كانت لانخفاض اسعار النفط وعدوى الازمة الآسيوية والتباطؤ العام في النمو الاقتصادي وتراجع ارباح الشركات في المنطقة آثار سلبية على اداء اسواق الاسهم العربية خلال العام الماضي. اما التوقعات لهذا العام فانها افضل لأن العديد من هذه الاسواق اصبحت اسعار الاسهم فيها مقوّمة بأقل من قيمتها الحقيقية. اذ عكس التراجع في اسعار الاسهم الانخفاض في اسعار النفط وضعف نتائج الشركات المدرجة. واذا استقر سعر نفط خام برنت عند حدود 15 دولاراً للبرميل وتحسنت ارباح الشركات المدرجة ستتحسن التوقعات بالنسبة لمعظم اسواق الاسهم العربية، وقد تكون افضل البورصات اداء خلال العام الحالي البورصة المصرية والتونسية في حين ستتابع الاسهم الخليجية تصحيحها الى الاعلى. وعانى بعض الدول العربية التي قامت بفتح اسواقها امام تدفقات رؤوس الاموال العالمية مثل مصر ولبنان والاردن بدرجات متفاوتة من انتشار العدوى الناشئة عن قيام محافظ الاستثمار العالمية بالخروج من اسواق الاسهم الناشئة. ورغم ذلك فان الانخفاض الذي سجل في اسواق دول المنطقة كان اقل حدة من التراجع الذي شهدته الاسواق الناشئة الاخرى في آسيا واميركا اللاتينية. وحتى اسواق الاسهم لدول مجلس التعاون الخليجي التي تتبع سياسة محافظة وتفرض بعض القيود على تدفقات رؤوس الاموال العالمية اليها، لم تكن هي الاخرى بمنأى عن تقلبات الاسواق العالمية اذ تأثرت هذه الدول بصورة اكبر من غيرها من جراء هبوط اسعار النفط والسلع البتروكيماويات، الاسمنت، الاسمدة، الالمنيوم… الخ، وخسر مؤشر الايكونومست لأسعار السلع 35 في المئة من قيمته بنهاية الفصل الاول من هذا العام بالمقارنة مع اعلى مستوى وصل اليه في ايار مايو 1997، وكان لذلك تأثيره على النمو الاقتصادي لدول المنطقة وارباح الشركات الخليجية المصدرة لهذه المنتجات والسلع. ان اسواق الاسهم العربية تعتبر صغيرة بمقاييس الاسواق الناشئة، اذ انها تشكل حوالى تسعة في المئة فقط من اجمالي القيمة السوقية ل38 سوقاً ناشئة في آسيا واميركا اللاتينية وافريقيا وشرق اوروبا. وبلغ اجمالي القيمة السوقية للأسهم المدرجة في 12 بورصة عربية 8.157 بليون دولار في نهاية عام 1998 وشكلت البورصة السعودية، التي تعتبر اكبر بورصة عربية، 27 في المئة من هذا الاجمالي الجدول رقم 1. والجدير بالذكر ان اسهم المصارف وشركات الاستثمار والتأمين والشركات العقارية تشكل حوالى 60 في المئة من اجمالي القيمة السوقية للأسهم المدرجة في الاسواق العربية وذلك بالمقارنة مع 24 في المئة في المتوسط للأسواق الناشئة الاخرى. كما ان الحكومات العربية لا تزال اكبر المساهمين في اسواق الاسهم العربية، ولذلك نجد ان نسبة مرتفعة من الاسهم المدرجة لا يتم تداولها في السوق. السعودية ادى الاندماج بين البنك السعودي الاميركي والبنك السعودي المتحد في بداية 1999 الى ارتفاع اسعار اسهم المصارف السعودية كما انعكس على السوق بكاملها حيث ارتفع المؤشر بنسبة 24 في المئة في كانون الثاني يناير الا ان السوق عادت وعكست اتجاهها في شباط فبراير بسبب انخفاض اسعار النفط مما ادى الى تراجع المؤشر بنسبة 4.6 في المئة منذ بداية العام. وفي آذار مارس شهدت اسعار الاسهم تحسناً كبيراً بعد قرار منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك خفض الانتاج بمعدل 7.1 مليون برميل اعتباراً من بداية نيسان ابريل 1999 مما ادى الى ارتفاع اسعار النفط بنسبة 25 في المئة عن مستواها في بداية العام وارتفع مؤشر سوق الاسهم بنسبة 4.9 في المئة في آذار مارس لينتهي الربع الاول على ارتفاع اجمالي بنسبة 3 في المئة. والجدير بالذكر ان اسعار الاسهم السعودية انخفضت بنسبة 8.27 في المئة عام 1998 لتتلاشى بذلك معظم المكاسب التي حققتها السوق عام 1997 والبالغة 28 في المئة مما جعل عام 1998 ثالث اسوأ عام في الأداء منذ بداية اعتماد مؤشر السوق عام 1985. اما العامان السيئان الآخران فهما 1985 و1994 حيث انخفض المؤشر بنسبة 30 في المئة و29 في المئة على التوالي، مع العلم ان المؤشر كان ارتفع بنسبة ستة في المئة عام 1995 و7.11 في المئة عام 1996. وتأثر أداء سوق الأسهم السعودية العام الماضي بالهبوط الذي سجلته اسعار النفط العالمية والذي جاء في حدود 33 في المئة وما كان لذلك من اثر سلبي على النشاطات الاقتصادية في البلاد. كذلك انعكس انخفاض الاسعار العالمية لصادرات المملكة الرئيسية غير النفطية مثل البتروكيماويات والاسمدة والاسمنت على اداء اسهم الشركات المصدرة لهذه السلع اذ تراجعت على سبيل المثال ارباح الشركة السعودية للصناعات الاساسيةسابك بنسبة 58 في المئة عام 1998 بسبب الانخفاض الحاد لأسعار البتروكيماويات في الاسواق الخارجية وتباطؤ النمو الاقتصادي في ارجاء مختلفة من العالم. ،وانخفضت قيمة الاسهم المتداولة في السوق السعودية ل73 شركة مدرجة بنسبة 8.16 في المئة فبلغت 8.51 مليون ريال سعودي عام 1998 على رغم ان 40 شركة خفضت القيمة الاسمية لأسهمها من 100 ريال الى 50 ريالاً للسهم الواحد وهي خطوة كان يتوقع لها ان تؤدي الى زيادة حجم التداول. كذلك انخفض اجمالي القيمة السوقية للأسهم المدرجة من 7.222 بليون ريال 4.59 بليون دولار في نهاية 1997 الى 160 بليون ريال 6.42 بليون دولار في نهاية 1998. اما متوسط مضاعف السعر/ ربح السهم، ومتوسط العائد على السهم والسعر/ القيمة الدفترية للسوق بكاملها فقد بلغت 88.11، 19.6 في المئة و39.1 على التوالي، في نهاية 1998 بالمقارنة مع 78.16، 60.4 في المئة و51.2 على التوالي في نهاية 1997. ويتوقع انه اذا استقرت اسعار النفط عند 15 دولاراً لبرميل خام برنت وتحسنت بالتالي ارباح الشركات المدرجة فان الاسهم السعودية قد تستعيد الخسائر التي سجلتها العام الماضي. وشهد عام 1998 ادراج اربع شركات جديدة في السوق شكلت قيمتها الاجمالية 3.50 في المئة من اجمالي قيمة الاسهم المدرجة. وصدر قرار في بداية 1999 خفف من المعايير المطلوبة لتحويل الشركات الخاصة الى شركات مساهمة، والمطلوب الآن ان تكون الشركة تأسست منذ 5 سنوات على الاقل بدلاً من 10 سنوات كما كان في السابق. ويجب على الشركة طرح 40 في المئة على الاقل من اسهمها للجمهور مقابل 51 في المئة في السابق على ان يكون صافي اصول الشركة 50 مليون ريال 3.13 مليون دولار على الاقل مقارنة مع الشرط السابق بأن تبلغ هذه الاصول 75 مليون ريال على الاقل 20 مليون دولار. الكويت هبطت اسعار الاسهم الكويتية بشكل كبير العام الماضي واستمر تراجع السوق خلال الربع الاول من السنة الجارية غير متأثر بالارتفاع الذي سجلته اسعار النفط العالمية. فبعد المكاسب الكبيرة التي حققتها السوق والتي وصلت الى 40 في المئة سنوياً في اعوام 1995 و1996 و1997 كان لا بد من حدوث تصحيح في هذه الاسعار خصوصاً ان معظمها قد وصل الى مستويات قياسية خلال الفترة 1995 - 1997 واصبح بعضها مقوماً بأعلى من قيمته الحقيقية. لذا خسر مؤشر سوق الاسهم الكويتية 13 في المئة خلال الربع الاول من عام 1998 واستمر بالانخفاض لينهي العام متراجعاً بنسبة 41 في المئة. كذلك انخفض المؤشر بنسبة 9.3 في المئة خلال الربع الاول من 1999، كما تراجع حجم التداول بنسبة كبيرة اذ تم تداول ما قيمته فقط 3.3 بليون دينار كويتي 11 بليون دولار من الاسهم العام الماضي مقابل 5.10 بليون دينار 7.34 بليون دولار عام 1997. تأثرت سوق الاسهم الكويتية كغيرها من اسواق الاسهم الخليجية بانخفاض اسعار النفط وتباطؤ الانفاق الحكومي وانخفاض التسهيلات الائتمانية المقدمة من المصارف. اضافة الى ذلك ادى التوتر المستمر بين العراق والولايات المتحدة الى زيادة التشاؤم في السوق الكويتية وتدخلت الحكومة لوقف انخفاض اسعار الاسهم في محاولتين لم يكتب لهما النجاح بسبب وقوف المصرف المركزي الكويتي بحزم ضد هذا التدخل كما ان تأسيس وادراج شركات جديدة ساعد على سحب فائض السيولة من السوق. وانخفض مضاعف السعر/ ربح السهم للسوق ككل الى 4.13 وبلغ عائد السهم 9.3 في المئة والسلع/ القيمة الدفترية 4.1 وبلغ مضاعف السعر/ ربح السهم للشركات العقارية 8.14 وهو الاعلى بين القطاعات في سوق الاسهم الكويتية، في حين كان عائد السهم لهذا القطاع اقل ما يكون عند 8.1 في المئة وتلتها شركات التأمين فبلغ متوسط مضاعف السعر/ ربح السهم 5.14 والعائد على السهم 5 في المئة، ثم شركات الاستثمار حيث بلغ مضاعف السعر/ ربح السهم 3.13 والعائد على السهم 2.2 في المئة اما الشركات الصناعية فبلغ مضاعف السعر/ ربح السهم 12 والعائد على السهم 6.2 في المئة، وللبنوك كان مضاعف السلع/ ربح السهم 11 والعائد على السهم 2.4 في المئة. اما الشركات غير الكويتية المدرجة في السوق ومعظمها من الامارات العربية المتحدة فأنهت عام 1998 بمضاعف سعر/ ربح السهم عند 8.12 وعائد على السهم 8.5 في المئة. ويتوقع حدوث بعض التحسن في اداء السوق خلال السنة الجارية لأن معظم الاخبار السيئة مثل انخفاض اسعار النفط وضعف نتائج الشركات المدرجة انعكست على اسعار الاسهم الحالية، كما ان عملية التصحيح وصلت الى نهايتها ولم تعد هناك مغالاة في اسعار اسهم العديد من الشركات المدرجة. وستعتمد درجة التحسن على مستوى اسعار النفط وتطور الاقتصاد المحلي والسماح لرأس المال الاجنبي بالاستثمار في سوق الاسهم الكويتية التي لا تزال مقيدة وتقتصر على الاستثمارات غير المباشرة في صندوقين او ثلاثة صناديق للاستثمار المشترك، وكذلك على تقدم عملية الخصخصة في البلاد والتطورات على الجبهة العراقية. 4- سوق الاسهم في البحرين بعد المكاسب التي حققتها السوق بنسبة 6.16 في المئة عام 1996 و49 في المئة عام 1997 سادت موجة من جني الارباح خلال الشهور الاربعة الاولى من عام 1998 وتراوح مؤشر السوق بين 2140 - 2160 نقطة. وساعد الأداء القوي لقطاعي البنوك والاستثمار في تعزيز الثقة في الاشهر اللاحقة فارتفع المؤشر الى 2569 نقطة في بداية آب اغسطس 1998 وهو مستوى لم يصل اليه المؤشر من قبل. الا ان استمرار الانخفاض في اسعار النفط والأداء الضعيف للأسواق الاقليمية الاخرى ترك اثره الواضح على الاسهم البحرينية خلال الاشهر الاخيرة من العام الماضي مما ادى الى تراجع المؤشر بنسبة 15 في المئة بين آب ونهاية العام. وانهى مؤشر بورصة البحرين عام 1998 عند مستوى 9.2188 نقطة اي بانخفاض نسبته 25.5 في المئة منذ بداية العام، وبلغت القيمة الرأسمالية لأسهم الشركات المدرجة وعددها 42 شركة 6986 مليون دولار في نهاية العام الماضي بانخفاض عن قيمتها البالغة 7571 مليون دولار عام 1997. انعكس التراجع العام في اسعار النفط وخطط الحكومة لخفض انفاقها في موازنة 1999 وتراجع ارباح الشركات المدرجة في عام 1998 سلباً على سوق الاسهم خلال الاشهر الاولى لهذه السنة اذ انخفض المؤشر بنسبة 9.3 في المئة خلال الربع الاول من 1999. الا ان هناك تطورات ايجابية حصلت اخيراً قد تؤدي الى تحسن اسعار الاسهم هذا العام، اذ صدر في اذار مارس 1999 قانون جديد يسمح للمستثمرين من دول مجلس التعاون الخليجي بتملك حصة الى 100 في المئة من اسهم الشركات المدرجة بالمقارنة مع 49 في المئة في السابق. في حين سمح للمستثمرين الاجانب بتملك حصة تصل الى 49 في المئة من كافة الشركات المدرجة في البورصة، مقارنة بالسابق عندما كان يسمح للمستثمر الاجنبي بامتلاك اسهم في 8 شركات فقط من بين 42 شركة مدرجة في السوق. وهذا التطور من شأنه زيادة الطلب في سوق الاسهم البحرينية واعطاؤها العمق المطلوب. اما التطور الايجابي الآخر فهو ادخال بورصة البحرين ضمن مؤشرات الاسواق الناشئة بما فيها مؤشر مؤسسة "التمويل الدولية" IFC التابعة للبنك الدولي وهذا قد يشجع على تدفق الاموال من المستثمرين الدوليين. وعلى رغم تراجع المؤشر في الربع الاول من السنة الجارية فان توقعاتنا لاداء السوق خلال 1999 تبقى متفائلة ولكن بحذر، اذ ان مستويات الاسعار وصلت الآن عند معدلات معقولة حيث يبلغ متوسط مضاعف السعر/ ربح السهم 11 ومتوسط العائد على السهمك 4.8 في المئة ، وعكست اسعار الاسهم المنخفضة التوقعات بان تبقى اسعار النفط متدنية وان تتراجع ارباح الشركات المدرجة. غير ان تنوع اقتصاد البحرين يجعله في وضع افضل للتكيف مع المتغيرات المستجدة باسعار النفط مقارنة مع دول المنطقة الاخرى، واذا ما استمرت اسعار النفط بالتماسك او التحسن فهذا سينعكس ايجاباً على سوق الاسهم البحرينية. * كبير الاقتصاديين وعضو منتدب - مجموعة الشرق الاوسط للاستثمار MECG