كما في نهايات الافلام، تزداد المعركة الانتخابية الاسرائيلية اثارة مع تكاثر فضائح الاجرام والمال والمافيا. وفيما يستعد الاسرائيليون للتوجه الى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في الكنيست البرلمان الاسرائيلي ورئيس حكومتهم المقبل في السابع عشر من الشهر الجاري، يراقبون كيفية تشكل التحالفات بين زعماء سياسيين دانت المحاكم بعضهم بالاجرام وينتظر البعض الآخر كلمة القضاء. كذلك يراقبون حسابات من يسمي نفسه باليسار بعد ان تجلى ان لا فرق في الواقع بين "اليمين" و"اليسار" في ما يتعلق برؤية "الحل النهائي" مع الفلسطينيين. وظهر زعيم حركة "شاس" الدينية المتشددة ارييه درعي وهو يوجه اتباعه: "صوتوا شاس لنتانياهو، نتانياهو شاس" ليترك المسؤولين في تكتل "ليكود" الذي يتزعمه رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو يلطمون على الخد بسبب الخسارة التي سيجلبها التحالف مع "مجرم" دانه القضاء الاسرائيلي قبل اسبوعين بالرشوة وسوء الائتمان والسرقة. لكن درعي الذي دأب القانونيون الاسرائيليون على وصفه ب"المجرم" اختار ان يعلن ولاء حركته لنتانياهو حتى قبل حصوله على "فتوى" حاخامات شاس غداة توزيع شريط الفيديو الذي حمل عنوان "اني أتهم" والذي هاجم فيه النظام القضائي في ا لدولة العبرية وتجنيده لمحاربة اليهود المتدينين ذوي الأصول الشرقية الذين يشكلون اكثر من نصف الاسرائيليين. ولهذا السبب بالذات لا يُعير نتانياهو بالاً كبيراً لحقيقة ادانة درعي بالاجرام وحقيقة تهجمه على النظام القضائي الذي يفتخر الاسرائيليون بنزاهته. ومن اجل المقعد ايضاً، وقف نتانياهو امام الصحافيين ليؤكد "ثقته المطلقة" بوزير خارجيته ارييل شارون الذي اوصت الشرطة الاسرائيلية بتقديم لائحة اتهام ضده على خلفية تورطه بقضية "رشوة" ذات مستوى عال شملت تمهيد الطريق امام رجل اعمال اسرائيلي لعقد صفقة كبيرة لاستيراد الغاز الطبيعي من روسيا مقابل امتناعه عن الادلاء بشهادته في خصوص دور شارون في اجتياح لبنان عام 1982. وشارون ليس الوزير الوحيد الذي يواجه محاكمة من هذا النوع، فهناك "رأس العدالة" ذاتها، وزير العدل الاسرائيلي تساحي هنغبي الذي يرفض الامتثال للقانون وكذلك زعيم حركة اليهود المهاجرين من دول رابطة الشعوب الجديد ليبرمان الذي هاجم ايضاً النظام القضائي واتهمه بالانحياز. ويقف نتانياهو نفسه في الصفوف الأولى ل"مقدمي الرشاوى" فهو يبعثر اموال الدولة "ذات اليمين" فقط املاً في الحصول على اصوات الاصوليين والمتطرفين من اليهود. اما زعيم حزب العمل ورئيس قائمة "اسرائيل واحدة" ايهود باراك الذي ارتفعت اسهمه وسط الناخبين اخيراً املاً في تغيير نتانياهو، فهو يوزع "الغنيمة" قبل فوزه في الانتخابات على كل من يبدي استعداده لانتخابه وان كان ذلك على حساب "مبادئ" الحزب، وهو مستعد للتحالف مع "شيطان" الاصوليين في نظر حزب العمل اذا كان ذلك يعني انهم لن يصوتوا لنتانياهو في الجولة الثانية من الانتخابات. ورجح المحللون الاسرائيليون ان يختار باراك وزراء في حكومته، في حال فوزه، من الاحزاب الاصولية بدلاً من حزبي شينوي وميرتس اليساريين اللذين يؤيدانه من اجل التخلص من نتانياهو. نهاية فيلم الانتخابات الاسرائيلية اقتربت وهي تخبئ في ثناياها اكتشافات اخرى ستبرز خلال الاسبوعين المقبلين. الا ان احداً لا يخدع نفسه بأن نوعيتها ومضمونها سيؤديان الى نتائج "منطقية"، فالمعادلة في الدولة العبرية بعد اكثر من نصف قرن على اقامتها بدأت تتجلى بوضوح مع الأخذ بالاعتبار دوماً ان الاسرائيليين متفقون في ما بينهم على طريقة التعامل مع الفلسطينيين وان اختلف التكتيك