أثار قرار المحكمة الدولية في لاهاي توجيه التهمة رسمياً الى الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش بارتكاب جرائم حرب ردود فعل دولية متباينة، ففيما اعتبرته موسكو وبكين معرقلاً لمحادثات السلام، اعلنت الولاياتالمتحدة انه قرار صائب، ورفضت اي حديث عن امكان اعطاء ميلوشيفيتش حصانة، باعتباره ما زال في الحكم. اما بلغراد فاعتبرت القرار سياسياً، واتهمت المحكمة الدولية بالخضوع لواشنطن و"بتنفيذ رغباتها السياسية". أعلنت المدعية العامة لمحكمة الجزاء الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة لويز اربور أمس الخميس توجيه التهمة رسمياً الى الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في كوسوفو. ووجهت لويز اربور رسمياً الاتهامات نفسها الى اربعة مسؤولين يوغوسلاف كبار هم: الرئيس الصربي ميلان ميلوتينوفيتش ونائب رئيس الوزراء اليوغوسلافي نيكولا ساينوفيتش وقائد الاركان العامة للجيش اليوغوسلافي دراغوليوب اويدانيتش ووزير الداخلية الصربي فلاتكو ستويوكوفيتش. وقالت اربور في مؤتمر صحافي في مقر محكمة الجزاء الدولية في لاهاي: "تم اصدار اوامر باعتقال المتهمين الخمسة يجرى تسليمها الان الى جميع الدول الاعضاء في الاممالمتحدة والى سويسرا". وأضافت القاضية الكندية: "وجهت الى هؤلاء الرجال الخمسة تهمة تهجير 740 الفاً من البان كوسوفو وقتل 240 آخرين تم التعرف الى هوياتهم". ويعتبر توجيه الاتهام الى ميلوشيفيتش الاول الذي يصدر عن هيئة قضائية دولية ضد رئيس دولة ما زال في منصبه. وأثار توجيه الاتهام ردود فعل متباينة في الدول المعنية بالازمة اليوغوسلافية، ففي حين اعتبرته الصين وروسيا عملاً يعرقل المساعي السلمية لحل مشكلة كوسوفو، رحبت فيه واشنطن بحماسة. اما باريس فكانت حذرة في التعليق على قرار المحكمة. واعتبرته بلغراد عملاً عدائياً بتوجيه من الولاياتالمتحدة. وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً اعتبرت فيه ملاحقة ميلوشيفيتش قضائياً "عرقلة" للمفاوضات، وأكدت ان "هذه الخطة تمت بدوافع سياسية". وأعربت عن عزمها على مواصلة البحث عن تسوية بالتفاوض مع جميع الاطراف، خصوصاً ميلوشيفيتش. وفي باريس عبّرت وزارة الخارجية الفرنسية عن حذرها، فقالت في بيان لها انها "اخذت علماً بقرار المحكمة الدولية" التي وصفتها بأنها "جهاز قضائي مستقل"، لكنها اشارت الى ان السلام في كوسوفو يتطلب المزيد من المناقشات مع السلطات المسؤولة في بلغراد. وعبرت الصين عن قلقها لتوجيه المحكمة الدولية تهم ارتكاب جرائم حرب الى الرئيس اليوغوسلافي. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية زهو بانغزاو: "نعبر عن قلقنا حيال الانعكاسات الممكنة لذلك على فرص تسوية سياسية لمشكلة كوسوفو". وجاء الموقف الصيني قبل الاعلان الرسمي في لاهاي. وأعلنت وزارة الخارجية الاميركية ان الولاياتالمتحدة ستعارض أي محاولة من ميلوشيفيتش للحصول على حصانة عن الجرائم التي اتهم بها وأكدت رغبتها في محاكمته. وبعيد الاعلان في لاهاي عن توجيه التهم الى ميلوشيفيتش وأربعة مسؤولين يوغوسلاف آخرين، قال الناطق باسم الوزارة جيمس روبن: "نريد ان تأخذ العدالة مجراها ونعتقد بأنه على الرئيس ميلوشيفيتش المثول امام المحكمة". وأضاف: "ليس هناك اتفاق في شأن الحصانة يمكن التوصل اليه ولن ندعم اي جهد في معزل عن الجهة التي ستقترحه". وتابع روبن: "قلنا منذ وقت طويل ان ميلوشيفيتش يتحمل المسؤولية شخصياً وسياسياً واعتبرت المحكمة انه مسؤول عن الجرائم ايضاً"، مؤكداً ان توجيه التهم الى ميلوشيفيتش لن يغير اهداف الحلف الاطلسي في كوسوفو. بلغراد واعتبرت بلغراد القرار "دليلاً على ان هذه المحكمة لا تزال اداة سياسية طيعة بيد الولاياتالمتحدة التي تستغلها لمآربها الخاصة في منطقة البلقان". وأبلغ مصدر في وزارة الاعلام الصربية "الحياة" ان هذا الاجراء "جاء بتوجيه اميركي لعرقلة التفاوض حالياً ومستقبلاً في شأن الحل السلمي وتنفيذه مع القيادة اليوغوسلافية وتحريك الاتصالات مع عملاء للغرب امثال رئيس الجبل الأسود ميلو جوكانوفيتش والمعارض الصربي زوران جينجيتش". وأوضح المصدر ان هذا الاتهام قد يكون مادة للاستهلاك الاعلامي الدولي بعدما فشلت ادعاءات الحلف الاطلسي بالانتصارات العسكرية في اقناع العالم "لكنه لن يؤثر في صمود الشعب الصربي والتفافه حول قيادة الرئيس ميلوشيفيتش".