قال المستشار الاقتصادي الفيديرالي السويسري وزير الاقتصاد باسكال كوشبان ان بلاده تخطط لتعزيز العلاقات مع العالم العربي خصوصاً البلدان المطلة على الضفة الجنوبية للمتوسط. واوضح في حديث الى "الحياة" ان السعودية تستأثر بنسبة 45 في المئة من المبادلات التجارية بين سويسرا والعالم العربي. وشدد على ان الانضمام الى الاتحاد الاوروبي يشكل هدفاً استراتيجياً للمجلس الفيديرالي مجلس الوزراء المؤلف من سبعة اعضاء. على رغم ان الشعب السويسري رفض في استفتاء عام 1992 الموافقة على الانضمام الى الاتحاد. وفي ما يأتي نص الحديث: هل تستعد سويسرا اقتصادياً لاحتمال الانضمام الى الاتحاد الاوروبي؟ - يعتبر المجلس الفيديرالي الحكومة الانضمام الى الاتحاد الاوروبي هدفاً استراتيجياً ما يدلّ على ان سويسرا ستُصبح في وقت من الاوقات عضواً في الاتحاد، وفي انتظار ذلك نلجأ الى توقيع الاتفاقات الثنائية لحل المشاكل الاقتصادية العالقة التي لا تحلّ المشاكل السياسية خصوصاً التعاون مع الاطراف الاخرى. وسويسرا بلد منفتح على الصعيدين الصناعي والخدمي، وهذا ما يقلّل من المصاعب مع الدول الاوروبية، وسواء انضممنا الى الاتحاد ام لا سيتعيّن علينا تنسيق سياستنا الجبائية ومكافحة المنافسة غير الشريفة وفي هذا السياق رفضنا التوقيع على اتفاقين في اطار "منظمة التجارة والتنمية الاقتصادية" العام الماضي ليس لأننا ندافع عن المنافسة غير الشريفة انما لأننا نعتقد ان دعم اي بلد لصادراته حتى تكون اسعارها منافسة في الاسواق الخارجية نوع من المنافسة غير الشريفة خصوصاً اذا كان الدعم يتم بواسطة اموال الدولة. هل لذلك انعكاس في تشديد الرقابة على التحويلات المصرفية وتالياً على السرية المصرفية التي صنعت شهرة المصارف السويسرية؟ - قطعاً لا لأن المحافظة على السرية المصرفية جزء من فلسفتنا ومبادئنا ومفهومنا للمجال الفردي، ونحن مستعدون لتنفيذ جميع الاجراءات الضرورية لملاحقة المخالفات الجبائية بما فيها التهرّب من الضرائب، لكننا لا نتحمس للملاحقة القضائية بالنسبة للمخالفات التي ليس لها طابع جنائي، لأن ذلك يرتبط بتصورنا لمجال الفضاء الفردي وهي ربما رؤية أقرب الى الانكلوساكسونية منها الى النظرة الفرنكفونية. ويمكن القول ان سويسرا من اكثر البلدان تشدداً مع غسل الاموال والتلاعب بها. من جهة اخرى هناك مخاطر على الصعيد الدولي فمنذ اشهر كنا نخشى من ارتفاع قيمة الفرنك السويسر في مقابل اليورو باعتبار ان الاتحاد الاوروبي هو شريكنا الرئيسي، وينبغي ان يحافظ الفرنك على هامش ثابت قياساً الى اليورو، صحيح ان قيمة الفرنك تراجعت قياساً الى الدولار، الا انه حافظ على قيمة قريبة من العملة الاوروبية الموحدة، وهذا أمر ايجابي. ونأمل ان يستقر اليورو لأن الأسوء لنا هو تقلّب قيمته وعندها سيصبح الفرنك السويسري العملة - الملجأ للآخرين وبالتالي ترتفع قيمته ما يحدّ من قدرتنا على التصدير الى شريكنا الرئيسي. ما هو اطار العلاقات مع دول الاتحاد الاوروبي؟ - رفض الشعب السويسري في الاستفتاء الذي اجري عام 1992 المعاهدة التي توصل اليها المجلس الفيديرالي مع الاتحاد الاوروبي على رغم ان البرلمان السويسري أقرّها. وهناك سبعة اتفاقات ثنائية لم تدخل بعد حيز التنفيذ على رغم ان البرلمان الاوروبي والبرلمانات الوطنية المعنية صدّقتها، الا انها تحتاج الى تصديق البرلمان السويسري عليها، وربما ستخضع لاستفتاء نظراً الى ان الدستور يجيز لخمسين الف مواطن ان يطلبوا اجراء استفتاء. ويبدو لي ان هناك من سيطلب ذلك وانه سيتعين علينا عرض الاتفاقات السبعة على الاقتراع العام، وآمل ان نفوز هذه المرة بموافقة الناخبين. هل معنى ذلك ان كثيراً من المشاكل ستُحل بعد تنفيذ هذه الاتفاقات؟ - ليس بالضرورة، خصوصاً المشاكل السياسية وأقصد الاوضاع الناجمة عن لجوء الكوسوفيين الى سويسرا ولن يكون متاحاً لنا حلّها بمعزل عن الاتحاد الاوروبي ومن دون تنسيق معه وربما من دون الانضمام اليه. الا ان هذا الخيار ليس وارداً اليوم، ان الامر العاجل الآن هو تنفيذ الاتفاقات الثنائية وبعدها سننظر في قضية الانضمام ربما ليس بدافع اقتصادي انما من منظور سياسي للمساهمة في البناء الاوروبي وحلّ مشاكل أمن القارة. ماذا تتوقع على صعيد النتائج؟ - ان نفوز بالثقة في الاستفتاء على الاتفاقات الثنائية ونخسرها في الاستفتاء على الانضمام الى اووربا الموحدة، لأن السويسريين غير متحمسين للقيام بقفزة كبيرة في هذه المرحلة لكن المجلس الفيديرالي يحافظ على هدفه الاستراتيجي وهو الانضمام الى الاتحاد الاوروبي. واهم ما يواجهنا اليوم هو الموقف من نتائج الحرب في كوسوفو فقد استضفنا اكبر عدد من الكوسوفيين بين 150 ألفاً و200 ألف لاجئ اي نحو 10 في المئة من سكان كوسوفو واكثريتهم لم تعد الى بلادها بعدما انتهت الحرب. نحن نريد ان نحافظ على تقاليد الضيافة والقيم الانسانية لكن من دون اثارة مشاكل اجتماعية او توتير العلاقات بين فئات المجتمع السويسري. وانفقت سويسرا في السنة الجارية بليوني فرنك سويسري نحو 1.2 بليون دولار في شكل مساعدات للاجئين، وهو مبلغ ضخم. ما هو حجم العلاقات التجارية مع الدول المغاربية؟ - تراجع حجم المبادلات مع كل من المغرب وتونس الى 39 مليون فرنك 24 مليون دولار الا ان البلدين لا يزالان يحتلان المرتبة الرابعة بين شركائنا التجاريين في افريقيا. وتزيد الاستثمارات السويسرية تدريجاً على رغم حجمها الصغير، ونتوقع ان تتطور اكثر مع التوصل الى اتفاقات بين الدول المغاربية والمنظمة الاوروبية للمبادلات الحرة التي تنتمي سويسرا اليها. وهذا يندرج في اطار سياسة سويسرا التي نسميها "خطوة وراء الاتحاد الاوروبي" اي ان نكون وراءه مباشرة. وعندما يوقّع الاتحاد الاوروبي على اتفاق مع بلد من البلدان نحذو حذوه لكن من خلال المنطقة الاوروبية للمبادلات الحرة، وهذا ما فعلناه مع المغرب وتونس اللتين سبق ان توصلتا الى اتفاق مع الاتحاد. كذلك توصلنا الى اتفاق مع السلطة الفلسطينية وهو ارتدى طابعاً سياسياً لأننا عبّرنا من خلاله عن دعمنا لها، ونتهيأ الآن لبدء مفاوضات مع مصر بعدما اوشكنا على توقيع اتفاقين مع كل من قبرص وسلوفينيا. طبعاً لا يشكل جنوب المتوسط منطقة حيوية لنا الا ان سويسرا تشعر انها طرف في اقامة منطقة مستقرة، ومزدهرة على ضفتي المتوسط لأن مصيرنا متداخل. ما هو حجم الاستثمارات السويسرية في العالم؟ - نحن نتبوأ المرتبة الخامسة في العالم بعد الولاياتالمتحدة واليابان وبريطانيا، وهذا امر جيد لبلد صغير لا يتجاوز عدد سكانه سبعة ملايين نسمة. ما هي انواع الاستثمارات السويسرية في العالم العربي؟ - تتركز اساساً في المنسوجات وصناعة الألبان نستلة والمطاحن والمحولات الكهربائية والزراعة، كذلك نشارك في المعارض الاقتصادية التي تُقام في الدول العربية. وفي كل بلد هناك اهتمام بقطاع اكثر من الآخر فالسعودية تشكّل زبوناً كبيراً وهي تسعى لتعديل الكفّة بتكثيف صادراتها الى سويسرا، وفي مصر تركز المؤسسات السويسرية على المطاحن والصناعات الغذائية وفي تونس تشغّل المصانع الصغيرة والمتوسطة الحجم التي أُقيمت في اطار الشراكة خمسة آلاف عامل وهناك نحو 50 مشروع شراكة في القطاعين الصناعي والزراعي. هل صحيح ان تفجير ازمة "الذهب اليهودي" في سويسرا يرمي الى كسر قوة النظام المصرفي المحلي في اطار تكريس زعامة الولاياتالمتحدة بما في ذلك سيطرتها على النظام المصرفي العالمي؟ - صحيح ان هذه المشكلة مرتبطة بالصعوبات الموروثة عن "المحرقة" خلال الحرب العالمية الثانية، لكن حلّها تم مباشرة مع المصارف، وليس مع الحكومة السويسرية. هذا لا يعني اننا متحفظون عليه بل نحن سعداء بتسوية هذا الملف الشائك. اما تعليقك على الموضوع فهو رأي شخصي لا يمكن ان يتبناه مسؤول حكومي.