بقي الوضع في منطقة جزين متصدراً الاهتمامات الرسمية امس، وأكدت مصادر حكومية ان "مسألة انسحاب "جيش لبنان الجنوبي" الموالي لاسرائىل منها جدّية"، في حين واصلت الميليشيات اجراءاتها الميدانية تمهيداً للانسحاب. أكدت مصادر حكومية امس "ان السلطات المعنية تواصل اتصالاتها من اجل نقل جزين الى حضن الدولة، من دون أثمان أو أكلاف". وقالت ان "الخطوة التي يقوم بها عملاء اسرائىل بالانسحاب من جزين جدّية وهم يعتزمون المغادرة قريباً". من جهتها، نقلت "وكالة الانباء المركزية" عن مصادر حكومية ان "بدء الانسحاب من جزين بات وشيكاً جداً"، مشيرة الى احتمال كبير ان يبدأ في خلال الساعات ال48 المقبلة وهو سيستكمل ضمن مهلة تتراوح بين خمسة وعشرة ايام". وعلى الصعيد الميداني، أفيد من منطقة جزين عن حركة نقل للعناصر اللحدية والمعدات العسكرية في اتجاه "الشريط الحدودي" المحتل في حين تواصل تفكيك المزيد من المنشآت والمواقع العسكرية. وأفادت معلومات من المنطقة عن اخلاء مربض مدفعية في محلة عين زعرور في جزين وتفكيك مركز تنصّت في عين تغرة وموقع مراقبة متقدم لها في كروم الارز لجهة منطقة الشوف والذي يشرف على معبر باتر. كذلك فككت أعمدة ارسال أجهزة الاتصال والتنصت العسكرية في موقع ضهر الرملة ونقله مع الاجهزة التابعة له الى تلة تشرف على معبر كفرحونة. وذكر قادمون من المنطقة ان شاحنات عسكرية شوهدت وهي تنقل معدات وتجهيزات المواقع الى معبر كفرحونة وان معظم تحصينات المواقع التي أخليت قد تمّ تفجيرها". وشهد معبر كفرفالوس منذ الصباح حركة عبور كثيفة لنواب وسياسيين وعدد من مراسلي وسائل الاعلام المحلية والعربية والاجنبية في اتجاه جزين. ومن أبرز العابرين النائب نديم سالم والنائب السابق ادمون رزق. وأفادت مصادر أمنية ان عناصر "الجنوبي" اعتقلوا صباح امس المدرس في مدرسة جزين نبيل رحيم من منزله في المدينة. الى ذلك، صرف النظر عن الاجتماع الذي اعلن "الجنوبي" انه سيعقد في ثكنة مرجعيون بين قائد "الجنوبي" اللواء انطوان لحد وفاعليات جزينية بعدما غادر البعض من هؤلاء مساء اول من امس الى بيروت للقاء مسؤولين لبنانيين. واستبعدت مصادر جزينية عقد مثل هذا الاجتماع. وأكدت ان فاعليات جزين بنوابها وشخصياتها السياسية والروحية ليست في وارد المشاركة في هذا النوع من الاجتماعات وان كل ما ينبغي ان يعني هذه الفاعليات خلاص منطقة جزين من الازمة التي تعيشها منذ سنوات كي تكون من ضمن المناطق التي تحتضنها الدولة ومؤسساتها. وفي هذا الاطار، نفى النائب سالم علمه بأي اجتماع سيعقد في مرجعيون وقال "حتى لو كان هناك مثل هذا الاجتماع فأنا لست معنياً به". وقال ان وجوده في المنطقة هو لطمأنة الاهالي والوقوف الى جانبهم". وعقد رئيس اساقفة صيدا ودير القمر المطران مطانيوس الخوري اجتماعاً في جزين مع أهالي المنطقة، ولفت في تصريح له انه لمس تطمينات من المراجع المعنية بملف جزين بان المنطقة ستنعم بالهدوء والطمأنينة. وجاءت الزيارة بعد لقائه امس رئىس الحكومة سليم الحص. ودعا متروبوليت صيدا ومرجعيون وتوابعهما للروم الارثوذكس المطران الياس كفوري القادم من مرجعيون اهالي جزين الى عدم مغادرة المنطقة لان ليس هناك ما يبرر ذلك. وتمنى ان يتحقق الانسحاب من كل المناطق الجنوبية في أقرب وقت انسجاماً مع القرار الدولي الرقم 425، وأعرب عن تفاؤله بان تقوم السلطة اللبنانية السياسية والامنية بواجباتها الوطنية. وتوالت المواقف من احتمال الانسحاب من جزين وتوقع النائب فارس بويز حصول "انسحاب تكتيكي وأمني أكثر مما هو انسحاب سياسي". وقال "ان الانسحاب الجزئي من جزين غير مطابق للقرار 425 وليس خالياً من الأفخاخ. وعلى الدولة اتخاذ الاجراءات الكفيلة ببسط سلطتها وعلى المقاومة ان تتعاطى بمنتهى الحكمة والحذر بحيث لا تقع في الاستفزازات". وأعرب رئيس لجنة الدفاع والامن النيابية سامي الخطيب عن تخوّفه من قيام المخابرات الاسرائىلية في جزين بخلق مشكلات للتقاتل"، معتبراً "ان ارسال الجيش الىها له محاذير كبيرة". واقترح ان تتولى قوى الامن الداخلي واجباتها في المنطقة. وقال النائب بيار دكاش "ما كان الانسحاب ليحصل لولا الصمود الذي تحلى به أهل جزين والمقاومة التي حققت الانتصار تلو الانتصار فأربكت العدو وأذهلت العالم". وطالب الدولة ان "تحزم أمرها وتتحمّل مسؤولياتها". وأكد رئيس المجلس السياسي في "حزب الله" النائب محمد رعد "ان أمن المناطق المحررة التي سيتم استعادتها ستكون في عهدة الدولة اللبنانية التي يعود لها اتخاذ الاجراءات والخطوات التي تراها مناسبة". ورأى النائب احمد كرامي ان الانسحاب هو أولى ثمرات المقاومة المدعومة من وحدة الشعب والحكم وليس هناك من خطر في انسحاب اسرائيل بل الخطر هو باحتلالها اجزاء غالية من جنوبنا الصامد". وأشاد بموقف رئيس الجمهورية أميل لحود من موضوع الانسحاب". وأكد نائب الامين العام للحزب الشيوعي اللبناني سعدالله مزرعاني "على ضرورة ابراز المقاومة بكل اشكالها ونطالب السلطة بتحمل مسؤولياتها في حفظ ابناء جزين وصيانة أمنهم، اما مطالب العدو وعملائه فيجب رفضها من دون مواربة. وأصدر تجمع ابناء جزين في "التيار الوطني الحر" بياناً خاطب الاهالي بالقول "لا تخافوا فالخوف ليس من شيمكم، ولا تخضعوا لتأثير ولا تطلبوا الحماية من احد ولا تطرقوا الابواب، فهذه مسؤولية من يجب ان يكون مسؤولاً. ولا تسألوا احداً عن موقفه او قراره فهذا واجب عليه وليس منة منه، أبقوا دائماً كما انتم احراراً بالفكر والانتماء".