بدأ العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني امس جولة دولية جديدة استهلها بزيارة القاهرة، ومن المقرر ان تأخذه الى الجزائر ثم تونسفباريس، وذلك ضمن اتصالاته مع قادة العالم التي اطلقها منذ اعتلائه عرش الاردن في شباط فبراير الماضي. وكان مقرراً ان يصل الملك عبدالله بعيد ظهر امس الى القاهرة لاجراء محادثات مع الرئيس حسني مبارك تتعلق بتنسيق المواقف العربية وآخر مستجدات عملية السلام. وافاد مسؤول اردني ان الملك عبدالله سينتقل الى الجزائر اليوم لاجراء محادثات مع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة تتناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية والعلاقات العربية - العربية. واضاف ان العاهل الاردني سيزور تونس غداً تلبية لدعوة من الرئيس زين العابدين بن علي، قبل ان يتوجه بعد غد الى باريس في زيارة عمل على ان تتبعها زيارة دولة مقررة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وسيغادر الملك عبدالله باريس ليل الاربعاء - الخميس عائداً الى عمان لاستقبال ولي عهد السعودية الأمير عبدالله بن عبدالعزيز. وقال مصدر تونسي ان الملك عبدالله سيبحث مع بن علي في آفاق تعزيز العلاقات الثنائية والوضع في المنطقتين المغاربية والمتوسطية والعلاقة بين العراق والامم المتحدة والجهود المبذولة لرأب الصدع بين البلدان العربية وتوحيد الصف العربي. واضاف ان الزيارة المرتقبة تشكل استمراراً للعلاقات الثنائية المميزة التي نسجها العاهل الراحل الملك حسين مع تونس والتي جسدها تشكيل لجنة عليا مشتركة برئاسة رئيسي وزراء الجانبين، والمناقشات الجارية لإنشاء منطقة للتبادل الحر. وأفادت مصادر مطلعة ان الملك عبدالله سيبحث مع بوتفليقة في آفاق تنشيط التعاون الثنائي والخيارات المطروحة لانعاش مسار السلام في الشرق الاوسط والمبادرات الرامية لتحقيق التضامن العربي والقضايا المتصلة بالقمة الافريقية التي تستضيفها الجزائر في الثاني عشر من تموز يوليو المقبل. وتندرج زيارة العاهل الاردنيلفرنسا ضمن الاتصالات التي يقوم بها مع كبرى الدول الدائنة في اطار مجموعة السبع قبل التئام قمتها منتصف حزيران يونيو المقبل في كولونيا المانيا. ويسعى الاردن لاقناع هذه الدول الصناعية الكبرى بشطب 50 في المئة من الدين الخارجي المترتب على الاردن والذي يقدر رسمياً ب8.6 بليون دولار. وقال المسؤول الاردني ان الرئيس جاك شيراك سيلتقي الملك عبدالله على غداء عمل، وسيبحث معه في تنمية العلاقات الثنائية وسبل اعادة تحريك عملية السلام عقب انتخاب زعيم حزب العمل ايهود باراك رئيساً للحكومة الاسرائيلية. كذلك سيكون في صلب محادثات الزعيمين ضرورة استئناف مفاوضات السلام على المسارين السوري واللبناني والوضع في العراق وكوسوفو. ومن المقرر ان يلتقي العاهل الاردني رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان ونحو عشرين من كبار رجال الاعمال الفرنسيين، خصوصا اصحاب شركات "لا فارج"، و"سويز ليونيز للمياه" و"آكور" وهي من اوائل الشركات الدولية التي استثمرت في الاردن ضمن برنامج الخصخصة. وقال مصدر فرنسي مطّلع ل"الحياة" ان فرنسا قدّمت دعماً كبيراً للأردن خلال اجتماع نادي باريس لجدولة الدين الأردني. وحضر وزير المال الأردني ميشيل مارتو ذلك الاجتماع حيث التقى نظيره الفرنسي دومينيك شتروس - كان الذي اكد له دعم فرنسا الكامل واستعدادها التام لمساعدة الأردن الى اقصى درجة. وحصل الأردن على اتفاق من دول نادي باريس يقضي بجدولة نحو بليون دولار مع خفض كبير لخدمة الدين. وأصبحت اعادة الجدولة موزعة على فترة 20 سنة مع فترات سماح تتراوح من 3 الى 10 سنوات، يبدأ العمل بموجبها فوراً. وأعادت فرنسا جدولة 200 مليون دولار من مجمل المبلغ وهو ما اعتبرته الاوساط الفرنسية "مبلغاً مهماً". والدول التي جدولت الديون المترتبة لها على الأردن هي المانيا وكندا وبلجيكا والدنمارك واسبانيا والنمسا والولايات المتحدة وايطاليا واليابان وبريطانيا وسويسرا. وقال المصدر الفرنسي ان زيارة الملك عبدالله لباريس ستتيح للسلطات الفرنسية العليا التعرّف اليه اكثر، والاستماع الى وجهة نظره في شأن ما يتوقعه من قمة الدول الصناعية الكبرى في كولونيا. وأضاف ان الملك عبدالله سيعرض على المسؤولين الفرنسيين الازمة الاقتصادية في بلاده. وأشار الى ان الجانب الفرنسي سيعبّر مجدداً عن استعداده مواصلة دعم الأردن اقتصادياً ويعيد التذكير بما قام به منذ تولّي الملك عبدالله العرش. وكان شيراك التقى الملك عبدالله خلال تشييع والده الملك حسين. وذكر المصدر ان المسؤولين الفرنسيين سيبحثون ايضاً مع الملك عبدالله في القضايا الاقليمية ومسيرة السلام والوضع في اسرائيل بعد انتخاب باراك. ولاحظ المصدر ان المسؤولين الأردنيين على غرار الكثير من المسؤولين الغربيين يشعرون بالارتياح لخروج رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو من السلطة وان الجانب الأردني منفتح ومتفائل لكن بحذر. من جهة اخرى، افاد مصدر رسمي ان العاهل الاردني تلقى امس دعوة من الفريق عمر البشير لزيارة السودان. واعرب البشير في رسالة الى العاهل الاردني نشرت في عمان عن امله في ان يتمكن الملك عبدالله من زيارة السودان "للتشاور في شأن قضايا الامة العربية والوقوف على مسار العلاقات الثنائية المتميزة والمتنامية".