توقع رئيس شركة "توتال" النفطية الفرنسية تييري ديماري ان يستمر سعر خام القياس البريطاني "برنت" في المراوحة بين 13 و16 دولاراً للبرميل خلال السنوات العشر المقبلة. وقال في حديث خاص ل"الحياة" ان سعر النفط سيشهد فورات عندما يرتفع الطلب بالنسبة للعرض، وانه قد يصل الى 20 دولاراً، الا انه اعتبر ان الاحتمال الأكبر هو انه سيبقى ما بين 13 و17 دولاراً للبرميل. وأضاف انه ينبغي ان "تكون لدينا مشاريع مجدية وان مستوى 13 دولاراً للبرميل يمكننا من تنفيذ مشاريع مربحة". وعلق ديماري على نتيجة مؤتمر منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك الأخير في فيينا قائلاً: "عندما يصل المتعاملون في السوق النفطية الى سعر 10 دولارات للبرميل فإن الجميع يعاني من ذلك بما فيه الدول المنتجة والشركات النفطية، وبالتالي ان هناك مبرراً قوياً لدى الدول المنتجة للتحرك واتخاذ قرارات وتنفيذها. واتخذت دول أوبك وبعض الدول المنتجة من خارج أوبك قرارات متجانسة اعتقد انها ستنفذ بفاعلية في الأسابيع المقبلة. وقال اذا ارتفعت الاسعار الى 18 أو 20 دولاراً للبرميل فعندها لن يكون مؤكداً التزام الدول المنتجة بتخفيضاتها الانتاجية. وأضاف ان هناك أسباباً عدة لذلك وان قناعته الشخصية هي ان بعض الدول المنتجة تعتبر انه عندما يصل سعر النفط الى 18 أو 20 دولاراً فذلك يشجع الشركات النفطية على الاستثمار في دول نفطية من خارج "أوبك"، حيث كلفة انتاج النفط اكثر ارتفاعاً من دول "أوبك" ما سيؤثر سلباً في حصة دول "أوبك" من السوق العالمية. وذكر على سبيل المثال ان الاستثمار في انتاج النفط في الولاياتالمتحدة وفي بحر الشمال بريطانيا والنروج شهد انخفاضاً عندما وصلت اسعار النفط الى مستويات منخفضة خلال السنة الجارية، وانه إذا عادت المستويات الى 17 و18 دولاراً للبرميل ستعود الاستثمارات في هذه المناطق وهذه مشكلة بالنسبة لدول "أوبك". ورأى ان زيادة الانتاج من خارج "أوبك" يفاقم المشكلة في ضوء عدم التأكد من عودة ارتفاع الطلب في آسيا. وقال ديماري انه كلما كانت الاسعار منخفضة كلما أثرت سلباً في المنتجين الذين التزموا حصصهم، مشيراً الى انه مع تحسن الاسعار وبعد مرور فترة من الزمن سيصبح من الصعب على الدول المنتجة ان تلتزم بشكل جيد حصصها. ولذلك رأى ديماري ان اسعار النفط ستبقى تتأرجح بين 10 و20 دولاراً، وفي الأيام السيئة ستكون نحو 10 دولارات، وعندما يحدث تطور معين من ناحية الطلب سترتفع الى 20 دولاراً، ولكن على العموم فإنها ستستقر للسنوات العشر المقبلة بين 13 و16 دولاراً لبرميل "برنت". وسألت "الحياة" ديماري عما اذا كان يشاطر وزير النفط الجزائري يوسف اليوسفي رأيه انه في ظل اسعار منخفضة جداً، مثلما كانت عليه أخيراً لا يرى احتمال تنفيذ مشاريع انتاج وتصدير جديدة للغاز في الدول المنتجة للغاز، وما إذا كانت الاسعار اثرت في عمل شركة "توتال" في الجزائر في حقل "تي.ان.تي" الغازي، فقال: "لدينا مشاركة مع سوناطراك الجزائرية للانتاج في حقل تي.اف.تي. ولقد بدأ انتاج الحقل بنحو سبعة بلايين متر مكعب سنوياً من الغاز ونسبة معينة من السوائل المصاحبة والمكثفات، وسوناطراك تسوق قسماً من هذا الغاز للتصدير نحو أوروبا وتخصص جزءاً منه للاستهلاك الداخلي، وهو مشروع مجد في ظل أسعار بمستوى 13 دولاراً للبرميل. وهذا الحقل موجود في منطقة مطورة لها بنيتها التحتية ولا تتطلب مستويات الاستثمار التي تتطلبها مثلاً منطقة غازية جديدة مثل عين صلاح حيث ينبغي انشاء بنية تحتية كاملة جديدة". وأضاف ديماري ان مشاريع "توتال" للغاز في العالم مجدية عموماً في ظل سعر عند مستوى 13 دولاراً للبرميل، وذلك بالنسبة الى مشروع "قطر غاز" أو "عمان للغاز" أو "إدغاز" في أبو ظبي وحتى مشروع "يمن للغاز" سيكون مشروعاً اقتصادياً ولكن بعد ايجاد السوق للغاز اليمني الذي ليس لديه زبائن مؤكدة بعد. وأشار الى تطور ايجابي في السوق العالمية للغاز الطبيعي المسيل، إذ أن الطلب من المشترين التقليديين للغاز الطبيعي اي اليابان وكوريا وتايوان يتجه الى الزيادة بالإضافة الى وجود زبائن محتملين جدد للغاز أولهم الهند. وذكر ان "توتال" وقعت مع شركة "تاتا" الهندية عقداً لإنشاء مرفأ لاستيراد الغاز في بومباي، مشيراً الى ان "توتال" مهتمة ببيع الغاز للهند ووقعت خطاب نوايا مع عدد من منتجي الغاز في قطروعمان لتصدير الغاز الى الهند. وأو ضح ان الهند تحتاج الى الغاز لانتاج الكهرباء وبعد الهند هناك الصين التي قررت مبدئياً انشاء مرفأ لاستقبال الغاز. وعما اذا كان إلغاء زيارة الرئيس الايراني خاتمي الى فرنسا ستؤثر في احتمال توقيع "توتال" عقد جديد لتطوير حقلي سيري "سي" و"دي" وحقل بري في منطقة أهواز، قال ديماري: "هناك من حين الى آخر أحداث تتعلق بمسائل شكليات بروتوكولية ولكنها لن تؤثر في علاقاتنا مع ايران. فوزير النفط الايراني والمسؤولون في الشركة الوطنية الايرانية للنفط نيوك قدروا جداً ان "توتال" دخلت وحدها في ايران عندما كان الحظر الاميركي يخوف الآخرين من الدخول الى ايران فاعتقد ان هذه أحداث صغيرة، ولن يكون لها تأثير". وعما اذا كان التدهور في العلاقات بين فرنساوالعراق سيحول دون تحقيق أي تقدم في محادثات "توتال" مع العراق لتوقيع عقد تطوير حقل عمر في العراق، قال ديماري: "ليس باستطاعتنا ان نقول أن الأحوال تدهورت بين البلدين بالنسبة للماضي، إذ أن فرنسا لم تشارك في الضربات الجوية على العراق المستمرة منذ اشهر، فهذا على الأقل بالنسبة للعلاقات بين العراقوفرنسا ايجابياً. ولكن الواقع ان كل المحادثات لرفع الحظر الدولي عن العراق لم تسفر عن نتيجة بعد واعتقد ان العراقيين يعترفون بأن فرنسا قدمت اقتراحات وقامت بجهود لايجاد حلول مقبولة للكل. فأعتقد ان العلاقات بين العراقوفرنسا تتسم بمحاولة من الجانبين لايجاد طريقة لرفع الحظر الدولي الموجود منذ 10 اعوام، وفريق توتال المسؤول عن العراق لديه علاقات جيدة مع المسؤولين النفطيين العراقيين". وعن وضع حقل عمر، قال ديماري "انه حقل لم ينتج من قبل والدراسات في شأنه كلها موجودة لدينا". وعن فترة الوقت المتطلبة للعمل على الحقل بعد رفع الحظر النفطي عن العراق قال ديماري انه بالامكان ان يبدأ الانتاج بعد سنتين أو ثلاث من بدء العمل على الحقل في حال رفع الحظر. وحول اهتمام "توتال" بالسعودية قال ديماري: "نحن مهتمون بالسعودية لأهمية البلد، ولكننا ندرك أن أرامكو ستبقى هي وحدها المنتجة في حقول السعودية. فقد كنا منذ سنتين مهتمين بالدخل في مشاريع غاز لتوليد الكهرباء واجرينا اتصالات في هذا الشأن. ونحن مهتمين بالغاز لأننا مجموعة تهتم بالغاز و40 في المئة من احتياطنا هو غاز. فهو طاقة جيدة ان كان اقتصادياً أو بيئياً أو لتوليد الكهرباء". وعما إذا كانت "توتال" ستندمج يوماً ما مع شركة "ألف" الفرنسية على نمط عمليات الاندماج الكبرى، قال ديماري: "نحن الآن مهتمون بعملية دمجنا مع بتروفينا البلجيكية وهي جارية بشكل جيد، اذ تملكنا 41 في المئة من بتروفينا. وزدنا رأس مال توتال لدفع حصة 41 في المئة من بتروفينا. ونحن لا نبحث عن احتمالات دمج اخرى في الوقت الحاضر".