طهران - أ ف ب - بعد سنتين على انتخابه نجح الرئيس الايراني الاصلاحي محمدخاتمي في ترسيخ سلطته وإبراز صورة جديدة للجمهورية الاسلامية، على رغم الحملات التي لا تتوقف ل"الحرس القديم" للثورة، وما يعتري النظام نفسه من جمود. وسينظم احتفال بالذكرى الثانية لوصول خاتمي الى سدة الرئاسة، بأصوات سبعين في المئة من الايرانيين، في تجمع في أحد الملاعب الكبرى في طهران، يشارك فيه غداً عشرات الآلاف من اعضاء المجالس البلدية، الذين اختيروا أخيراً في أول انتخابات محلية تشهدها ايران منذ الثورة عام 1979. ويعتبر التركيز على الانتخابات البلدية التي شكلت نجاحاً سياسياً ساحقاً لخاتمي، مثل انتخابات الرئاسة قبل سنتين دليلاً إضافياً على جهود الرئيس الاصلاحي لإضفاء الطابع الديموقراطي على الحياة السياسية في بلاده، وتعزيز المجتمع المدني لمواجهة "قلاع" المتشددين التقليديين. وسيكون التجمع مناسبة يطل منها خاتمي بقوة على الحياة السياسية الداخلية، بعد عودته من أول جولة عربية شملت سورية والسعودية وقطر كسر فيها جمود عشرين سنة من العلاقات الايرانية - العربية. وحتى الولاياتالمتحدة التي فرضت حصاراً كاملاً على ايران، تتابع عن كثب التطورات في طهران، وترسل اشارات التشجيع بين وقت وآخر. ويؤكد النائب مجيد أنصاري، زعيم التكتل النيابي المؤيد لخاتمي في مجلس الشورى البرلمان ان "التطورات في المجال الثقافي والانتخابات البلدية هي أبرز انجازات الرئيس، اضافة الى الانفراج الذي شهدته علاقات ايران مع الخارج". والرئيس الذي لا تتجاوز رتبته الدينية لقب حجة الاسلام، يبدو الآن أكثر ثقة بنفسه، يكثر الزيارات الخارجية، ويرد بقوة على خصومه المحافظين، هو الذي كان قبل سنتين يتصبب منه العرق في أول لقاءاته مع الصحافيين. الخصوم الذين يسيطرون على السلطة القضائية هم أنفسهم الذين وجهوا ضربة الى خاتمي، عندما تمكنوا من سجن الرئيس السابق لبلدية طهران أحد أبرز معاوني الرئيس، بتهمة الفساد، بعد محاكمة طويلة اعتبرها الاصلاحيون سياسية. لكن خاتمي تمكن في الفترة نفسها من ان يحقق انتصاراً على المحافظين عندما نجح في تثبيت وزير الثقافة عطاءالله مهاجراني في منصبه، وفشل المحافظون في اسقاطه على رغم ما يتمتعون به من غالبية في مجلس الشورى. وسيعلن غداً اسم الرئيس الجديد لبلدية طهران خلفاً لغلامحسين كرباستشي وسيكون الرئيس الجديد من أنصار خاتمي، بعدما فاز أصدقاؤه بمجمل المقاعد البلدية في العاصمة. وعلى رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها ايران، وعدم اعتماد أي خط اصلاحي في هذا الاطار، فإن خاتمي في منتصف ولايته انتخب لأربع سنوات ما زال يتمتع بشعبية واسعة. ويرى أحد الديبلوماسيين الأوروبيين ان "معسكر المحافظين لم يجد بعد جواباً سياسياً على ظاهرة خاتمي. انهم يرددون باستمرار شعارات القيم الاسلامية وقيم الثورة وذكرى الخميني، لكنها الشعارات نفسها التي يرددها الرئيس، بكلمات جديدة". ويصعب تحديد دور مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، على رغم الصورة التي رسمت له حامياً للعقيدة، لا يترك مناسبة من دون الدعوة الى مواجهة ثقافة الغرب و"الشيطان الأكبر" اميركا. واعطى خليفة الخميني، الذي يتمتع بأوسع الصلاحيات، انطباعاً بأنه يسعى الى التوفيق بين الخطاب السياسي المتشدد الذي يطمئن اليه المحافظون، والممارسة الأقل تشدداً التي تترك هامشاً من المناورة للرئيس الايراني. ويأمل خاتمي قبل سنة من استحقاق الانتخابات التشريعية، وسنتين من استحقاق انتخابات الرئاسة، بأن يكون فن الافادة من الوقت الذي يجيده حاسماً في تجاوز خصومه، مراهناً على ارادة التغيير القوية في انحاء البلاد.