واصل وفدان يمثلان الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني امس محادثات تحت رعاية الولاياتالمتحدة استمرت خمسة ايام وحققت تقدماً في عملية تنفيذ اتفاق واشنطن الذي وقع في ايلول سبتمبر الماضي، وعلم ان اللقاء "حقق تقدماً في قضايا مهمة وأرجأ البت في قضايا اخرى" بسبب استمرار اختلاف وجهات النظر في شأنها بين الجانبين الكرديين. واعتبر الوسيط لاميركي ان ما تم تحقيقه "يشكل تقدماً حقيقياً خصوصاً لجهة تخفيف حدة التوتر بين الطرفين و"تفادي اندلاع القتال مجدداً". والتوافق بينهما على الية للحد من نشاطات حزب العمال الكردستاني ووقف الحملات الاعلامية وتبادل المكاتب الحزبية في اربيل والسليمانية، اضافة الى تحقيق بعض التقدم في شأن حل قضية توزيع الواردات مع استمرار وجود بعض الخلافات بشأنها. وبقيت قضايا تشكيل الحكومة الموقتة والبرلمان والانتخابات مفتوحة ولم يتم التوصل الى اتفاق في شأنها، علماً ان الجانبين اتفقا على تشكيل لجنة للاحصاء السكاني لاعداد قوائم الناخبين تحضيراً للانتخابات على ان تقدم الولاياتالمتحدة تفسيراً لاتفاق ايلول، وان تستمر في بذل المساعي لحل هذه العقد خطوة خطوة. وجددت واشنطن على لسان مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط السفير مارتن أنديك عزمها على المضي في مساعدة الطرفين وتأكيد استمرارها في تقديم الضمانات الأمنية للأكراد في شمال العراق. وكانت المحادثات الكردية بدأت في واشنطن الاربعاء الماضي وترأستها النائبة الاولى لمساعد وزيرة الخارجية اليزابيث جونز، وكان مفترضاً ان تنتهي هذه المحادثات يوم الجمعة لكنها امتدت الى يومي السبت وامس الاثنين بسبب استمرار وجود الخلافات على بعض القضايا العالقة. وترأس السيد سامي عبدالرحمن وفد الحزب الديموقراطي بزعامة مسعود بارزاني في حين ترأس الدكتور كمال فؤاد وفد الاتحاد الديموقراطي بزعامة جلال طالباني. وشارك في جلسة الافتتاح ممثلان عن الحكومتين التركية والبريطانية. واعتبر السيد هوشيار زيباري عضو وفد الحزب الديموقراطي ان المحادثات "حققت بعض التقدم"، خصوصاً في شأن وقف الحملات الاعلامية بين الجانبين ومعالجة او انهاء وجود حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وتبادل المكاتب الحزبية اذ سيفتح الاتحاد الوطني مكتب تمثيل سياسي في اربيل وسيفتح الحزب الديموقراطي مكتب تمثيل سياسي في السليمانية. وذلك كخطوة اولى في اتجاه التطبيع وتدابير اعادة بناء الثقة وما سمي "فتح المدن" امام الطرف الآخر. وأضاف زيباري في تصريحات الى "الحياة" قائلاً ان الجانبين وافقا على هذه الخطوات واتفقا ايضا البدء في اعادة المشردين والمهجرين طوعاً واخلاء منازلهم وتقديم تعويضات اليهم. واعترف باستمرار وجود خلافات في شأن قضايا الواردات لكنه اكد ان الحزب الديموقراطي وضع على طاولة المفاوضات "مبلغاً من المال" يقدم الى الاتحاد كجزء من الواردات، وان المسؤولين الاميركيين قبلوا الرقم واعتبروه نقطة بداية، لكن الاتحاد لا يزال يرفضه. "وربما كانوا يتوقعون رقماً اكبر". ويذكر ان الحزب الديموقراطي قدم الى الاتحاد الوطني في كانون الثاني يناير الماضي مبلغ 3.2 مليون دولار. ولاحظ زيباري تراجع الواردات التي تُحصل على الحدود العراقية - التركية نظراً الى تراجع صادرات النفط مشيراً الى ان الحركة متزايدة حالياً على الحدود العراقية - السورية. ولا تزال توجد خلافات بين الطرفين في شأن تشكيل الحكومة المؤقتة ومشاركة اعضاء البرلمان. وأكد زيباري ان الحزب الديموقراطي ملتزم بتنفيذ اتفاق واشنطن لكنه اشار الى "ان الاخوة في الاتحاد الوطني يعطون تفسيراً آخر، وعلماً بأن النص يقول بتشكيل حكومة انتقالية مشتركة وموحدة بين الطرفين على ضوء نتائج انتخابات العام 1992". ولاحظ زيباري ان بارزاني حصل في عام 1992 على 51 في المئة في حين حصل طالباني على تأييد 49 في المئة، وان بارزاني قبل بمبدأ المناصفة التي ادت فيما بعد الى اقتتال لمدة خمس سنوات وفشلت تجربة المناصفة. وتقرر عدم العودة الى المناصفة. والواضح من كلام زيباري ان الحزب الديموقراطي يريد الانطلاق مؤقتاً ولمدة اشهر ريثما تجرى الانتخابات من معادلة 51 في المئة له مقابل 49 في المئة للاتحاد الوطني. لكن الاتحاد يعارض هذه الشراكة ويصر على المناصفة. وقال زيباري ان من المفترض ان يتقدم الجانب الاميركي بتفسير لنص اتفاق ايلول في هذا الشأن، وكذلك فيما يتعلق بتفسير ما نص عليه الاتفاق في شأن البرلمان، والمجلس المؤقت وعضويته. وفي شأن قضية مقاتلي حزب العمال الكردستاني قال زيباري انه تم الاتفاق على الاجراءات الرادعة والمانعة لمنع تكرار الهجمات التي قام بها حزب العمال انطلاقاً "من مناطق" الاتحاد الوطني، مشيراً الى وقوع ثلاث هجمات الشهر الماضي. ودعا الى ضرورة تقيد الاتحاد الوطني بتنفيذ هذا الالتزام الأمني، وأشار الى "كل المسائل المطروحة مرتبطة ببعضها البعض". واعترف زيباري بأن الجولة الحالية من المحادثات قد لا تؤدي الى حل لمشكلة الحكومة الموقتة والبرلمان. واشار الى أن واشنطن أكدت عزمها المضي قدماً في مساعيها خصوصاً ان الادارة تعي جيداً ان جهودها لدعم المعارضة العراقية ككل تعتمد على وجود توافق كردي وعلى تفادي تجديد القتال بين الطرفين. وذكرت مصادر الحزب الديموقراطي ان الجانب الأميركي أعرب عن ارتياحه الشديد لتقديم الحزب عرضه دفع مبالغ مالية كواردات الى الاتحاد الوطني. وبدوره أقر الناطق باسم الاتحاد الوطني الكردستاني السيد برهم صالح بحصول تقدم في المحادثات في عدد كبير من النقاط مع بقاء بعضها من دون حل. وقال ان "نقطة الانطلاق لدى الطرفين مختلفة لكن هذا هو واقعنا وعلينا التعايش معه ونتعامل معه بطريقة تؤدي الى السلام". وأكد التزام الاتحاد باتفاق أيلول "وحماية أمن الحدود الدولية لمنطقتنا. وتوصلنا الى اتفاق على آلية للتحقق من الادعاءات عن هجمات يقوم بها مقاتلو حزب العمال الكردستاني". وأشار ان مقاتلي الحزب يشكلون "مشكلة موجودة في عمق مناطق بارزاني وليست نابعة من مناطقنا". وتابع صالح قائلاً ان "الحزب الديموقراطي يتهمنا بشكل أو بآخر ونحن نرفض هذا الاتهام فاتفقنا على الية للتحقق من هذه الادعاءات ولمنع التسلل اذا وجد". وقال "نحن ملتزمون بمنع وجود مقاتلي حزب العمال في مناطقنا. وان الحل الجذري لهذه المشاكل يتم من خلال تشكيل ادارة مشتركة بين الطرفين تأخذ على عاتقها شؤون المنطقة وضمان الحدود الدولية".