احتفل المدرب اليوغسلافي الاصل البلجيكي الجنسية، ديمتري دافيدوفيتش، الاسبوع الماضي يتحقيق بطولة كأس الدوري السعودي لكرة القدم مع فريقه الاتحاد، وهي اهم واصعب بطولات الموسم المحلي. وحمل لاعبو الفريق "العميد" مدربهم على الاعناق للمرة الرابعة خلال الموسم الحالي، بعدما قادهم الى احراز كأس الاتحاد السعودي وكأس اندية الخليج وكأس الكؤوس الاسيوية قبل ان يقودهم الى الفوز على الاهلي بهدف واحد في نهائي الدوري السعودي. واصبح ديمتري اشهر مدرب في تاريخ الاندية السعودية بعدما ضرب رقماً قياسياً في عدد البطولات التي سجلها مع ناديه... فهو المدرب الوحيد الذي انتزع سبع بطولات، متفوقاً بالتالي على مدربين عالميين دربوا الاندية السعودية ولم يتمكنوا من تحقيق بعض ما حققه من البرازيليين تيلي سانتانا وماريو زاغالو وسيباستياو لازاروني وديدي ومانيللي الى الالماني كرامر والهولندي فان هانغيم والفرنسيين هنري ميشال وهيربان. واللافت ان الاتحاد كان قبل حضور مدربه الذهبي، اي قبل العام 7199، بمثابة ظل لفرق كانت تمر بعصر ذهبي كالهلال والنصر والاهلي، ولنقل ان "العميد" كان يعيش عصراً جليدياً لا يشجع على زرع نواة للبطولات او مجرد التفكير بالحصول على احداها... وفجأة استطاع المدرب في موسمه الاول حصد بطولات الموسم الثلاث في انجاز غير مسبوق، بعدما صنع فريقاً جديداً قادراً على اللعب بطريقة مدروسة ومنظمة تجعله يتخاطب بلغة الالقاب والذهب. غياب ثم عودة وبرغم نجاحات ديمتري في موسمه الاول 1997، فإن رئيس النادي السابق طلعت لامي حاول التقليل من دور ديمتري في تحقيق الانجاز التاريخي، ونسب الحصول على البطولات الثلاث الى جهود ادارة النادي، ما دفع ديمتري الى رفض تجديد عقده مع الاتحاد وفضل الرحيل الى الشارقة الاماراتي احتجاحاً على تهميش دوره الاساسي. ولم يكن اتحاديون كثيرون مهتمين برحيل المدرب واعتقدوا ان التعاقد مع مدرب جديد سينسيهم المدرب البلجيكي. غير ان الاتحاد دفع ثمن تفريطه بديمتري باهظاً، ولم يتمكن الهنغاري البديل نوفاك ولا من اتى من بعده ان يحققوا للاتحاد شيئاً، وظهر الاتحاد بطل الثلاثية في اسوأ حالاته وخاض لاعبوه اسوأ موسم لهم منذ سنوات طويلة... وتالياً، تعاقد رئىس الاتحاد الجديد احمد مسعود مع ديمتري مرة اخرى عله يصلح ما افسده غيابه. وخلال اسابيع قليلة تمكن المدرب من نفض الغبار عن الفريق واعادة تأهليه، وحقق اول بطولة مع الاتحاد بعد عودته ووجه رسالة وهو يقبل كأس الاتحاد السعودي الى الذين شككوا في دوره الاساسي بالحصول على بطولات النادي. واصابت انجازات الاتحاد ومدربه ديمتري المتتالية خلال الموسم الحالي الشارع الرياضي بالحيرة، باعتبار انها تنهمر كالمطر بوجوده وتختفي الى درجة القنوط في غيابه. ويرى بعض المقربين من المدرب البلجيكي أن سر نجاحاته يرجع الى تعامله الامثل مع اللاعبين وفرض نظام تدريبات متطور لا يسبب الملل للاعبين اضافة الى كونه يحسن التعامل مع احداث المباريات ويجري تبديلات موفقة تعزز موقف فريقه. ويرى هؤلاء ايضاً ان اعتماد ديمتري على 20 لاعباً خلال الموسم يساعد على تحقيق انسجام وتفاهم بينهم. الدفاع والهجوم... والوسط ويعتقد بعض المتابعين بان نجاحات المدرب ديمتري اللافتة مع الاتحاد ترجع الى حال خاصة في الفريق اكتشفها واستثمرها بذكاء، بل ان نجاحاته الاخيرة لم تكن لتتحقق مع فريق غير الاتحاد. هذه الحال تتمثل في امتلاكه اقوى خط دفاع واقوى خط هجوم بين الفرق السعودية لكنه في المقابل يمتلك خط وسط اقل كفاءة، لذا جهد لتحقيق اقصى استفادة من قوة الدفاع والهجوم واسناد مهمات تطوعية للاعبي الوسط. وعمد ديمتري الى اللعب دائما بخمسة مدافعين يمثلون سداً منيعاً، ووضع امامهم لاعب وسط مهمته الوحيدة اعتراض هجمات الخصم وزيادة التأمين الدفاعي هو جاري القرني ثم محمد نور، ووضع لاعب وسط آخر مكلف بواجبات دفاعية بالدرجة الاولى هو فهد الخطيب بالدرجة الاولى، وترك مهمة تغذية خط المقدمة للاعب الوسط الثالث وهو خميس الزهراني غالباً. ويعتبر البعض ان طريقة ديمتري ساهمت في تأمين مرمى الاتحاد بالدرجة الاولى ومن ثم الاستفادة من خط الهجوم الضارب في البحث عن الاهداف. وبرغم هذه الطريقة المتحفظة وغلوها في الجانب الدفاعي الا ان المهاجمين عوضوها بقدراتهم الممتازة في الاستفادة من اي فرصة ومن ثم تعويض نقص التموين من لاعبي الوسط الذين يمدونهم بالكرات ب "القطارة" على حساب تراجعهم الى الدفاع... وهكذا، تواجد نوع من التوازن في طريقة اللعب وتجنب الخسارة كهدف اساسي... وهو ما جعل هزيمة ديمتري ولاعبيه امراً غير سهل. ويرى بعض المنتقدين لطريقة ديمتري انها لا يمكن ان تحقق للفريق نتائج جيدة اذا ما غاب عنصر مهم في خط الهجوم، وان وجود المغربي بهجا وزميله حمزة ادريس وامتلاكهما مهارات عالية وخبره واسعة شرط مهم لنجاح الخطة. مهما يكن من امر، فان استفادة هذا الداهية من عوامل تفوق الاتحاد الخاصة جداً تعني ان عقليته الكروية لا يمكن تهميشها او حصرها بعوامل موقتة، وليس ذنبه انه شرّح الفريق الذي يدربه وحدد مواضع الضعف والقوة وتصرف على اساس معالجة الاخطاء والاستفادة من الامكانات المتوفرة وتوظيفها لتحقيق اقصى فائده للفريق. ويذكر ان مفاوضات تجرى حالياً بين رئيس الاتحاد احمد مسعود والمدرب ديمتري بغرض تجديد تعاقد الاخير مع الفريق موسماً آخر.