مع قرب انتهاء لجنة الانتخابات العامة في جاكارتا من فرز 117 مليون صوت بدأت قيادات الاحزاب الخمسة الرئيسية بالتحرك لاقامة تحالفات بينها، اذ لا يتوقع ان يحصل حزب واحد على غالبية ساحقة تمكنه بمفرده من حسم انتخاب الرئيس في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ودعا اكبر تانجونغ رئىس حزب "غولكار" الحاكم امس قيادات الاحزاب للوصول الى حل وسط للخروج من مأزق تشكيل الحكومة المقبلة واختيار الرئىس. وعلى رغم ان النتائج الرسمية ستعلن في 7 الشهر المقبل، فإن النتائج غير الرسمية بعد فرز 76 في المئة من الاصوات اظهرت تقدم حزب "النضال من اجل الديموقراطية" بزعامة ميغاواتي سوكارنوبوتري، فيما احتل حزب "غولكار" المرتبة الثانية، وتبعتهما خمسة احزاب اسلامية: "النهضة القومية"، وهو الاقرب لميغاواتي، و"التنمية المتحد" و"الامانة الوطني" و"النجمة والهلال" و"العدالة الاسلامي". ولن تتمكن ميغاواتي او تانجونغ من الانفراد بالحكم، ما سيدفعهما الى التحالف مع احزاب اخرى ومع الجيش. واول التحالفات الممكنة هو الذي يجمع حزب ميغاواتي و"النهضة القومية" والجيش، لكن تأمين الغالبية اللازمة قد يقتضي انضمام حزب "الامانة الوطني" بزعامة امين رئيس. وتواجه ميغاواتي في الوقت الحاضر موقفاً صعباً، وأفادت تقارير انها لا تسعى بحماسة الى مقعد الرئاسة فهي لم تعرف السياسة إلاّ بعدما تجاوز عمرها الاربعين. وهناك كثيرون في الاحزاب الاسلامية ممن يرفضون التعامل معها. وقال عبدالرحمن وحيد رئىس "حزب النهضة" انه لا يضمن تأييد أعضاء حزبه لها لأنها "امرأة" ولأن "معظم مؤيديها من النصارى". كما رفض حزب "التنمية المتحد" دعمها، وأكد امس تأييده الصريح للرئيس الحالي حبيبي. لكن احتمال التوصل الى تحالف بين عبدالرحمن وحيد وأمين رئيس وميغاواتي لا يزال قائماً، اذا وافق الاثنان على توليها الرئاسة مقابل منح حزبيهما مقاعد وزارية. والجدير بالذكر ان تجربة التحالفات غابت عن الحياة السياسية في اندونيسيا منذ الخمسينات، ولم تكن حتى في ذلك الوقت ناجحة حيث لم يطل عمر اي حكومة ائتلافية آنذاك. "غولكار" من جانبه تحرك بسرعة لاسترضاء الاحزاب الكبيرة. وقال تانجونغ امس انه مستعد للقاء بميغاواتي. وفي حال توصل الحزبان الى اتفاق ائتلافي سيشكل ذلك اكبر مفاجأة سياسية، اذ سيكون كافياً لاختيار الرئيس وسيدفع الاحزاب الاسلامية الى المعارضة. لكن تانجونغ وصف التحالف مع ميغاواتي بأنه "صعب للغاية"، وذلك بسبب عدم اتفاق الحزبين على مرشح مقبول. كما دعا وزير الداخلية شيروان حميد الحزبين الرئيسيين الى التحالف للخروج من المأزق الحالي. واعتبر ان تحالفهما سيسهل عملية تشكيل الحكومة والادارات المحلية. وتخشى الاحزاب الاسلامية في المقابل ان يؤدي تحالفها مع "غولكار" الى نشوء معارضة قوية بزعامة ميغاواتي، وهي تواجه قيادات "ورطة" حسب تعبير بعض قادتها. فأمين رئىس متوجس من انه اذا دعم انتخاب ميغاواتي ان حزبه سيهمش، لكن اختيار مرشح آخر سيعني ان اهدافه الاصلاحية لن تتحقق. ووحيد من جانبه قال انه يواجه خيارين: فإما أن يختار ميغاواتي فيواجه ضغوط الاسلاميين القوية او ان يختار شخصاً آخر فيواجه تظاهرات وضغوطات انصار ميغاواتي القوية ايضاً. ويعتقد محللون انه سيكون لحزب امين رئيس والجيش دور مهم في ترجيح كفة احد الطرفين. فالجيش يسيطر على 38 مقعداً في البرلمان، ويتوقع ان يحصل حزب "الامانة الوطني" على 35 - 45 مقعداً. وقال سليم سعيد، وهو احد ابرز الخبراء العسكريين، في جاكارتا امس ان القوى اليسارية ستقف مع ميغاواتي فيما ستقف القوى الاسلامية مع "غولكار". ورأى ان الجيش سيكون آخر المرجحين لكفة احد المرشحين.