يتوقع ان يتزايد تدفق الرساميل الخاصة الى خمس اسواق ناشئة في افريقيا والشرق الأوسط بحدة السنة الجارية وفقاً لتكهنات مؤسسة التمويل الدولية آي آي اف التي تتخذ من واشنطن مقراً لها. وتتكهن هذه الهيئة التجارية التي تمثل مؤسسات مالية رئيسية بأن يزيد صافي التدفقات من 8.2 بليون دولار العام الماضي الى 9.9 بليون دولار السنة الجارية. لكنه لن يبلغ القمة التي بلغها عام 1997، اي 16.2 بليون دولار. وإذا حدثت هذه الزيادة، فان الدول الخمس وهي مصر وتونس والمغرب والجزائروجنوب افريقيا ستستفيد اكثر من بقية الاسواق الناشئة في العالم من تدفق الرساميل. وتتكهن مؤسسة التمويل الدولية في تقرير اصدرته الاحد الماضي خلال اجتماعها السنوي بتراجع في صافي تدفقات رؤوس الأموال الخاصة الى الاسواق الناشئة في العالم من 143 بليون دولار العام الماضي الى 141 بليوناً في 1999. ووصف المسؤولون في المؤسسة الدولية هذا التراجع بأنه "متواضع" وأقل بكثير من القمة التي بلغها تراجع التدفق عام 1996 330 بليون دولار قبل بدء الازمة المالية الآسيوية، على رغم ان المسؤولين يشعرون بأن الثقة بدأت تعود الى اسواق المال العالمية، وان القلق تبدّد الى حد ما بعد التطورات الايجابية التي شهدتها اخيراً البرازيل وكوريا الجنوبية وتايلاند. وقال عبدالستار اوانس، مدير قسم افريقيا والشرق الأوسط في مؤسسة التمويل الدولية ل"الحياة" ان الانتعاش المتوقع في تدفق الرساميل الى الدول العربية الأربع سيكون ملموساً على رغم ان الفضل في زيادة التدفق الى الدول الخمس يعود الى جنوب افريقيا. ويتوقع ان تزيد التدفقات الى مصر من 1.4 بليون دولار عام 1998 الى 1.8 بليون دولار السنة الجارية. وأحد اسباب هذه الزيادة توقع تدفقات كبيرة للاستثمارات الاجنبية المباشرة. لكن اوانس قال ايضاً ان مؤسسة التمويل الدولية تتوقع ان يبلغ صافي ما سيتدفق من رساميل اجنبية الى سوق الأسهم المصرية نحو 250 مليون دولار في وقت بدأ يتبدد القلق الذي نشأ بسبب حادثة الاقصر، وتخف وطأة مضاعفات الازمة المالية الآسيوية. وكانت هذه السوق فقدت العام الماضي استثمارات بلغت 330 مليون دولار. وتوقعت المؤسسة ايضاً انتعاشاً ملحوظاً في تدفق الرساميل الى شمال افريقيا، وأن يزداد صافي ما يتدفق الى الجزائر من 150 مليون دولار العام الماضي الى نحو 820 مليوناً السنة الجارية، وان يذهب معظم هذه الزيادة في شكل استثمارات اجنبية مباشرة في قطاع الهيدروكربونات. كما توقعت المؤسسة انتعاش الاستثمار الاجنبي في الاسهم المغربية وارتفاع صافي ما يتدفق من رساميل خاصة اجمالاً عاكساً بذلك، وفي المقام الأول، تحسناً في المناخ الاقتصادي ناتجاً عما بذلته الحكومة الانتقالية من جهود العام الماضي. وقالت المؤسسة الدولية ان من المنتظر ان يزداد صافي الرساميل المتدفقة على 550 مليون دولار، السنة الجارية وربما تجاوز 800 مليون دولار بفضل ما أصدرته حكومة المغرب أخيراً من سندات اليورو، وان يزداد صافي ما يتدفق من رساميل خاصة الى تونس كما حدث العام الماضي، على رغم ان المؤسسة لا تتوقع تكرار زيادة الاستثمار في الحقائب التونسية، اذ ان تخصيص شركات الاسمنت كان وراء ازدياد الاستثمار في هذه الحقائب العام الماضي. وقال اوانس ل"الحياة" ان الاستثمارات المتدفقة الى مصر قد تزداد اذا وفت بوعدها وخصصت واحداً من المصارف الأربعة الكبيرة المملوكة للدولة، وان الاستثمارات المتدفقة الى الجزائر قد تتعزّز اذا عادت هذه الدولة الى الوضع الطبيعي العادي في اعقاب الانتخابات الرئاسية، وإذا استجاب المستثمرون الاجانب على نحو ايجابي لنتائج هذه الانتخابات. وأضاف ان الرساميل المتدفقة الى تونس قد تسجل ارتفاعاً اذا حذت السلطات فيها حذو المغرب وجنوب افريقيا وأصدرت سندات يورو نظراً الى ان الفروق بين عائدات مختلف السندات تتراجع والى ان الاساسيات الاقتصادية التونسية تتحسن. ولم تشمل توقعات مؤسسة التمويل الدولية ما قد يتدفق من صافي الرساميل الى الدول الخليجية المصدرة للنفط والى عدد من الاسواق العربية الناشئة في شرق البحر الأبيض المتوسط. ونظراً الى التحسن الذي شهدته اسعار النفط اخيراً، تتوقع المؤسسة الدولية ان تخف الضغوط على حسابات الدول، التي تعتمد على الصادرات النفطية، وعلى موازنات هذه الدول. لكن هذا التحسن لن يُغني هذه الدول عن ضرورة تمويل العجز في حساباتها الجارية وفي موازاناتها. وتفترض المؤسسة الدولية الآن ان يبلغ متوسط اسعار النفط 15 دولاراً للبرميل الواحد السنة الجارية. وإذا صحّ هذا الافتراض فستواصل المؤسسات الخاصة وشبه الخاصة ارسال رساميلها الى السعودية في 1999. وتتوقع المؤسسة الدولية ان تستفيد ايران من ارتفاع اسعار النفط، الذي يأتي في وقت مناسب لتلافي المشاكل التي واجهتها هذه الدولة حتى الآن في تمويل ديونها الخارجية الكبيرة. لكن المسؤولين في المؤسسة يعتقدون بأن اية زيادة في الرساميل المتدفقة الى ايران سترتبط بما اذا كانت العقوبات الاميركية المفروضة عليها سترفع، وبما اذا كانت السلطات الايرانية المعنية ستمضي قدماً في مجال تنشيط سياساتها الاقتصادية وجعلها اكثر فاعلية. يذكر ان اهمية الرساميل الخاصة المتدفقة الى الاسواق الناشئة ازدادت في الفترة الماضية لأنها حلّت محل الرساميل الرسمية بالنسبة الى عدد كبير من الدول الفقيرة. ولهذا باتت الرساميل الخاصة تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التطور والنمو في الدول الناشئة.