}رفضت روسيا الانصياع لقرارات حلف الاطلسي وقف تصدير النفط الى يوغوسلافيا، واكد وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف ان موسكو لن تقبل سياسة "الوعيد" فيما اعلن الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في موسكو، ضرورة "اضفاء الشرعية الدولية" على اي حل لكوسوفو. أثارت تصريحات وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين الذي حذّر من احتمال اتخاذ اجراءات سياسية واقتصادية وعسكرية ضد اي طرف ينتهك الحظر النفطي على يوغوسلافيا، ردود فعل واسعة في موسكو امس الجمعة. وذكر وزير الخارجية الروسي ان "قرارات الاطلسي لا اهمية لها الا لبلدان الحلف". واضاف ان موقف روسيا يقوم على ميثاق الاممالمتحدة. وقال ان بلاده تفي بالتزاماتها الدولية ولكن "ليس من المجدي الانتقال الى سياسة الوعيد"، في التعامل معها. وفي الوقت نفسه ذكر وزير الخارجية الكندي لويد اكسورسي ان الحلف لم يقرّ "آلية" لتنفيذ الحظر النفطي. وتابع ان اي قرار يصدر في هذا الصدد يجب ان يقوم "على اساس قانوني ولا تكون له طبيعة تحدٍ". واستخدم الجنرالات الروس لهجة عنيفة في الرد على كوهين. وذكر مسؤول التعاون العسكري الدولي في وزارة الدفاع ليونيد ايفاشوف ان روسيا "ليست البلد الذي يمكن تهديده … وهي قادرة على حماية مصالحها". ومعروف ان روسيا هي المصدر الرئيسي للنفط والغاز الى يوغوسلافيا وتستلمه عبر خط للأنابيب يمر في الاراضي الهنغارية ومن خلال ناقلات نهرية عبر الدانوب وبحرية، عبر الادرياتيكي. ولتفادي السيناريو الاسوأ، عمدت روسيا الى تصعيد نشاطها الديبلوماسي. واستقبلت وزراء خارجية عدد من الدول الاوروبية والامين العام للامم المتحدة الذي اكد بعد محادثاته مع المسؤولين الروس ان قادة بلدان كثيرة "يعترفون بأن اي حل لمشكة كوسوفو يجب ان يكتسب الشرعية عبر مجلس الامن". وذكر كوفي انان ان ممثلين عنه "سينضمون الى جهود روسيا". وواصل المبعوث الخاص فيكتور تشيرنوميردين في بلغراد امس، مساعي الوساطة التي بدأها في بون وروما. وذكر إثر مباحثاته مع رئيس الوزراء الايطالي ماسيمو داليما ان هناك "تقارباً" في المواقف. وذكر ان "دفع المفاوضات" يقتضي وقف الغارات وعودة اللاجئين وتقديم ضمانات اكيدة لسلامتهم. وحذّر تشيرنوميردين من ان "الزمن يعمل ضد الجميع". بلغراد يتردد في بلغراد ان التصعيد في الغارات الأطلسية الذي بلغ ذروته ليل أول من أمس والذي رافقه تشدد ظاهر في الموقف الصربي المعارض لانتشار القوات العسكرية الدولية في كوسوفو، هو ما يشبه "العاصفة التي تسبق الهدوء". وتردد في الأروقة السياسية في بلغراد ان المبعوث الروسي الخاص فيكتور تشيرنوميردين الذي اجتمع على انفراد مع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش أمس، حمل الى الحكومة اليوغوسلافية الصيغة التوفيقية التي توصل اليها في اتصالاته مع الولاياتالمتحدة والمانيا وايطاليا والأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان و"التي تركزت على انسحاب القوات الصربية من كوسوفو ووقف الغارات الجوية". وحسب المعلومات في بلغراد فإن القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن سيكون عملاً بمبدأ "لا غالب ولا مغلوب" ما يعني أنه "سيعالج الأمور التي أوصلت الوضع الى ما هو عليه من تعقيد ولكن من دون فرض الشروط الأطلسية في شأن كوسوفو أو التزام الرفض اليوغوسلافي في شأن دور الدول الأطلسية في تنفيذ الحل". وعلى رغم ان ايفيتسا داتسيتش الناطق باسم الحزب الاشتراكي الصربي الذي يتزعمه الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش أفاد في مؤتمر صحافي أمس انه "يتعين ان يكون التواجد الدولي في كوسوفو مدنياً وغير مسلح وبقيادة روسيا" إلا أنه حسب تقييم المراقبين ترك الباب مفتوحاً "لأنه لم يقل ان بلغراد سترفض قرار مجلس الأمن إذا قرر نشر قوة دولية حسبما يدور الحديث حالياً". وصرح الناطق باسم وزارة الخارجية اليوغوسلافية نيبويسا فويوفيتش بان بلغراد قد توافق على نشر قوة دولية في كوسوفو اذا اتخذ مجلس الامن قرارا في هذا الشأن. وردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي: هل ان بلغراد تقبل نشر قوة دولية فى كوسوفو تحت رعاية الاممالمتحدة ؟ قال: "اذا اتخذ مجلس الامن هذا المنحى فسيلقى دعما". وهل ان هذه القوة يمكن ان تكون مسلحة؟ قال ان "ترتيبات ومهمة وحجم مثل هذا الوجود ستجرى مناقشتها. لكن موقفنا واضح وهو اننا لن نقبل ابدا قوة احتلال عسكري". ويسود الاعتقاد في بلغراد ان قرار مجلس الأمن "سيصدر خلال اسبوع وينص على وقف الغارات الجوية وانسحاب القوات الصربية تحت اشراف دولي، اضافة الى عودة النازحين". ويعتمد هذا التقويم على الاطار العام المعروف للمبادرة الروسية التي يتولاها تشيرنوميردين والتي قيل انها أخذت تقترب من الاقتراحات الألمانية التي تمثل موقف الاتحاد الأوروبي. ويذكر ان الغارات الجوية الأطلسية استهدفت ليل أول من أمس مقرات وزارات الدفاع والخارجية والداخلية اليوغوسلافية ومنشآت عسكرية ومراكز اتصالات كانت غالبيتها تعرضت الى ضربات سابقة. إلا أن الضربات الأخيرة كانت الأقوى والأكثر كثافة وتواصلت الليل بكامله وأدت الى انقطاع البث التلفزيوني الذي عاد الى طبيعته صباحاً. وتسببت الغارات في اشاعة الذعر خصوصاً وأنها ترافقت مع هزة أرضية ضربت انحاء يوغوسلافيا. لكن تأثير الغارات من الناحية العسكرية لم يكن ذا أهمية لأن الأهداف التي تعرضت للقصف، لم تعد لها أهمية بعدما أخليت من المعدات التي كانت فيها اضافة الى تعرضها لقصف سابق. وأعلن قائد سلاح الجو اليوغوسلافي الجنرال سباسوي سميليانيتش ان الحلف الأطلسي "نفذ أكثر من ستة آلاف غارة بالصواريخ والطائرات مستهدفاً نحو مئة هدف متنوع حتى الآن". وقدَّر القائد اليوغوسلافي وزن المتفجرات التي القيت على انحاء يوغوسلافيا "بما لا يقل عن 11 ألف طن". جيسي جاكسون ومن جهة أخرى، أولت بلغراد أهمية كبيرة للزيارة التي بدأها القس الأميركي جيسي جاكسون مساء أول من أمس على رأس وفد من الطوائف الدينية في الولاياتالمتحدة. وتُعوِّل بلغراد على الزيارة كونها ستشكل "مجالاً لزيادة المشاعر المناهضة للعمليات الأطلسية في أوساط الشعب الأميركي". وتستبعد المصادر المطلعة ان تُسَلِم بلغراد الى الوفد الجنود الأميركيين الأسرى الثلاثة "لكنها ستقدم وعداً باطلاق سراحهم حال توقف الغارات الجوية بصورة دائمة". وكانت الادارة الأميركية عارضت زيارة الوفد لبلغراد.