استبعدت أوساط رسمية وسياسية مرة اخرى إمكان حصول تغيير حكومي في المرحلة القريبة المقبلة، تعليقاً على عودة الحديث لدى بعض الافرقاء عن الحاجة الى حكومة وفاق وطني وإمكان اجراء تعديل في التركيبة الحكومية الراهنة. وكان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط شدّد عقب لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري الثلثاء الماضي على المشاركة "وصولاً يوماً ما الى حكومة سياسية"... والحديث عن حكومة سياسية يطرحه بعض الافرقاء تحت عنوان الوفاق الوطني، ويطرحه افرقاء آخرون تحت عنوان تمثيل أكبر قدر من القوى السياسية فيها قبل الانتخابات حتى لا تتهم الحكومة الحالية بالانحياز، أو تحت عنوان توسيع قاعدة الحكم السياسية. ومع ان معظم مصادر المعلومات يؤكد ان لا نية لأي توسيع، أو تبديل أو تغيير حكومي في المرحلة المنظورة، فان بعض الاوساط يعتبر ان التطورات الاقليمية والحاجة الى فريق سياسي يحقق حداً أدنى من التضامن حول الحكم، في وقت سيواجه وضعاً دقيقاً اذا استؤنفت مفاوضات السلام على المسارين السوري واللبناني وطرح موضوع الجنوب بقوة، قد يفرض فريقاً حكومياً جديداً، ربما في الخريف المقبل. لكن مصادر المعلومات تشير الى ان هذا الامر يبقى في اطار التكهنات لا أكثر. ومصدر هذا التكهن، بحسب اوساط سياسية، ان زوار العاصمة السورية يرددون أمام المسؤولين فيها أحياناً ملاحظات على أداء الحكومة أو على بعض الوزراء سواء في القضايا الداخلية أو الخارجية المتعلقة بالجنوب والمناورات الاسرائىلية على الانسحاب من الجنوب، فيلقون أذناً مصغية أو تعليقات تدعو الى التريث، بما يفهم ان للتغيير الحكومي وقته المناسب. وأكثر الحجج المطروحة الآن في هذا الصدد، هي حاجة الحكم في لبنان الى فريق سياسي متكامل في السلطة التنفيذية حوله، خصوصاً من حلفاء سورية من اجل مواكبة التطورات الاقليمية بدقة، لان المرحلة المقبلة قد تحمل مطبات وصعوبات كثيرة قد لا يتمكن الفريق الحاكم الحالي من مواجهتها وحده. وفي المقابل، فان استبعاد أي تغيير حكومي له أنصاره، بغض النظر عما اذا كانت خطوة كهذه تلقى تجاوباً من دمشق أم لا. ويقول أحد السياسيين المعنيين بحصول توسيع حكومي، ان ليس من مصلحة سياسيين كثر، دخول الحكومة قبل اشهر من اجراء الانتخابات النيابية، لان من يصبح في الحكم قد يفقد حرية التحرّك على الصعيد الانتخابي. ويضيف السياسي نفسه "ان عملية فتح الملفات القضائية أفرزت واقعاً سياسياً لا بد من الالتفات اليه. وولّد ذلك دينامية قضائية قد يصعب معها اقفال هذه الملفات، ما سيزيد نقمة الجمهور الشعبي والانتخابي للسياسيين والرموز الذين يطاولهم فتح الملفات ويجعل من في الحكومة، يتحمل مسؤولية مخاصمتهم أمام هذا الجمهور الذي سيكون له موقف انتخابي سلبي ممن يكون وزيراً أو شريكاً في هذه العملية. وهذا يعني ان بعض الذين يمكن ترشيحهم لدخول الحكومة قد لا يستسيغون المنصب الوزاري قبل الانتخابات". وتشير أوساط سياسية الى ان استبعاد التغيير، أو التوسيع الحكومي، له أنصاره بين المعارضين والموالين على السواء للاسباب الآتية: - ان الحكم بات يشعر بعدما لمس المعارضون مدى الدعم الذي يلقاه الرئيس أميل لحود من سورية، وبعدما اضطر المعارضون الى ممارسة التهدئة، على رغم ان سياسة فتح الملفات استهدفتهم، بانه من القوة بمكان، يغنيه عن الحاجة الى التعاون مع المعارضين، بل يجعله يُقبل على الانتخابات من دون ان يتحوّل المعارضون شركاء في الحكم يستفيدون من هذه الشراكة لمصلحة تحسين وضعهم الانتخابي. - ان الرئيس لحود على تفاهم مع رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص ولا مشكلة بينهما، وبالتالي فان التضامن الحكومي حولهما ناجح ولا تشوبه شائبة بعكس ما كان يحصل في عهود سابقة حيث كان الخلاف بين الرئيسين أحد العوامل الرئيسية التي كانت تستدعي تغييراً حكومياً. - ان بعض المعارضين يرى في بقاء الحكومة الحالية المزيد من الوقت اخضاعاً لها للامتحان في سياستها العامة في شكل يجعلها تظهر انها عاجزة عن ايجاد الحلول المناسبة للمشكلات الحالية والمقبلة في البلاد، وفي شكل يكشف انها لم تستطع ان تحقق وعودها.