على السودان. خامساً: اتخاذ قرار في شأن الحرب التي تخوضها الحكومة في جنوب السودان وجبال النوبة في الغرب مناطق قرنق باعتبارها حرب إبادة. سادساً: اقامة مناطق محظورة على الطيران الحكومي في جنوب السودان وجبال النوبة والأنقسنا بهدف حماية المدنيين من الغارات الجوية. وطرح مشروع القرار بعد زيارة قام بها الى جنوب السودان ثلاثة من اعضاء الكونغرس هم السناتور الجمهوري سام براونباك والنائب الديموقراطي دونالد باين والنائب الجمهوري توم تانكريدو. وطالب الثلاثة خصوصاً بان يشمل الحظر الاقتصادي الذي تفرضه واشنطن على السودان قضية الاستثمار في الصناعة النفطية الناشئة. وطالب الثلاثة الادارة الاميركية بتزويد حركة قرنق السلاح للدفاع عن ما سموه "مكتسباتها"، لأنها في نظرهم العقبة الوحيدة دون سيطرة الجبهة الاسلامية على كامل التراب السوداني على رغم ضعف تسليم المتمردين، وشددوا على ضرورة تسليم قرنق لأن نجاح الحكومة في إكمال سيطرتها على الجنوب ستترتب عليه تبعات جسيمة على الولاياتالمتحدة. وقالوا ان السودان سيلعب دوراً جوهرياً ومهماً في افريقيا في المستقبل ما يجعلهم يدعون الادارة الاميركية الى ان تضعه على صدر لائحة اولويات المصالح القومية الاميركية في الخارج التي تجب حمايتها والمحافظة عليها.