يحمل الرقم 50 صفات سحرية لاثنين من اللاعبين في صناعة الطيران التجاري، إذ أن انتاج طائرة ركاب نفاثة فئة 50 مقعداً لخدمة الخطوط الاقليمية والداخلية وضع شركة "بومبارديه" الكندية في المرتبة الثالثة على لائحة كبار منتجي طائرات نقل الركاب في العالم، وساهم في شكل كبير في دفع شركة "امبريير" البرازيلية صعوداً إلى المرتبة الرابعة. إلا أن انضمام "بومبارديه" و"امبريير" إلى نادي النخبة لم يرتبط فقط بانتاج طائرة بعينها، فكل منهما مؤسسة مخضرمة لها سمعتها في الأسواق العالمية والعربية، وتشتهر الأولى بطائرات رجال الأعمال النفاثة والطائرات التجارية والبرمائية التي بدأت انتاجها بعد تملك مجموعة من الشركات الكندية والأميركية في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، وتشتهر الثانية بطائرات التدريب والطائرات الخفيفة علاوة على الطائرات التجارية التي تنتجها كمؤسسة مملوكة للحكومة منذ منتصف السبعينات وكشركة مساهمة منذ 1994. واحتلت الشركة الكندية فعلياً المرتبة الرابعة لسنوات عدة وحصلت على مرتبتها الراهنة مذ أصبحت "ماكدونالد دوغلاس" جزءاً من مجموعة "بوينغ" نهاية سنة 1997، على رغم حصول الشركة البرازيلية على موقعها الجديد حديثاً، ويقول موريسيو بوتيللو، رئيس الشركة: "حققنا السنة الفائتة مستوى من الدخل يضعنا في المرتبة الرابعة بعد بوينغ وايرباص وبومبارديه"، لكن الشركة تعتبر أهم منتجي الطائرات التجارية والعسكرية في أميركا الجنوبية. وتملك كل من الشركتين مؤهلات تتناسب مع موقعها، وعلى سبيل المثال، انتجت "بومبارديه" في عامها المالي الأخير 1998/1999 227 طائرة من بينها 102 طائرة تجارية و113 طائرة أعمال، وحصلت طائراتها التجارية على 248 طلب شراء مؤكد ليرتفع بذلك اجمالي قيمة الطلبات المؤكدة لكل منتجاتها إلى نحو 15 بليون دولار أميركي. وانتجت "امبريير" في الفترة المقابلة 116 طائرة من بينها 60 طائرة تجارية و56 طائرة تدريب وطائرة خفيفة، وحصلت طائراتها التجارية على 267 طلباً مؤكداً وارتفع بذلك اجمالي قيمة الطلبات المؤكدة لكل منتجاتها إلى 1.4 بليون دولار. وعلى رغم الاختلافات الواضحة بين "بومبارديه" و"امبريير"، إلا أنهما اشتركتا في المراهنة على الزيادات الكبيرة التي تسجلها حركة نقل الركاب في الرحلات القصيرة بين مدن البلد الواحد أو مدن البلدان المتجاورة. وبحسب ما أكده "الاتحاد الأميركي للنقل الاقليمي" الذي يعتقد أن المراهنة تركزت فعلياً على الاستجابة لرغبة الركاب، لا سيما رجال الأعمال، في الاستفادة من مغريات التقنيات العصرية، بلغ متوسط نسب النمو في حركة النقل الاقليمي للسنوات العشر الأخيرة نحو 7.7 في المئة سنوياً. وعملياً وجدت "بومبارديه" بيضتها الذهبية قبل منافستها البرازيلية بست سنوات، إذ أطلقت سنة 1989 مشروعاً لانتاج طائرة نفاثة فئة 50 راكباً، وتم تدشين الطائرة الجديدة التي اطلق عليها اسم "سي آر جي 100" سنة 1991 وأدخلت الخدمة العام التالي ضمن اسطول شركة الطيران الاقليمية التابعة لشركة "لوفتهانزا"، وفي العام الفائت شكلت الطائرة الاقليمية ما نسبته 32 في المئة من اجمالي انتاج "بومبارديه" من الطائرات والغالبية العظمى من طلبات الشراء المؤكدة. وقالت كاترين تشيز، نائبة الرئيس لشؤون العلاقات العامة في مقر "بومبارديه" الرئيسي في مونتريال ل"الحياة": "من المؤكد أن انتاج الطائرة الاقليمية ساعد بومبارديه في الوصول إلى موقعها الراهن وفتح لنا سوقاً جديدة كل الجدة. قبل الطائرة الاقليمية كان مصنع مونتريال وهو واحد من 11 مصنعاً تملكها بومبارديه ينتج وحدتين من طائرة الأعمال تشالينجر في الشهر، لكنه ينتج في الوقت الراهن ثلاث وحدات من تشالينجر وسبع وحدات ونصف من الطائرة الاقليمية شهرياً". وبلغ انتاج "بومبارديه" من الطائرة الاقليمية حتى بداية الشهر الجاري نحو 300 طائرة، ولديها طلبات مؤكدة لشراء 238 طائرة إضافية، ما يعني أن حجم أعمالها من طراز طائرة واحدة بلغ حتى التاريخ المشار إليه نحو عشرة بلايين دولار، علاوة على 244 خياراً قابلاً للتحول إلى طلب مؤكد، ودخل اضافي بنحو خمسة بلايين دولار. ويعزز هذا الاحتمال طبيعة صفقات الطائرة الاقليمية مثل الصفقة التي أعلنتها "بومبارديه" أخيراً لبيع شركة الطيران الأميركية "نورث ويست ايرلاينز" 54 طائرة ومنحها 70 خياراً. لكن سيطرة "بومبارديه" المطلقة واجهت تحدياً خطيراً حين أطلقت "امبريير" برنامجاً مشابهاً سنة 1995 ودشنت أول طائراتها النفاثة فئة 50 راكباً العام التالي تحت اسم "اي. ار. جي 145". وحتى بداية الشهر الماضي انتجت الشركة البرازيلية 106 طائرات ولديها طلبات مؤكدة لشراء 133 طائرة، مما يرفع حجم أعمالها إلى نحو أربعة بلايين دولار فضلاً عن 215 خياراً، ودعمت موقعها باطلاق مشروع لانتاج طائرة فئة 37 راكباً ينتظر أن يتم تدشينها في تموز يوليو المقبل. واعتبرت "امبريير" نجاحها في تسويق الطائرة "اي. ار. جي 145" انجازاً كبيراً. وقال رئيس الشركة: "لقد تمكنا من الحصول على 45 في المئة من سوق الطائرة الاقليمية خلال فترة وجيزة من الزمن". لكن تقريراً حصلت عليه "الحياة" من منظمة التجارة العالمية كشف مدى ضراوة المنافسة القائمة بين المنتجين الوحيدين للطائرة التي ساهمت في وضع كل منهما في موقعه بين كبار منتجي الطائرات التجارية. واتخذت المنافسة منحى مثيراً حين تقدمت الحكومة الكندية بطلب إلى منظمة التجارة للنظر في تطبيقات برامج التمويل التي تعتمدها الحكومة البرازيلية لمساعدة شركاتها المحلية على تصدير منتجاتها، وردت الحكومة البرازيلية بحركة مضادة طاول البرامج الكندية المخصصة لتنمية الصادرات، واتهم كل طرف الطرف الآخر باستخدام البرامج المشار إليها غطاء لمنح صناعته المحلية أشكالاً من الدعم لا تجيزها قوانين التجارة الدولية. وطبقاً للتقرير الذي أصدرته لجنة خاصة أوكلت إليها مهمة النظر في الخلاف الكندي - البرازيلي، اتهمت "بومبارديه" منافستها بتلقي دعم مالي من الحكومة البرازيلية لتغطية الفرق الكبير 8.3 في المئة بين معدلات الفائدة التي تتقاضاها المصارف المحلية على القروض المخصصة لتمويل الصادرات وبين معدلات الفائدة المتوافرة لزبائنها في الأسواق العالمية. وزعمت ان الدعم الحكومي ساهم في النجاح الذي حققته "امبريير" في سوق الطائرات الاقليمية عن طريق خفض كلفة تمويل صفقاتها الخارجية لصالح زبائنها من شركات الطيران الاقليمية بمعدل مليوني دولار للطائرة الواحدة. واعترفت كاثرين ان انخفاض كلفة التمويل شكل حافزاً مغرياً لشركات الطيران، مما أثر على مبيعات "بومبارديه" من الطائرة الاقليمية النفاثة، وانعكس في الوقت نفسه سلباً على أسعار طائراتها المروحية الدفع على صعيد كلفة انتاجها وقيمتها الفعلية في السوق، وقالت: "لا شك ان اقتطاع مبلغ مليوني دولار من كلفة التمويل يعتبر خفضاً كبيراً وشديد الاغراء لشركات الطيران الراغبة في اقتناء الطائرة الاقليمية". وكشفت "بومبارديه" عن مجمل مخاوفها باتهام "امبريير" بالتهام سوق الطائرة الاقليمية، وقالت في حيثيات الدعوى الكندية: "منذ تسجيل الطائرة اي آر جي 145 سنة 1996 واطلاق مشروع الطائرة اي آر جي 135 سنة 1997، سيطرت امبريير على زهاء نصف سوق الطائرة الاقليمية وأعلنت نيتها زيادة انتاجها من ست إلى 12 طائرة شهرياً، مما سيمكنها من استنفاد الطلب على الطائرة الاقليمية النفاثة في المستقبل المنظور". إلا أن "امبريير" ردت على اتهامات منافستها بالتأكيد على أن برنامج معادلة الفائدة المصرفية الذي تعتمده الحكومة البرازيلية يهدف إلى التخفيف من المصاعب التي تواجهها شركات الدول النامية في الحصول على التمويل، مشيرة في المقابل إلى الدعم الذي تلقته "بومبارديه" من مؤسسة تنمية الصادرات الكندية لتمويل برنامج تطوير طائراتها الاقليمية النفاثة، وقالت: "مما لا شك فيه ان بومبارديه تتمتع بمزية مؤكدة ليست متاحة لشركة امبريير وهي توافر التمويل بشروط أفضل". مواصفات اي ار جي - 145 امبريير القوة المحركة: 2 محرك نفاث "اليسون" بقوة دفع 3368 كلغ عدد الركاب: 50 راكباً طول الطائرة: 87.29م ارتفاعها: 75.6م عرض الجناحين: 04.20م عرض مقصورة الركاب: 11.2م ارتفاعها: 82.1م السرعة القصوى: 833 كلم/ ساعة مدى الطيران بحمولة كاملة: 2460 كلم. مواصفات سي ار جي - 100/200 بومبارديه طاقم: 2"1 عدد الركاب: 50 راكب القوة المحركة: 2 محرك نفاث "جنرال اليكتريك" بقوة دفع 3884 كلغ اقلاع طول الطائرة: 77.26م عرض الجناحين: 21.21م ارتفاعها: 22.6م عرض مقصورة الركاب في الوسط: 57.2م عرضها عند مستوى الأرضية: 18.2م أقصى ارتفاع: 87.1م مدى الطيران بحمولة قصوى: 3713 كلم السرعة القصوى: 860 كلم/ ساعة.