اعتبرت وزيرة خارجية قبرص أراتو كوزاكو ماركوليس أن توحيد المعارضة السورية أمر محوري لحل أزمة سورية. وشددت ماركوليس التي ترأس بلادها الاتحاد الأوروبي حاليا على رفض أي تدخل عسكري في هذه الدولة العربية. وعن عملية السلام في الشرق الأوسط قالت إنهم قلقون من تعثرها ويدعمون خيار الدولتين ويطالبون بوقف الاستيطان الإسرائيلي وجميع الممارسات التي تعرقل المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وعبرت عن تقديرها لدور الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحكمته السياسية وبعد نظره في مواقف سياسية عديدة، لافتة إلى أن بلادها تسعى لفتح مزيد من قنوات الاتصال مع المملكة. وفيما يلي ما دار في الحوار: مع التصعيد الذي تشهده أزمة سورية، ماهي أولويات الرئاسة القبرصية للاتحاد الأوروبي في التعامل مع هذه القضية ؟ رحبنا باختيار الأخضر الإبراهيمي موفدا أمميا وعربيا جديدا. وأكدت له أن الرئاسة القبرصية للاتحاد الأوروبي تدعم مهمته. ولدينا قناعة بأن أمامه الكثير من العمل الذي يتطلب تعاون ووحدة صف المعارضة السورية. وهو أمر محوري لحل الأزمة الذي ينبغي أن يتحرك في إطار ما بعد مرحلة نظام بشار الأسد. كما شاركنا بصفتنا رئيسا للاتحاد الأوروبي في اجتماع أصدقاء الشعب السوري الذي استضافته برلين في بداية شهر أغسطس الماضي. وفي نفس الوقت نحذر من تصعيد العمليات العسكرية التي تزيد محنة الشعب السوري ونؤكد على أهمية إيصال المعونات الإنسانية للاجئين السوريين في الدول التي استقبلت أعدادا كبيرة منهم وعلى رأسها تركيا والأردن. وقد زادت المفوضية الأوروبية حجم معونات أوروبا لدعم المساعدات الإنسانية من 20 مليون يورو إلى 40 مليون يورو. ويهمنا أن تصل هذه المبالغ إلى الأيادي الأمينة. وهو الأمر الذي يمكن أن يرى النور إذا كان هناك موقفا موحدا من المعارضة السورية. ونحن في الاتحاد الأوروبي نواصل العمل من أجل تحقيق هذا الهدف. ويهمني جدا توضيح رفضنا لأي تدخل عسكري لحل الأزمة السورية. ونرجو أن تبقى خطة المبعوث الأممي العربي السابق كوفي عنان إطارا للحل في الجهود التي يبذلها خلفه الإبراهيمي. عبرتم مؤخرا عن مخاوفكم من احتمال انتقال الصراع السوري إلى لبنان، فهل ترون أن ذلك الاحتمال ممكنا في ظل المعطيات الراهنة ؟ بالطبع هذه المخاوف ليست خاصة بنا وحدنا وإنما تأتي في سياق الموقف الأوروبي ككل، إذ حذرنا من انتقال التصعيد في الأزمة السورية إلى الأراضي اللبنانية. ونحن نتابع الأحداث الجارية في طرابلس اللبنانية، وحذرنا مواطنينا من السفر إلى مناطق بعينها في لبنان. كما طلبنا من القبارصة المقيمين في لبنان متابعة الأحداث بشكل مباشر مع السفارة القبرصية في بيروت. وفي نفس الوقت حذرنا القبارصة من السفر إلى سورية. كيف تترجمون نتائج القمة الإسلامية الاستثنائية التي استضافتها المملكة العربية السعودية في مكة مؤخرا ؟ نحن حريصون على العلاقات مع العالم الإسلامي من منطلق موقعنا الجغرافي المهم. وعلى هذا الأساس تابعنا استضافة المملكة العربية السعودية لهذه القمة المهمة والتي أكدت على أن الدول الإسلامية تقف إلى جانب المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمة السورية. ونعتبر تجميد عضوية سورية في منظمة التعاون الإسلامي خطوة في هذا الإطار. بالطبع لاحظنا أن هناك بعض المواقف المخالفة لهذا المطلب إلا أن الأهم هو أن التوجه الأكبر يسعى إلى عزلة النظام السوري سياسيا ما يعني أيضا دعما لسياسة العقوبات الأوروبية المفروضة عليه. ونحن نقدر دور الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحكمته السياسية وبعد نظره في مواقف سياسية عديدة لا يمكن الاستهانة بها. وقد اتضح ذلك جليا في الكلمة التي ألقاها في افتتاح تلك القمة. ما تقييمكم للعلاقات السعودية القبرصية ؟ العلاقات القبرصية السعودية ممتازة جدا. ونحن نسعى لفتح مزيد من قنوات الاتصال مع المملكة وندعو لتكثيف الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين للتباحث حول الملفات ذات الاهتمام المشترك مثل ملفات العلاقات الثنائية والاستثمار والتجارة والسياحة. ويتم التشاور في اللجنة البرلمانية المشتركة لا سيما فيما يخص مطلبنا برفع التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى سفارة وتبادل السفراء بين البلدين فضلا عن تعاوننا في الملفات التي تخص الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية والعلاقات مع مجلس التعاون الخليجي. في ضوء منتدى بولونيا كيف ترون التعاون الأكاديمي مع المملكة العربية السعودية ؟ الاتحاد الأوروبي حريص على تطوير السياسة الأكاديمية والتعليم الجامعي. وقد حدد منتدى بولونيا تطوير سنوات الدراسة والتعاون في مجال البحث العلمي والتبادل الأكاديمي ليس فقط مع دول أوروبا ولكن مع دول الشرق الأوسط لا سيما المملكة العربية السعودية. وهناك عدد كبير جدا من الأكاديميين السعوديين الذين يدرسون في إطار اتفاقية بولونيا في دول أوروبية متعددة، الأمر الذي يمكنهم من الحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه ويسمح بالدراسة في أوروبا بعد انتهائهم من الدراسة الأكاديمية بالمملكة والحصول على شهادة (الباتشولر). بحكم قربكم الجغرافي من ليبيا، كيف ترون الانتقال السياسي في هذه الدولة بعد سقوط نظام معمر القذافي ؟ نرحب جدا بهذا التحول التاريخي السلمي الذي تشهده ليبيا لأول مرة وندعم نقل السلطة من المجلس الوطني الانتقالي إلى المؤتمر الوطني المنتخب في السابع من يوليو (تموز) الماضي. ونقدر دور رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل الذي أعد خطوات البلاد على طريق العملية الديمقراطية التي أنهت عهد الديكتاتورية. ونرى أن المسؤولية الآن تقع على عاتق المجموعة المنتخبة والتي ينبغي أن تعمل من أجل تأسيس دولة ديموقراطية ودستورية تحترم حقوق الإنسان والتعددية. ونحرص على دعم هذه الخطوات وتقديم الخبرات للمؤسسات الدستورية الجديدة في البلاد. تستعدون لعقد القمة الأوروبية في أكتوبر المقبل، فأين موقع ملف السلام في الشرق الأوسط بين قضايا جدول أعمالها ؟ في الحقيقة نحن قلقون من تعثر عملية السلام في الشرق الأوسط. وقد حرصنا من خلال رئاستنا للاتحاد الأوروبي على أن ننظم مؤخرا مؤتمرا مع دول شرق حوض البحر الأبيض المتوسط حمل شعار (السلام والأمن والاستقرار). وفي رأيي أنه لا يمكن تحقيق هذه الأهداف دون أن نشهد تقدما في عملية السلام الإسرائيلي الفلسطيني. وقد أوضحت ذلك خلال لقائي الأخير مع نظيري الإسرائيلي ليبرمان فضلا عن تأكيدنا على أن الاتحاد الأوروبي لن يتخل عن القيام بدور فاعل في هذه القضية. وقد طالبنا بوقف الاستيطان الإسرائيلي وجميع الممارسات التي من شأنها عرقلة استئناف المفاوضات المباشرة بين الجانبين. وأؤكد على موقفنا الداعم لخيار الدولتين لتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة، علما بأن لأحداث سورية تأثير في مربع السلام. وهو تحد ينبغي التغلب عليه والتوجه باتجاه أولويات المنطقة. وقد استقبلت مؤخرا وزير خارجية السلطة الفلسطينية د. رياض الملكي وأكدت له استعداد بلادنا لاستضافة مؤتمر إقليمي أو دولي للسلام في المنطقة ودعمنا للحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني ويهمنا استئناف المفاوضات المباشرة التي ينبغي أن تحرز تقدما في مفهوم خيار الدولتين. كيف تقيمون علاقاتكم مع تركيا في ظل انقسام الجزيرة القبرصية إلى جزئين أحدهما تمثلونه والآخر قبرص التركية؟ تركيا لم تعترف بقبرص الشمالية حتى الآن. وللأسف لا توجد أي علاقات لنا مع تركيا التي لا تسمح بفتح قنوات اتصال معنا. والحقيقة أننا قمنا قبل تولي الرئاسة القبرصية للاتحاد الأوروبي بتوضيح رؤتنا بأنه من غير المقبول أن تتعامل تركيا على هذا النحو مع اتفاقيات الاتحاد الأوروبي التي تنص على التعاون مع جميع الدول الأعضاء ال 27 . استقبلتم مؤخرا وزير خارجية صربيا الجديد، فما هو دور الرئاسة القبرصية للاتحاد الأوروبي في تفعيل خطوات انضمام صربيا لعضوية الاتحاد ؟ لقد أكدت خلال استقبالي لوزير خارجية صربيا إيفان ماركيه على أننا خلال رئاستنا للاتحاد الأوروبي سنهتم جدا بالخطوات الرامية لانضمام صربيا لعضوية الاتحاد الأوروبي وبدء مفاوضات بين الجانبين على خلفية البيان الختامي للقمة الأوروبية المنعقدة في ديسمبر 2011 والذي ينص على وضع بلغراد على قائمة الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي وهو توجه يدخل في إطار توسيع الاتحاد باتجاه دول غرب البلقان. وهو ما يجعلني أيضا أرحب جدا بعضوية مونتينيغرو (الجبل الأسود) في العام المقبل. وقد أكدت خلال جولة في دول غرب البلقان على أن الاتحاد الأوروبي يدرس أيضا إمكانية وضع البوسنة والهرسك ضمن الدول المرشحة لمفاوضات العضوية في المستقبل.