ظل الرئيس السوداني السابق جعفر نميري يتمتم بما يحفظه من السور القرآنية طوال فترة وجوده في استراحة كبار الزوار في مطار القاهرة قبيل صعوده الى الطائرة السودانية الخاصة التي وصلت فجر أمس لتقله وأسرته في رحلة العودة الى الخرطوم. وعلى طول المسافة بين منزله في شارع العروبة في ضاحية مصر الجديدة والمطار، كان نميري يتلفت على جانبي الطريق يلقي نظرة الوداع على شوارع المدينة التي احتضنته 14 عاماً بعدما اختارها منفى اختيارياً بعد الانقلاب عليه الذي قاده المشير سوار الذهب.ووصل نميري الى المطار يرتدي الزي السوداني التقليدي. وأحاط به أفراد أسرته. وداع صافح نميري مودعيه ومنهم وزير الاشغال والموارد المائية المصري الدكتور محمود أبو زيد الذي أبلغه تحيات الرئيس حسني مبارك وتمنياته له بالتوفيق في السودان، ورد نميري قائلاً إنه "لا يمكن ان ننسى ما فعلته مصر والرئيس مبارك واستضافتها لنا خلال فترة اقامتي فيها". وكان الرئيس السوداني السابق التقى الرئيس مبارك قبل نحو أسبوعين وأبلغه قراره العودة الى الخرطوم. ورد عليه مبارك قائلاً: "بالعافية"، مؤكداً أن أبواب مصر مفتوحة أمام الجميع. وسلم نميري الى المسؤولين المصريين منزله الذي أقام فيه طوال فترة لجوئه الاختياري. وهو أشرف في اليومين الماضيين على حزم أثاثه وأمتعته التي تم شحنها على الطائرة السودانية التي حملته الى الخرطوم. ونقل معاونوه سيارته الخاصة الى دار السفير أحمد عبدالحليم لتتولى السفارة السودانية شحنها بحراً الى الخرطوم. وكانت آخر أعمال نميري أول من أمس مشاركته في حلقة لذكر القرآن واستقبل مودعيه من السودانيين في مصر، فيما غاب عن الانظار سكرتيره الشخصي عبدالسلام الأمين الذي أبلغ "الحياة" أنه لن يعود الى الخرطوم، وأن له أسبابه الخاصة التي فضل عدم الخوض فيها. وفشل الرئيس نميري في اقناعه بمرافقته. وامتنع الرئيس السوداني في المطار عن الإدلاء بأي تصريحات للصحافيين الذين توافدوا منذ الصباح. وقال: "لا مجال للحديث هنا وسأتكلم في الخرطوم". وتمنح عودة نميري 69 عاماً الى الخرطوم دعماً سياسياً ومعنوياً لحكومة الرئيس عمر البشير، خصوصاً بعد تأكيده الالتزام بقانون التوالي السياسي الذي ينظم الحياة السياسية في السودان واحترامه الدستور الجديد. وسيقيم الرئيس السوداني السابق في منزل نائب الرئيس السابق الزبير محمد صالح. ولكن يبقى السؤال: هل سيتمكن نميري بعد فترة الاحتفالات بعودته من التأقلم في حياته الجديدة كرمز للسودان رئيساً سابقاً ووزيراً للدفاع والاكتفاء بمخاطبته بلقب فخامة الرئيس، أم أنه سيتخذ الخرطوم قاعدة للانطلاق في رحلات خارجية طويلة؟ أما سفير السودان في القاهرة فقال إن "عودة نميري الى وطنه تؤكد أن الحكم في السودان قوي وإننا نمد أيدينا للجميع للمشاركة في العمل السياسي". ونفى ما يتردد عن إمكان محاكمة الرئيس السابق في الدعاوى المرفوعة ضده.