يتطور الغزل السياسي بين ليبيا وكل من الولاياتالمتحدةوبريطانيا بخطى سريعة منذ تعليق العقوبات الدولية على ليبيا الشهر الماضي. وأفادت مصادر ليبية "الحياة" ان الأسابيع المقبلة ستشهد انتقال الحوار من مستوى غير رسمي الى المستوى الرسمي. وأوضحت ان المهمة التي قام بها مسؤول اميركي سابق في ليبيا اواسط الشهر الماضي لاستطلاع موقع القيادة الليبية من فتح القنوات لحوار رسمي بين الجانبين كللت بالنجاح. وأكدت ان المسؤول السابق الاميركي، وهو هيرمان كوهين مساعد نائب وزير الخارجية السابق، وجد حماسة لدى الليبيين لتطبيع العلاقات اكبر مما كان يتوقع. ويعتبر كوهين من اكثر الديبلوماسيين الاميركيين اطلاعاً على السياسة الليبية، كونه كان مكلفاً ملف الشؤون الافريقية بين العامين 1989 و1993 حضر الى تونس في 1994 لمواكبة جلسات مؤتمر القمة الثلاثين لمنظمة الوحدة الافريقية ووجد نفسه بهذه الصفة في احتكاك دائم مع السياسة الليبية في افريقيا. الا ان كوهين قال لدى مغادرته طرابلس الشهر الماضي: "اعتقد ان الطريق امام الحوار الأميركي - الليبي باتت مفتوحة إثر التطورات التي طرأت في الأسابيع الاخيرة" على قضية لوكربي. وشدد على ان "الحوار مهم للتوصل الى تفاهم متبادل بين الشعبين والدولتين ويصبح اكثر اهمية عندما لا تكون العلاقات بين الحكومات جيدة". وأفيد ان مهمة كوهين التي ارتدت طابعاً غير رسمي اندرجت في الواقع في اطار اعلان النيات الاميركي الذي اعقب تسليم الليبيين المشتبه بضلوعهما في تفجير طائرة "بان أميركان" فوق لوكربي في 1988، عبدالباسط المقرحي والأمين فحيمة، الى القضاء الاسكتلندي، والذي أكدت بموجبه الادارة الاميركية انها لم تعد تعترض على اقامة حوار رسمي مع السلطات الليبية. وفي هذا السياق شكلت محادثات كوهين مع كبار المسؤولين الليبيين تمهيداً لتطبيع العلاقات بين الحكومتين، وأفادت مراجع ليبية ان الموفد الاميركي غير الرسمي حاول استكشاف مواقف ليبيا من قضايا عدة تعتبرها الولاياتالمتحدة أساسية في اقامة اي نوع من العلاقات الرسمية، وتشمل قضية الارهاب ومسار التسوية السلمية في الشرق الأوسط والعراق وصولا الى الحرب الجارية في البلقان. لقاءان في جربة وأفادت مصادر رفضت كشف هويتها ان الحوار لم يبدأ مع زيارة كوهين ليبيا وانما انطلق منذ فترة بعيدة من خلال لقاءات مباشرة وغير مباشرة في غير عاصمة اوروبية وعربية. وأكدت ان لقاءين مهمين عقدا في جزيرة جربة التونسية بوساطة شخصية قيادية فلسطينية في 1997، وحضر اللقاء الثاني مساعد وزيرة الخارجية الاميركية دنيس روس فيما حضر من الجانب الليبي مسؤولون سياسيون وأمنيون في مقدمهم مدير مكتب الزعيم الليبي ابراهيم البشاري الذي قتل لاحقاً في حادث سير. وأوضحت المصادر ان الاتصالات التمهيدية لتطبيع العلاقات الجارية حالياً مع الولاياتالمتحدة تشمل بريطانيا ايضا، وان هناك اتفاقاً بين واشنطنولندن على عدم استعجال الحوار الرسمي والاقتصار على استخدام القنوات غير الرسمية في المرحلة الراهنة. وأضافت ان البريطانيين أفرجوا عن قسم من الحسابات المصرفية الليبية المجمدة عندهم كتعبير عن حسن النيات بعدما قررت الأممالمتحدة تعليق العقوبات الدولية في حق ليبيا في الخامس من نيسان ابريل الماضي. وركزت الاتصالات الليبية - البريطانية على محورين رئيسيين في اطار الاعداد لتطبيع العلاقات الرسمية بين الحكومتين يتعلق الأول بمنح الشركات البريطانية حصة من الصفقات التي تعتزم ليبيا منحها لشركات غربية في سياق عملية معاودة البناء الاقتصادي بعد انهاء العقوبات، فيما يتعلق الثاني بترتيب معاودة رحلات الخطوط الجوية البريطانية بريتش أيرويز بين لندنوطرابلس. وفي هذا الاطار أتت الزيارة التي قام بها وفد من "بريتش أيروسبيس" برئاسة مدير الأعمال في الشركة بيتر مكدونالد لليبيا الشهر الماضي، وناقش خلالها مع رئيس مجلس ادارة ا"الخطوط الليبية" السيد محمد عيسى حاجات ليبيا من الطائرات لتحديث اسطولها المدني المؤلف من 12 طائرة. وأفادت مصادر مطلعة ان مكدونالد سيعود الى ليبيا برفقة اعضاء من الوفد الأول قبل نهاية الشهر الجاري لاستكمال درس جوانب الملف، فيما توضع حالياً اللمسات الاخيرة على برنامج للرحلات الأسبوعية بين لندنوطرابلس. ويرجح ان توقع "الخطوط الليبية" قريباً صفقة لشراء طائرات جديدة من طراز "ايرباص" بالاضافة الى تحديث المطارات المدنية الليبية الرئيسية وتدريب الطواقم التي ستعمل على الطائرات الجديدة. وتقارب قيمة مثل هذه الصفقة عشرة بلايين دولار.