سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مدير اتحاد بنوك برلين ورئيس قسم الشرق الأوسط وأفريقيا فيها ل "الحياة" : نسعى الى تمويل مشاريع كبرى في الدول العربية والسوق المشتركة ستجعل المنطقة أكثر جاذبية للاستثمارات
أدى ارتفاع أسعار النفط خلال السبعينات إلى زيادة الصادرات الألمانية إلى البلدان العربية. وحفز ذلك عدداً من المصارف الألمانية للنشاط في هذه البلدان، وكان على رأسها "بنك برلين" Berliner Bankالذي يشكل حالياً أحد أهم المؤسسات المصرفية في اتحاد بنوك برلين "بي جي بي" BGB. يتركز نشاط الاتحاد الذي يعتبر ثامن أكبر اتحاد مصرفي ألماني في المنطقة العربية على بلدان الخليج وبلاد الشام ومصر، وله مكاتب في القاهرة وبيروت وأبو ظبي وممثلية في المنامة، ويسعى منذ أعوام عدة كغيره من الاتحادات والمصارف الألمانية إلى توسيع أنشطته في البلدان العربية لتتجاوز التجارة إلى التمويل والاستثمار، وتشجعه على ذلك حركة الإصلاح الاقتصادي التي تشهدها البلدان العربية والرامية إلى تنويع مصادر الدخل وإطلاق قدرات القطاع الخاص. "الحياة" التقت الدكتور يورغن هولتس مدير الاتحاد ومسؤول قسم الشرق الأوسط وأفريقيا فيه، وهو يتحدث العربية بطلاقة ويعرف المنطقة العربية جيداً إذ يزورها نحو ست مرات سنوياً منذ أكثر من عقد من الزمن. هل لك أن تعطينا لمحة عن اتحاد بنوك برلين؟ - يضم الاتحاد ثلاثة مصارف هي: بنك برلين كمصرف تجارة وعمليات خارجية، وبنك مقاطعة برلين كمصرف توفير والبنك البرليني الهانوفراني المتخصص في مجال العقارات. ووصل رأس مال الاتحاد العام الماضي إلى 369 بليون مارك الماني وعدد موظفيه 16900 شخص، وله فروع في المدن الألمانية والأوروبية الرئيسية، وتملك بلدية برلين نحو 57 في المئة من الأسهم. متى أسس الاتحاد وماذا كانت الدوافع لذلك؟ - تم تأسيس الاتحاد مطلع عام 1994 كمجموعة قابضة وكمصرف استثماري بتشجيع من حكومة مقاطعة برلين باعتبارها المالك الرئيسي للأسهم. وما دفع إلى ذلك متطلبات الوحدة الألمانية وتحدي العولمة الذي يجد انعكاسه في ظاهرة اندماج الشركات والمصارف وازدياد حدة المنافسة بينها محلياً وعالمياً. ومن أهم ما يهدف إليه الدمج تعزيز موقع برلين كمنطقة مصرفية وخدمية، سيما وأنها مع محيطها من المناطق الفقيرة صناعياً بالمقارنة مع مدن غرب وجنوب ألمانيا. ومن شأن ذلك أن يعزز أيضاً قدرتنا على تمويل المشاريع الكبيرة في المدينة وخارجها. متى بدأ نشاطكم في البلدان العربية وفي أي مجال؟ - بدأنا نشاطنا هناك منذ أكثر من 20 عاماً في المجال التجاري، إذ بدأنا بتمويل صادرات الشركات الألمانية الكبرى إلى البلدان العربية عن طريق الاعتمادات وإصدار كفالات. ما هو سر اهتمامكم بالمنطقة العربية بشكل مبكر، مع العلم أن هناك مصارف ألمانية أكبر حجماً كانت ولا تزال بعيدة عنها؟ - لاحظنا أن العديد من البلدان العربية المهمة لم تكن معروفة كما ينبغي في ألمانيا. فبدأنا بالسفر إلى هناك برفقة تجار من برلين وخارجها. وحسب معلوماتي فإننا البنك الأول الذي بدأ بتنظيم رحلات تجارية إلى سورية ولبنان وبلدان الخليج. كما أننا نقوم منذ أعوام طويلة بتدريب وتأهيل كوادر عربية مصرفية في برلين وفرانكفورت ولندن وغيرها، وأثمرت هذه الأنشطة عن تعزيز موقعنا على صعيد العلاقات التجارية العربية - الألمانية. ولكن لماذا يقتصر نشاطكم عربياً على المجال التجاري بشكل رئيسي؟ - إن هدفنا لم يعد محصوراً بالنشاط في المجال التجاري كما كان عليه الأمر سابقاً. فمنذ أعوام عدة نسعى للمساهمة في تمويل العديد من المشاريع الكبرى في المنطقة العربية، وأخص بالذكر مشاريع البنية التحتية والنفط والغاز. وبدأنا فعلياً بتمويل مثل هذه المشاريع في بلدان مثل قطر. لكن اهتمامنا بالتمويل يرتبط بمدى مساهمة الشركات الألمانية في تنفيذ المشاريع المذكورة. هل يعني ذلك أنكم تهملون المشاريع المتوسطة والصغيرة على رغم أهميتها؟ - بالطبع لا. فأنا شخصياً أزور شركات متوسطة وصغيرة الحجم، خصوصاً في منطقتي برلين وبراندنبورغ وغيرهما. ومما لاحظناه أنها بحاجة ماسة لعلاقات تجارية جديدة خارج شرق أوروبا التي لا تزال تشكل مجال تعاملها الرئيسي في الخارج. ونحن نشجعها للتعامل مع شركاء في المنطقة العربية من خلال تعريفها بأسواقها واصطحاب ممثليها أثناء زياراتنا لبلدان المنطقة. وقد لاحظنا اهتماماً متزايداً من قبلها على هذا الصعيد، خصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية الروسية. كيف يبدو مستقبل نشاطكم في البلدان العربية على ضوء البدء بإقامة منطقة التجارة العربية الحرة؟ - إقامة منطقة التجارة العربية الحرة ستكون ايجابية بالنسبة للعلاقات الاقتصادية العربية - العربية بشكل أساسي. فأنت تعرف أن التجارة البينية العربية مثلاً لا تزال ضعيفة للغاية. وبالنسبة لنا ستكون لإقامة المنطقة نتائج إيجابية بشكل غير مباشر. لأن ذلك سيجعل البلدان العربية أكثر جاذبية للاستثمارات. ومن شأن ذلك أن يشجع رجال الأعمال الذين يتعاملون معنا على تقديم المزيد من الخدمات وعلى زيادة الإنتاج هناك. وهذا ما سيتيح لنا المزيد من الفرص لتمويل التجارة والمشاريع. وسيكون قسم مهم من هذه الأخيرة في مجال الإنتاج الصناعي الذي سيتم التوسع فيه بالاعتماد على المعارف والتقنيات الألمانية أيضاً. تشكو المصارف الألمانية من أن العرب، خصوصاً بلدان الخليج تفضل التعامل مع المصارف الأميركية أو البريطانية، ما هو رأيكم بذلك؟ - هذا صحيح إلى حد ما. فأهل الخليج في معظمهم يجيدون اليوم اللغة الإنكليزية. كما أنهم يسافرون على العموم إلى بريطانيا وأميركا. وعليه فإن التعامل مع المصارف الأميركية أو البريطانية أسهل بالنسبة لهم. ففي السعودية مثلاً تنشط المؤسسات المصرفية مشتركة Joint Venture البريطانية والأميركية بشكل رئيسي من دون مشاركة أي مصرف ألماني حتى الآن. ولكن الجانب العربي، خصوصاً السعودي يقول انكم غير مهتمين بمثل هذه الأنشطة؟ - حقيقة كان الألمان خلال الأعوام الماضية مشغولين بأنفسهم بشكل رئيسي. ويعود ذلك لأسباب أهمها إعادة توحيد ألمانيا ومتطلبات إعادة بناء الولاياتالشرقية منها. وكان من نتائج ذلك إهمال البلدان العربية من قبل الشركات والمصارف الألمانية. ولكن الاهتمام بهذه البلدان يزداد بشكل ملحوظ هذه الأيام وعلى مختلف الأصعدة. هل أنت متفائل بمستقبل العلاقات الاقتصادية العربية - الألمانية؟ - أنا متفائل جداً. فمعظم البلدان العربية تنفتح أكثر فأكثر على الاقتصاد العالمي. وفي الكثير منها تم إصدار قوانين استثمار جيدة مثل قانون الاستثمار الرقم 10 في سورية وقوانين مشابهة في تونس وبلدان الخليج واليمن الخ. وهناك مناطق حرة ممتازة في دبي جبل علي ومسقط وغيرهما. ولكن النجاح مرتبط بقدرة الجانب الألماني على تسويق منتجاته وخدماته. فالألمان لديهم تكنولوجيا ممتازة ولكنهم ضعفاء في مجال الترويج قياساً إلى الأميركيين والبريطانيين واليابانيين. ومن أسباب ذلك أن المؤسسات الألمانية كانت تعتبر أن الأمر حاصل تحصيل أو يتم بشكل تلقائي. وبدأت الآن تعي أهمية ذلك، وعليها أن تتعلم فنون البيع والشراء كما فعلت مثيلاتها اليابانية والكورية وغيرها. هل هناك من شكاوى معينة لرجال الأعمال الألمان على صعيد علاقاتهم العربية؟ - نعم، يشكو كثير من رجال الأعمال الألمان من بطء سير أعمالهم مع زملائهم العرب. ويعكس ذلك حقيقة أن رجل الأعمال الألماني على العموم اقل صبراً من زميله العربي. فالأول مثلاً يسافر إلى بلد عربي لبضعة أيام ويزور خمسة عناوين في اليوم الواحد. وبذلك فهو لا يترك الوقت الكافي للتعرف على زميله وعلى إمكانات التعامل معه. وبعد أن يعرض منتجاته يتوقع أن يحصل على النتيجة بشكل فوري. وبالمقابل فإن العرب يحبون التعرف على الضيف أولاً قبل أن يفكروا بالتعامل معه. وعليه فإن على رجال الأعمال الألمان السفر إلى البلدان العربية بشكل متكرر وتخصيص الوقت الكافي للتعرف على زملائهم العرب بشكل أفضل. لماذا تتردد المصارف الألمانية بشكل مبالغ فيه في إعطاء قروض لرجال الأعمال العرب؟ - تكمن المشكلة الرئيسية على هذا الصعيد في أن الشركات العربية، سيما المتوسطة والصغيرة الحجم منها، لا تعتمد تقارير مالية مصدقة من قبل مؤسسات استشارية معروفة عالمياً. ويعتبر الاعتماد على مثل هذه التقارير شرطاً لحصول هذه الشركات على ثقة المصارف الألمانية وقروضها. وعليه فإن على رجال الأعمال العرب عاجلاً أم آجلاً اتباع طرق تصديق كتلك المعروفة في أوروبا وأميركا. وللأسف فإن الكثير منهم لم يفكر بذلك حتى الآن. كيف ترى واقع ومستقبل المصارف العربية؟ - بالنسبة لي كمصرفي يعتبر التعاون مع المصارف العربية سهلاً جداً لأن المصارف المركزية تراقب المصارف التجارية بشكل ممتاز. ومن ناحية أخرى فإن العالم يشهد حركة اندماج بنكية ومصرفية كبيرة. وهناك فرص جيدة أمام المصارف العربية في حال اندماجها. والاندماج ضروري لأن المصارف العربية في غالبيتها صغيرة وغير قادرة على الاستمرار بمفردها. ومما سيساعدها على ذلك التشجيع الذي تلقاه من قبل المصارف المركزية التي تحاول إقناعها بضرورة الاندماج وأهميته.