يعود تأسيس "شركة المنيوم البحرين" البا الى عام 1968 وشكلت بداية التحول والتنويع الصناعي ليس في البحرين فحسب، بل في منطقة الخليج. وأصبح للشركة تأثير اقتصادي واجتماعي واسع وكبير في البحرين. فنتيجة لنجاح المشروع تأسست في البحرين صناعات تحويلية عدة في قطاع الالمنيوم، مكنتها من مواكبة التقدم التكنولوجي في القرن ال21. وكان من أبرز المقومات لبناء المصهر في البحرين، وجود مخزون وفير من الغاز الطبيعي، في حقل الخف، لتوفير الطاقة الحرارية الهائلة التي تتطلبها عملية صهر الالمنيوم. ويمتلك الشركة حالياً ثلاثة مساهمين هم: حكومة البحرين 77 في المئة والصندوق السعودي للاستثمارات العامة 20 في المئة والشركة الالمانية "بريتون انفستمنتس" ثلاثة في المئة. ومن ذلك الحين توسعت "البا" وارتفع معدل الطاقة التصميمية من 120 ألف طن متري سنوياً الى 500 ألف، وبذلك أصبحت "البا" في طليعة صناعة الالمنيوم في العالم. وبلغ انتاجها العام الماضي طاقته القصوى. مساهمة اقتصادية بارزة وتلعب "البا" دوراً حيوياً في تنشيط الفعاليات الاقتصادية للبحرين وتعزيزها. وبلغ حجم مبيعات "البا" من الالمنيوم 700 مليون دولار عام 1998، كما بلغت القيمة المضافة التي ولدتها الشركة للاقتصاد المحلي 135 مليون دولار. هذا يعني ان الشركة تساهم بنحو 10 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. ويوزع صافي الانتاج الجاهز من الالمنيوم بين المساهمين في الشركة كل حسب حصته. ولتسويق وبيع حصة حكومة البحرين من الانتاج في الأسواق العالمية تأسس عام 1978 جهاز تسويق يعرف باسم "بالكو" وهي "شركة البحرين للالمنيوم". وتتولى بالكو تسويق وبيع 97 في المئة أو ما يساوي 480 ألف طن متري من صافي الانتاج السنوي في السوق الفورية وفي مقدمها أسواق الشرق الأقصى وجنوب شرق آسيا. وشهدت الأعوام الأخيرة زيادة كبيرة في حجم المبيعات من الالمنيوم الى دول مجلس التعاون الخليجي، وأصبحت "البا" تغطي 80 في المئة من حاجات المنطقة. وأدى نجاح "البا" المضطرد الى اقامة عدد من المشاريع الصناعية التحويلية للالمنيوم في البحرين، من بينها: "شركة البحرين الدولية لرذاذ المعادن" الرذاذ: تأسست عام 1972 لانتاج مسحوق الالمنيوم الذي يستخدم في صناعة الأصباغ البحرية والمفرقعات. "شركة البحرين لسحب الالمنيوم" بلكسكو: تأسست عام 1977 لصنع تشكيلات متنوعة من مقاطع وقضبان الالمنيوم. "شركة ميدال للكابلات المحدودة" ميدال: تأسست عام 1978 لصنع الموصلات لشبكات التوزيع الكهربائي المعلقة وأصناف متنوعة من الكابلات. "شركة الخليج لدرفلة الالمنيوم" الدرفلة: تأسست عام 1986 لانتاج صفائح ورقائق الالمنيوم. "مصنع عجلات السيارات" اليويل: تأسس عام 1991 لانتاج محاور عجلات الالمنيوم لمصانع السيارات الأوروبية مثل "بي ام دبليو" و"مرسيدس بنز". "شركة البحرين لصنع السبائك المعدنية": تأسست عام 1994 لانتاج أصناف عالية الجودة من قطع الغيار للسيارات. وتعتبر "البا" مشغلاً رئيسياً للأيدي العاملة البحرينية، ويشكل ابناء البحرين حالياً أكثر من 87 في المئة من مجموع الأيدي العاملة في الانتاج و90 في المئة من مجموع الفئات الادارية. وارتفع انتاج العامل لدى الشركة من 42 طناً للموظف عام 1985 الى 120 طناً عام 1998. ولم تزد "البا" حجم انتاجها فحسب بل أصبحت رائدة في مجال حماية البيئة. إذ انفقت منذ عام 1990 أكثر من 300 مليون دولار على نظم ووحدات حماية البيئة، وهي وحدات شبيهة بالمكانس الكهربائية الضخمة وظيفتها سحب الغازات الساخنة من الخلايا ومن ثم حقنها بمادة الالومينا. وتعمل ذرات الالومينا على امتصاص غاز الفلورايد الذي يسحب الى مصفاة واسعة ويلي ذلك التفاعل، استعادة الالومينا المشبعة بالفلورايد الى الدورة الانتاجية. ولا يزال المنيوم "البا" يصدر الى نحو 20 بلداً من أقطار العالم. كما وصل المنيوم "البا" الى المريخ عام 1997 على هيئة أربع لوحات للترددات الصوتية مثبتة على عربة سوجينر، وذلك ضمن رحلة المركبة باثفايندر لاستكشاف سطح الكوكب. انجازات ومشاريع صنفت الشركة استناداً الى دراسة عالمية مستقلة اجريت العام الماضي في المرتبة ال18 لجهة كلفة الطاقة الكهربائية للطن الواحد من الالمنيوم. وإذا أخذنا في الاعتبار اجمالي التكاليف والنفقات فإن "البا" تحتل المرتبة الأولى لجهة الكلفة الأقل للطن من الالمنيوم وذلك استناداً الى توقعات عامي 1997 و1998. وشهد عام 1998 عدداً من التطورات والانجازات كتوسعة المسبكين بكلفة 28 مليون دولار، والبدء بمركز البحث والتطوير بكلفة 4.3 مليون دولار وتشغيل مشروع مناولة القار السائل بالمرفأ الذي تم الانتهاء منه بكلفة 28 مليون دولار. وأقر مجلس الادارة في كانون الأول ديسمبر الماضي تنفيذ مشروع استثماري بكلفة 400 مليون دولار لاقامة معمل لتكليس الفحم البترولي. وسيسهم هذا المشروع في الاقتصاد الوطني للبحرين بأكثر من 50 مليون دولار سنوياً، ومن المتوقع ان يوفر بعد انشائه 80 وظيفة للبحرينيين. ومن المقرر اكتمال هذا المشروع الكبير سنة 2001 وسيمكن "البا" من انتاج حاجة المصهر من الفحم البترولي وأيضاً تصدير 200 ألف طن متري سنوياً الى المصاهر الأخرى في العالم. وبموازاة هذا المشروع ستتم اقامة معمل تحلية مياه البحر يعتمد على الحرارة الصادرة عن عملية التكليس. وستضخ المياه الى شبكة التوزيع الحكومية بمعدل يصل الى 41 ألف متر مكعب يومياً لمواجهة تزايد الطلب على المياه العذبة. كما أعلن رسمياً دمج "الشركة البحرينية السعودية لتسويق الالمنيوم" بالكو مع "البا"، فاتحة المجال أمام الأخيرة لتسويق منتجاتها من الالمنيوم الأولي مباشرة في الأسواق اقليمياً وعالمياً. تحديات الأسعار والمستقبل وحول أوضاع الأسعار الحالية للالمنيوم يقول أحمد صالح النعيمي المدير العام للشؤون المالية في الشركة "إن أسعار الالمنيوم تراوح حالياً بين 1200 و1250 دولاراً للطن الواحد، وهي تعتبر أسعاراً منخفضة من الناحية التاريخية. وأسهمت في تراجع الأسعار أزمة الدول الآسيوية اضافة الى تراخي معدلات نمو الاقتصاد العالمي ككل، إلا أننا لا نتوقع استمرار هذه الأسعار، بل نتوقع تحسنها إذ ان العديد من الدول الآسيوية بدأت بإعادة ترتيب أوضاعها. كما ان العديد من مصاهر الالمنيوم لا تحتمل الاستمرار في الانتاج عند مستويات تلك الأسعار. وإذا ما خرجت هذه المصاهر من دورة الانتاج، فإن ذلك يعني تقلص العرض مما يسهم في تحسين الأسعار أيضاً". وحول تأثيرات اشتداد المنافسة والعولمة، قال النعيمي: "اننا كشركة استعدينا جيداً لهذه التطورات، إذ ان كلفة انتاج الالمنيوم تعتبر من أحسن المستويات العالمية. ونتوقع ان نستفيد كشركة من انفتاح الأسواق وازالة العوائق الجمركية كما هو حاصل حالياً بالنسبة لضريبة الالمنيوم الأوروبية التي تبلغ ستة في المئة وذلك من أجل زيادة حصتنا في الأسواق الأوروبية. وغني عن القول إن هذه الضريبة تعتبر غير عادلة وغير مبررة خصوصاً أنها تفرض من قبل دول يفترض انها في طليعة الدول الداعية الى ازالة العوائق الجمركية والتحرير الاقتصادي". وأكد النعيمي ان نجاح تجربة "البا" يعني ان مستقبل الصناعة في البحرين هو مستقبل واعد، خصوصاً ان انتاج الشركة يذهب لتغذية شريحة واسعة من الصناعات التحويلية في البحرين والاخذة بالتزايد إذ باتت البحرين تسوق مثل هذه الصناعات للمستثمرين الأجانب ولاقت اقبالاً جيداً، وهذا الجهد يوازي جهوداً مبذولة لتطوير العديد من الصناعات الأخرى في مجال الصناعات الأساسية والبتروكيماوية والخفيفة والغذائية.