انتهت الحملات الدعائية لأول انتخابات محلية وبلدية في ايران، أمس، وسط شكوك وهواجس بأن تسفر نتائجها عن مشكلة قانونية وسياسية، بعدما هدد رئيس لجنة مراقبة الانتخابات المنبثقة عن البرلمان موحدي ساوجي بإبطال نتائج الانتخابات في العاصمة طهران اذا سمحت وزارة الداخلية لاثني عشر مرشحاً قررت لجنة المراقبة اقصاءهم بأن يخوضوا المنافسة. وشدد ساوجي في تصريحات أمس على ان قرار اللجنة "نهائي ولا رجوع عنه". وحذر السلطة الاجرائية من تجاهل القرار، في اشارة الى تحدي وزارة الداخلية لقرار إبعاد مرشحين يعتبرون من رموز اللائحة المؤيدة للاصلاحات. واكدت انها لن تكترث لأي قرار "غير قانوني". وتكتسب الانتخابات المحلية المقررة غداً اهمية سياسية كبيرة، اذ أنها ستجرى للمرة الأولى منذ الثورة رغم ان الدستور نص عليها منذ البداية، كما أنها ستكون الاستحقاق الانتخابي الثاني الملفت في عهد الرئيس سيد محمد خاتمي بعد انتخابات مجلس خبراء القيادة التي انتهت الى فوز كبير لرجال الدين المحافظين. وفي هذا الاطار، عقد 86 عضواً في مجلس الخبراء الجديد أول اجتماع لهم في مدينة قم منذ الانتخابات الأخيرة، وشهدت عملية انتخاب رئيس المجلس وهيئة الرئاسة مفاجأة لأوساط سياسية وعدد من المراقبين. اذ جُدد لآية الله علي مشكيني في رئاسة المجلس، فيما كان متوقعاً تعيين الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني. اذ ليس خافياً ان العلاقات بين رفسنجاني وتياره المعروف بپ"كوادر بناء ايران" وبين المحور الديني لليمين المحافظ المعروف ب "جمعية علماء الدين المناضلين" روحانيت شهدت دفئاً ملحوظاً خلال الشهور الأخيرة. وتوجت بتحالف موضوعي غير معلن في انتخابات الخبراء. وزادت التوقعات بعدما لوحظ ان "الكوادر" والراديكاليين وحزب "جبهة المشاركة" المعروفين بأنصار خاتمي لم يقدموا لائحة واحدة مشتركة في هذه الانتخابات المحلية. ومع ذلك لم ينتخب رفسنجاني لرئاسة مجلس الخبراء. وبدا واضحاً ان جهة عليا في قيادة النظام لم ترض بتعيين رفسنجاني في هذا المنصب، كما أكد المحافظون انهم لا يغفرون ببساطة لمن خذلهم في محطة سياسية - مفصل كالانتخابات الرئاسية الأخيرة مثلاً. واللافت ان الرأي العام في البلاد لم يول اهتماماً كبيراً للانتخابات الداخلية في مجلس الخبراء، وبدا منشغلاً أكثر بالمنافسة المحلية الأولى في تاريخ البلاد. ويقول شهود ان الحيوية في المناطق والقرى البعيدة عن المدن الكبرى تشهد حرارة أكثر من العاصمة طهران رغم انها الدائرة الانتخابية الأكثر أهمية من حيث دلالات نتائجها السياسية. ولم يلاحظ نشاط دعائي استثنائي طوال اسبوع من الحملة الانتخابية المفتوحة عدا الكم الهائل من الملصقات والصور المبثوثة في كل مكان وتغطي مساحات واسعة من جدران المدينة. وعلى رغم ان عدد سكان طهران الرسمي يتجاوز الثمانية ملايين بقليل ويناهز عدد الناخبين الأربعة ملايين ونصف المليون ايراني، فإن أهالي العاصمة لن ينتخبوا سوى 15 مرشحاً، وهو رقم متدن، علماً بأن نحو أربعة آلاف شخص سيخوضون المنافسة في طهران. والملاحظة الأكثر حساسية هي السماح لمرشحي المعارضة الوطنية والليبرالية، خصوصاً مرشحي "حركة الحرية" التي يتزعمها الدكتور ابراهيم يزدي، بخوض المنازلة في العاصمة. وبدت الاجواء أكثر انفتاحاً وأقل حرجاً، إذ أن اللائحة المدعومة من المعارضة تضمنت اسماء شخصيات سياسية ذائعة الصيت وتقلدت مناصب مهمة في الدولة كوزير الداخلية السابق عبدالله نوري ومستشار رئيس الجمهورية سعيد حجاريان. ويعتبر نوري أوفر المرشحين حظاً لتولي منصب عمدة طهران المنتخب. لكن القرار الذي اتخذته لجنة المراقبة التي يسيطر عليها المحافظون عاود اشاعة الفوضى في أوساط سياسية والحيرة والغموض لدى الرأي العام والناخبين. وبعدما خيّل للمواطنين ان مشكلة ابعاد مرشحين اصلاحيين قد سويت أول من أمس، عاد رئيس اللجنة النائب المحافظ حجة الاسلام موحدي ساوجي ليوجه انذاراً وتهديداً بأن اللجنة ستلجأ الى إبطال انتخابات طهران بكاملها اذا أصرت وزارة الداخلية على السماح لپ12 مرشحاً أبعدتهم لجنة المراقبة بأن يخوضوا المنافسة. وقال ساوجي: "إذا لم تبادر وزارة الداخلية الى شطب اسماء الپ12 من لوائح المرشحين فإن اللجنة المركزية المشرفة على الانتخابات ستعلن بطلان الانتخابات". ولا يستبعد ان تؤثر الفوضى والارتباك في نسبة المشاركة في الانتخابات في طهران. لكن المتفائلين يعولون على ندائي المرشد آية الله علي خامنئي والرئيس خاتمي الى مشاركة "شعبية واسعة"، وقد حض خاتمي الشبان على تجديد "ملحمة الانتخابات" الرئاسية.