أكد رئيس مجلس "ادارة شركة معوض العالمية" السيد روبير معوض انه ينوي المضي قدماً بمشاريعه واستثماراته في لبنان، إلا أنه اعتبر ان الاستمرار في توظيفاته "سيتم بتعقل وتأنٍ" لأن "الوضع الاقتصادي الاقليمي لا يشجع البتة على الاستثمار والتوظيف"، مشيراً الى أنه قرر تجميد مشروع "الدلهمية" وهو مشروع ينفذ على مراحل وبكلفة بليون دولار، نظراً الى "الوضع الاقتصادي الهش والمتوارث في لبنان". وكان معوض تلقى اعتذاراً خطياً من رئيس الوزراء اللبناني سليم الحص بعدما ثار لغط إعلامي صوره كأنه ملاحق في ملف الآثار الذي فتحته النيابة العامة التمييزية في لبنان، علماً انه لم يُدع عليه أو تصدر مذكرة بحث وتحرٍ عنه بما يفيد مثوله أمام القضاء. وأقر رجل الأعمال اللبناني، الذي ينشط في قطاع المجوهرات والفنادق في دول الخليج وأوروبا وأسواق أخرى دولية ويستثمر مئات ملايين الدولارات في لبنان، في مقابلة مع "الحياة" أن فتح الموضوع على صفحات الجرائد أصابه "في الصميم". وقال انه عاد بسرعة الى الخليج الذي "تشكل دولة الأساس بالنسبة الى مصالحي وذلك لمحاولة تطويق تفاعلات القضية" حيث قام بطمأنة مستثمرين مهتمين بلبنان وأبلغهم ان ما حدث لا يعدو مجرد زوبعة فنجان لا علاقة للدولة اللبنانية بها. ونفى ان يكون هناك مستثمرين لبنانيين تأثروا بالقضية وأكد ان "كل كلام عن عدم قدرة العهد الجديد على تأمين أجواء مناسبة لعمل المستثمرين غير مسؤول ويضر بمصلحة الوطن". وأشار الى تنوع استثماراته في لبنان، وان كان كثير منها يتركز في القطاع العقاري. وتساءل: أين الضرر من الاستثمار في مشاريع عقارية؟ معتبراً ان الأمر "يحرك عجلة الاقتصاد". واعترف بأن بعض المشاريع التي نفذها "صندوق إعادة إعمار لبنان" الذي أنشأه برأس مال قدره 100 مليون دولار لم يُكتب له النجاح المأمول في حين نجحت مشاريع أخرى رعاها الصندوق. وهنا نص المقابلة: كيف جرت عملية تبليغ رسالة الاعتذار؟ وهل اتصل بكم دولة رئيس الوزراء سليم الحص لإبلاغكم الاعتذار شخصياً؟ - لقد استلم شقيقي وليد رسالة الإعتذار من دولة الرئيس سليم الحص أثناء اجتماعه به يوم السبت في 3 نيسان ابريل 1999، وقد أبدى أسفه العميق لما صدر من تجاوز وأخطاء متمنياً عدم تكراره. وكان دولته قد اتصل بنا قبل الاجتماع بهذا الصدد. ما كان شعوركم لدى استلام الرسالة؟ وهل تشعرون أنها أزالت الأثر السئ الذي تركه فتح الموضوع على صفحات الجرائد؟ - مما لا شك فيه ان الأثر السئ الذي تركه فتح الموضوع عبر وسائل الإعلام لن يزول بسهولة وقد أصابنا في الصميم وما زالت تفاعلاته تتردد على غير صعيد. ففي اوروبا، انتشر الخبر بسرعة إذ اتصلت بي أكثر من صحيفة تطلب ايضاحات عن الموضوع وبعضها استنكر. وفي هذا السياق، نذكر أنه لنا حديث غداً مع صحيفة "Tribune de Geneve" ذلك ان القضية قد تردد صداها في بعض العواصم الأوروبية، ناهيك عن ان تفاعلاتها لم تنته فصولاً بعد في دول الخليج العربي حيث لي صداقاتي وعلاقاتي مع بعض حكامها الذين استنكروا ما حدث. وللدلالة على أهمية ما جرى، قطعت رحلتي المقررة الى الشرق الأقصى وعدت الى الخليج حيث تشكل دوله بيضة القبان بالنسبة الى مصالحي، وذلك لمحاولة تطويق تفاعلات القضية وشرح الملابسات المحيطة بها خصوصاً وان كثيرين من المستثمرين كانوا قد عقدوا النية على الاستثمار في لبنان، فانتهزنا الفرصة لإقناعهم بأن ما حصل ليس سوى زوبعة في فنجان. ومن الطبيعي ان تحاول جهات متضررة من قيام دولة المؤسسات من الاصطياد في الماء العكر. فالدولة براء مما حصل وقد اعتذرت عما بدر من تجاوزات خصوصاً انها عاجزة عن وضع ضوابط على الاعلام والقضاء وإلا كانت تفادت ما آلت اليه الأمور… في النهاية، لنكن واقعيين، فإذا كنا نحن نسينا ما حصل، فمما لا شك فيه ان جهات عدة لن تنسى الأمر بل ستعمد الى استغلال هذه "الهمروجة" خصوصاً تلك التي يصيبها نجاح معوض وتألقه عالمياً، بالحسد والغيرة والحقد. قيل الكثير عن احتمال تأثر المستثمرين اللبنانيين بحوادث من هذا القبيل. ما رأيكم؟ - لم يتناه الى مسمعي شخصياً شيء عن تأثر المستثمرين اللبنانيين بحوادث مماثلة. وقد يكون هذا الكلام من قبيل الاستهلاك المحلي أو من باب تسجيل نقاط في الخانة السياسية للموضوع. يقال ان هناك محاولات تبذل أحياناً من أجل استغلال أي انزعاج يشعر به رجال الأعمال والمستثمرون في لبنان لتجيير الأمر سياسياً، وتصوير المسألة على أنها دليل على عدم قدرة العهد الجديد على تأمين أجواء مناسبة لهم للعمل. ما تعليقكم؟ - في الواقع، وعلى رغم الحملة الشعواء التي استهدفتني، ما زلت أثق بالعهد وبسيده وبدولة الرئيس الحص واعتبرهما ثنائياً نظيف الكف عفيف النفس، ويتمتعان بصدقية سياسية تخولهما النهوض بالوطن من كبوته وبناء دولة المؤسسات الموعودة. وكل كلام عن عدم قدرة العهد الجديد على تأمين أجواء مناسبة لعمل المستثمرين هو غير مسؤول ويضر بمصلحة الوطن. كما انني أقسم بأن العهد والحكومة براء من الحملة التي شنت علي إذ قد يكون الأمر مقصوداً من أطراف غير منضبطة في الحكم تحاول تعزيز شأنها على حساب العهد. ولا يختلف اثنان على ان هناك محاولات عدة قد تجرى لاستغلال الموضوع، فذلك هو شأن العهد في وضع حدٍ لها. واعتقد بأن على كل لبناني مخلص، الوقوف الى جانب العهد إذ أنها فرصة تاريخية لا تعوض ولن تتكرر في لبنان: فرصة بناء دولة حديثة قوية تقوم على القانون والمؤسسات. وإذا لم يوفق الحكم الجديد - لا سمح الله - في تصحيح المسار وتقويم الاعوجاج، بدعم وتأييد من اللبنانيين كافة على مختلف شرائحهم، فعلى الوطن… السلام. كيف تنظرون الى الواقع الاستثماري في لبنان؟ وما هي افضل القطاعات التي تستحق توجيه الاستثمارات اليها؟ - لا شك في ان حجم استثماراتي في لبنان دلالة قاطعة على قناعتي بأن الاستثمار في الوطن لا يهدف الى الربح في الدرجة الأولى. فالربح ليس غاية بحد ذاته، إنما اذا حصل فيندرج ضمن إطار السياسة الاقتصادية السلمية و… "زيادة الخير… خير". كما أنني لا أتعامل مع وطني على أساس انه موقع جغرافي لعقد صفقات معينة. فإذا لم يستثمر اللبناني في وطنه فأين يفعل؟ والمواطن الصالح يستثمر في مسقط رأسه متوخياً جني المردود على المدى البعيد وليس القصير. وهنا أنتهز الفرصة لأؤكد انه بعد اعتذار الحكومة، أعرب عن نيتي المضي بمشاريعي واستثماراتي في الوطن، لكنني سأستمر في توظيفاتي بتعقل وتأنٍ فالوضع الاقتصادي الإقليمي لا يشجع البتة على الاستثمار والتوظيف. بالنسبة الى القطاعات التي تستحق توجيه الاستثمارات اليها، فلا شيء محدد، إذ اننا نستثمر في كل القطاعات من صناعية وطبية ومصرفية وعقارية. علاقتكم برئيس الوزراء السابق رفيق الحريري تعود الى فترة سابقة. كيف تحادثتم بخصوص التطورات الاقتصادية الأخيرة في لبنان؟ وهل لمستم تجاوبه معكم قبل صدور الاعتذار الأخير؟ - علاقتي بالرئيس الحريري علاقة سطحية إذ لا تربطني بالرجل أي مصالح سياسية أو تجارية، ولم ننسق معه البتة في أي خطة ثنائية للنيل من الحكومة. إننا لا نعرف الرئيس الحريري المعرفة الحقة وطوال فترة حكمه لم نجتمع به أبداً، فعلاقتنا طبيعية جداً ولا تدخل في إطار التشاور والتنسيق في مجال ما. هل تنوون القيام بمزيد من الاستثمارات في لبنان في الفترة المقبلة؟ وهل هناك تعاون مع شركاء آخرين لتطوير هذه المشاريع؟ - سبقت الإجابة عن هذا السؤال. بالنسبة الى التعاون مع شركاء آخرين، نعم كان هناك مشروع للتعاون مع إحدى الشركات المهمة لتطوير "الدلهمية" لتكون أجمل مشروع عقاري وأضخمه لمدينة نموذجية في الشرق الأوسط، وذلك بتمويل مشترك بيننا وبينها، ولكن نظراً الى الوضع الاقتصادي الهش والمتوارث في لبنان، جمد المشروع وباتت الشركة مقتنعة بعدم جدوى الاستمرار فيه. يلاحظ ان معظم مشاريعكم عقاري في لبنان؟ هل تأثرتم بالركود الذي شهده القطاع العقاري؟ - إطلاقاً. بالنسبة الى المشاريع العقارية، فإننا نشتري عقارات وأراضي ليس بهدف المتاجرة بها. ولست أدري أين الضرر من الاستثمار في مشاريع عقارية! فلا تنسوا ان ذلك يحرك عجلة الاقتصاد، فتصب رسوم التسجيل في خزينة الدولة. ولا شك في ان التوظيف في المشاريع العقارية يساهم في تشغيل المكاتب التي تتعاطى الوساطة وفي ضخ مالٍ جديد من الخارج في السوق المحلية، وهو ما يعطي مردوداً اقتصادياً مهماً لمصلحة البلد، وفي سياق عرض مشاريعنا المتنوعة الأنشطة في الوطن، نذكر على سبيل المثال لا الحصر: أ- مشاريع عقارية: - الدلهمية، المشرف، فقرا، ماليبو، المطيلب، واحة برمانا، برج معوض السكني، مبنى معوض المركزي كلاهما في الأشرفية. ب- مشاريع صناعية: - "يونيسيراميك"، "فبرسيد". ج- مشاريع صحية: مستشفى طرابلس. د- مشاريع مصرفية: بنك البركة. ه- مشاريع خدماتية: حافلات ونقل عام. و- مشاريع رياضية: مركز رياضة التزلج على الجليد بالقرب من مغارة جعيتا. ز- مشاريع ثقافية: قصر فرعون والعقارات المحيطة به التي ستشكل معاً محوراً ثقافياً ومنارة فنية، إضافة الى صالة الاحتفالات تحت حديقة قصر فرعون والتي ستكون بحد ذاتها حدثاً ثقافياً. بالنسبة الى الشق الثاني من السؤال، فلم نتأثر أبداً بالركود الذي شهده القطاع العقاري لأننا لا نستثمر على المدى القصير بل على المدى البعيد. هل في الامكان اعطاؤنا فكرة عن "صندوق إعادة اعمار لبنان" وفرص نجاحه؟ - سبقت الإجابة على السؤال أعلاه. إننا توخينا من صندوق إعادة إعمار لبنان، المساهمة في إعادة بناء الوطن على أسس حديثة متطورة تهدف الى استفادة المواطن من الخدمات التي نقدمها اليه. ولا يخفى عليكم أننا ساهمنا لفترة محددة في تداول أسهم "سوليدير". ويمكننا القول إننا نجحنا في صندوق إعادة إعمار لبنان في بعض المشاريع ولم يكتب النجاح التام للبعض الآخر. ولكن على العموم، سجلت النتائج نمواً ملحوظاً. أما رأس مال الصندوق فكان في حدود 100 مليون دولار وقد أنشأناه الصندوق لاقتناعنا بأن علينا كلبنانيين في دنيا الانتشار ان نفعل شيئاً للوطن. ونتمنى على الجميع أن يحذوا حذونا. هل أنت متفائل بمستقبل "لبنان"؟ - أنا رجل متفائل بطبعي، وأؤمن بأن الوطن الصغير يحتاج الى دعمنا وتضحياتنا. وفي المناسبة أكرر ان فرصة العهد الجديد كبيرة جداً للنهوض ب"لبنان" من أزماته والانتقال به الى الألفية الثالثة. وانتهز الفرصة من على صفحات "الحياة" لأوجه دعوة صادقة وصريحة الى وسائل الإعلام في لبنان، كي تتحمل مسؤولياتها بكل أمانة وإخلاص وتكون وفية وحامية للسلم الأهلي، وتنأى عن التلهي بإشغال الوطن والمواطنين بصغائر الأمور فتعمل على المساهمة في مسيرة البناء.