يمر الاطفال بمراحل عدة لكل منها متطلبات معينة. فالطفل في بداية حياته يكون اصدقاؤه عادة من الاقارب والجيران أو زملاء الحضانة أو المدرسة، ولكن مع بداية سنوات المراهقة ينتمي الى عالم مختلف إذ انه يلتحق بالمدرسة الاعدادية التي تختلف كثيرا عن المدرسة الابتدائية، ويبدأ في الخروج بمفرده واستخدام وسائل المواصلات المختلفة لينتقل بها الى مناطق بعيدة عن المنزل، كما يبدأ في تكوين صداقات وعلاقات مع اشخاص لا يعرفهم الاهل بالضرورة. وعن هذه العلاقات واثرها، تقول الدكتورة فوزية عبدالرحمن استاذة التربية في جامعة عين شمس: "إن الصداقات الجديدة، خصوصاً عندما يكون الاصدقاء من خارج الدائرة العائلية، ضرورية لتحديد مفهوم الصبي عن نفسه، والاجابة عن السؤال الأكثر الحاحاً في مرحلة ما قبل المراهقة: من أنا؟". وربما كان غياب دور الأهل في اختيار هذه الصداقات أمراً يثير انزعاجهم، إلا أنه مهم للابن الذي بدأت حاجته لتشكيل كيان مستقل لنفسه. وتتحدث الدكتورة عبدالرحمن عن الحدود التي يتعين على الاهل احترامها في ما يتعلق بعدد المرات التي يسمح بها للأبناء بالتردد على النادي وتحت أي شروط، وهل يمكن للأطفال زيارة اصدقائهم في المنزل في غياب الوالدين؟ وما العمل اذا لم يرتح الاهل الى الاصدقاء الجدد، او كانت لهم اعتراضات علي تصرفاتهم؟ فمن الصعب أن يحاولوا التأثير على ابنائهم في هذه السن، دون ان يعتبر الاولاد ذلك تطفلاً وتدخلاً في شؤونهم. وترى الدكتورة فوزية عبدالرحمن انه من الممكن تحقيق التوازن السليم في هذا الشأن اذا ركز الاهل على تعليم الابن المنهج الذي يشكل من خلاله علاقاته بدلا من املاء تصرفات معينة عليه. فدورهم يتلخص في توفير الحرية للأبناء في حدود، ومنحهم الفرصة لتعلم كيفية اختيار اصدقائهم من دون التخلي عن توجيه الابناء وحمايتهم. وتضيف انه عندما يقدم الابن صديقاً جديداً الى الاهل، قد يشعرون للوهلة الاولى بعدم الارتياح اليه. وتدعوهم الى التساؤل حول اسباب رفض هذا الصديق: هل هو مظهره او ملابسه التي توحي باستهتار او تفاصيل اخرى مثل سوار في معصمه او سلسلة ذهبية في رقبته، أم اختلاف انتمائه الاجتماعي او الطائفي أو العرقي؟ وتنصح الأهل بأن يمنحوا انفسهم الوقت الكافي للتأكد من أن عدم ارتياحهم لصديق ابنهم ليس ناتجاً عن مشاعر متحيزة، "فربما كان اختلاف الصديق هو ما يجذب الولد اليه، لأن بعض الابناء في هذه السن يهوون احاطة انفسهم بعالم اكثر تنوعاً مما ألفوه، وليس هناك ضرر من تعلم التعايش مع آخرين مختلفين". وتنصح الاهل بمحاولة الحوار مع اصدقاء ابنائهم الجدد، والاستماع الى هؤلاء اكثر، وان يتجنبوا فرض آرائهم كما لو كانت احكاما لا تقبل المناقشة. وتقول الباحثة مخاطبة الام: "حاولي ان تكوني موضوعية قدر الامكان وان تحددي بدقة ما الذي لم يعجبك في شخصية صديق ابنك، فكلما كنت موضوعية ودقيقة، كان كلامك اكثر اقناعا". وتضيف: "رغم التوجيه الذي يتلقاه الابناء، فانهم يشعرون بالارتياح سراً عندما توجه لهم ارشادات تعينهم على تحديد المواقف ويقدرونها في انفسهم. لذا يجب ان يتفهم الاهل أن دور الابن هو أن يضغط للحصول على المزيد من الاستقلالية".