} أبدى الرئيسان السوداني عمر البشير والاريتري أساياس أفورقي تفاؤلاً بنجاح اتفاق صلح وقعاه في الدوحة أمس في إعادة علاقات بلديهما المقطوعة منذ 1994 الى وضعها الطبيعي. وتحدث الرئيسان عن "استعداد مشترك" و"توقيت مناسب" ساهما في إنجاح الوساطة القطرية بعد تجربة الخلاف التي استمرت سنوات. أشاد الرئيسان السوداني عمر البشير والاريتري أساياس أفورقي أمس باتفاق صلح وقعاه أمس في الدوحة، في الديوان الأميري القطري برعاية الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني. وتحدث البشير الى "الحياة" أمس عن رؤيته لمستقبل العلاقات السودانية - الاريترية ودور قطر في تنقية الاجواء بين البلدين، و"الجهود الكبيرة التي بذلتها الدوحة لتحسين العلاقات بين السودان واريتريا". وقال البشير ل"الحياة": "نحن سعداء بأن نكون اليوم أمس في دوحة العرب وأن نوقع هذا الاتفاق التاريخي الذي سيعود بعلاقات البلدين الى وضعها الطبيعي لننطلق الى أوضاع أفضل". وأشاد البشير ب"الجهد الطيب الذي بذله أمير قطر ومعاونوه". وأعرب عن أمله في أن يكون اتفاق الدوحة "انطلاقة جديدة لكل دول المنطقة". وسألت "الحياة" البشير عن وجود آلية لتفعيل هذا الاتفاق فردّ: "نعم ستكون هناك لجنة مشتركة وهي التي سترعى تفاصيل الاتفاق". وقال البشير للصحافيين: "يجب أن ننطلق الى أمام"، مشدداً على "ان الفترة الماضية كانت درساً للبلدين اللذين عانا ودفعا ثمن هذه المشاكل". وقال: "توجد الآن قناعة تامة لدى القيادتين السودانية والاريترية مما يؤكد اننا منطلقون الى مرحلة جديدة". ورداً على سؤال عن قضية المعارضة السودانية في اريتريا وكيفية التعامل معها قال البشير: "ان كل هذا سيكون في اطار التفاصيل التي ستنفذها اللجنة المشتركة". وسألت "الحياة" أفورقي في الديوان الأميري حيث كان يستعد للمغادرة الى المطار مع الرئيس السوداني عن موقفه من الاتفاق فقال: "أشكر أمير قطر على الدور البناء الذي لعبه في تحقيق التقارب والتوصل الى الاتفاق". وأضاف ان "الشراكة القطرية الوساطة ساهمت بشكل كبير في التوصل الى هذا الاتفاق اضافة الى الاستعداد الذي أبداه الطرفان". ورأى ان "هذا الاستعداد نابع من التجربة خلال الأعوام العشرة الماضية وان شاء الله ستعود الأمور الى ما كانت عليه وأفضل". وعن سبب نجاح الوساطة القطرية، في حين تعثرت مبادرات أخرى قال ان "الوقت مناسب والتركيبة مناسبة". وأضاف في رد على سؤال آخر: "ان الدور القطري يتميز عن أي دور آخر لأن دور أمير قطر كان دوراً مشاركاً وليس دور وسيط، ولأنه ليس دور وسيط له مصلحة معينة في هذه المسألة. كما تعتبر الثقة من الطرفين سبباً داعماً أيضاً لهذا الدور". وزاد أفورقي: "لا أرى ان شيئاً سينجح في أي مبادرة إذا لم تكن هناك صدقية للشركاء في أي محاولة". وسئل أفورقي هل تم تجاوز كل التحفظات الاريترية في العلاقة مع السودان عبر هذا الاتفاق فشدد على ان "هذا الاتفاق هو بداية مشوار ولن أكون واقعياً ان قلت ان كل الأمور حسمت في يوم وليلة". اما في شأن كيفية التوصل الى حل لقضية وضع المعارضة السودانية والاريترية الموجودة في البلدين، قال افورقي: "لا حديث عن المعارضة في هذا الوقت". وجاء توقيع الاتفاق بعد نحو سبع ساعات شهدت جولات تشاور قام بها أمير قطر ووزير خارجيته الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. وعلمت "الحياة" ان قطر قدمت للرئيسين السوداني والاريتري تصوراً لمشروع الاتفاق في ورقة من ست نقاط تؤكد في مجملها اعادة العلاقات الديبلوماسية واحترام الاعراف والمواثيق الدولية والاحتكام الى سياسة حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم اقامة تدابير اقليمية ضد البلد الآخر. وعُلم ان امير قطر اجرى اتصالاً هاتفياً مع البشير اثناء وجود افورقي في الدوحة الذي كان بدأ زيارة الجمعة ووجه اليه خلال المحادثة الدعوة لزيارة قطر. وكانت الاتصالات تكثفت بين القيادتين في شأن هذا الامر اخيراً ووصل البشير الى الدوحة في الثانية فجر امس. وعُلم ان السودان سعى الى اضافة تفصيل يوضح رأيه في مسألة الاعراف الدولية وطالب بأن يتضمن الاتفاق اشارة واضحة ومحددة الى الأعمال العسكرية ومسألة استخدام القوة لحل النزاعات وايواء جماعات معارضة مسلحة، لكن اريتريا رأت ان اضافة هذا الامر في الاتفاق هو "تحصيل حاصل" بحسب مصدر قريب من الاجتماع. ورأت، كما أشار المصدر ان الاشارة الى الاعراف والقوانين الدولية تكفي وان اضافة ما اقترحه السودان هو تكرار. وتدخل القطريون بتكثيف الاتصالات التي قادها امير الدولة ووزير الخارجية واجتمع الشيخ حمد بن خليفة مع البشير في مقر اقامته في فندق "شيراتون - الدوحة" ومع افورقي في قصر الضيافة. وعُلم ان الأمير أكد اهمية تحسين العلاقات وإعادة العلاقات الديبلوماسية. وعُلم ان وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية السيد احمد بن عبدالله آل محمود ووكيل الوزارة السيد عبدالرحمن العطية قاما بجهد كبير في وضع التفاصيل الفنية للاتفاق مع خبراء وفنيين. وعلمت "الحياة" ان امير قطر استخدم الصلة الشخصية التي تربطه بالرئيسين للتوصل الى الاتفاق الى جانب الثقة المتبادلة اضافة الى رغبة البلدين في تجاوز الخلافات. وعلم ان قطر قدمت اقتراحاً لتسوية التباين في الآراء في شأن بعض النقاط المتعلقة بتأمين الحدود وعدم ايواء معارضين وجماعات مسلحة اذ اقترحت تكوين لجنة مشتركة من السودان وأريتريا لمتابعة تنفيذ الاتفاق. وهكذا خرج الاتفاق بعد ولادة صعبة وعسيرة ووافق الطرفان على التوقيع. وكان افورقي موجوداً في قاعة في الديوان الاميري عندما وصل امير قطر والبشير وتصافح الرئيسان وصافح الوفد السوداني الجانب الاريتري وجلس الشيخ حمد بن خليفة وسط الرئيسين. وقال مصدر مطلع انه بعد نحو 40 دقيقة استغرقها اجتماع ثلاثي في الديوان الاميري للزعماء الثلاثة تم التوصل الى مشروع الاتفاق الذي تم توقيعه بعد تناول الغداء. ولوحظ ان الامير والرئيسين توجهوا في سيارة واحدة الى مطار الدوحة حيث غادر افورقي اولاً ثم البشير. وجلس البشير وأفورقي في المقعد الخلفي من السيارة فيما جلس الشيخ حمد بن خليفة في مقعد مواجه لهما. وحضر توقيع الاتفاق من الجانب السوداني وزير رئاسة الجمهورية بكري حسن صالح ووزير الدولة قطبي المهدي ووزير الدولة في وزارة العلاقات الخارجية علي النميري. وحضر من الجانب الاريتري وزير الصناعة والتجارة علي سعيد عبدالله ومدير الادارة العربية حامد حمد وحضر من الجانب القطري أمير الدولة وولي العهد ووزير الخارجية ورئيس الديوان الاميري السيد عبدالله بن خليفة العطية ووزير الدولة للشؤون الخارجية السيد احمد بن عبدالله آل محمود ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء السيد علي بن محمد الخاطر ووزير العدل السيد حسن بن عبدالله الغانم.