نفّذت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي خلال الأعوام العشرة الماضية، إستراتيجيات طويلة الأجل تهدف إلى تطوير صناعة الألومنيوم في المنطقة، حتى باتت في وضع يؤهلها لأن تصبح من المناطق الرئيسة المصنّعة لمنتجات الألومنيوم في العالم. ففي عام 2000 بلغت حصة مجلس التعاون الخليجي من الإنتاج العالمي للألومنيوم 1.8 مليون طن سنوياً، وبحلول عام 2008، ارتفع الحجم إلى 2.2 مليون طن سنوياً، يمثل 5.4 في المئة من الإنتاج العالمي. وتوقع خبراء استمرار ازدياد معدلات الإنتاج إلى 6 ملايين طن سنوياً عام 2015، و9 ملايين عام 2020، لتشكل اكثر من 13 في المئة من الإنتاج العالمي. وقدر خبراء إجمالي استثمارات دول المنطقة في صناعة الألومنيوم بنحو 13.3 بليون دولار، تشكل نحو 9 في المئة من مجموع استثمارات الصناعات التحويلية. وأكد رئيس «ميد إيفينتس» إدموند أو سوليفان أن «هناك فرصاً هائلة للاستثمار في المنطقة من خلال الاستفادة من إنتاج المعدن الأولي عبر المصاهر الكبرى في المنطقة». وتوقع الخبراء أن يكون عام 2010 مهماً لإنتاج الألومنيوم في الشرق الأوسط، مع استعداد أكبر مصهرين على مستوى العالم، مثل شركات «قطالوم» و «إيمال»، لزيادة الإنتاج. وأشارت دراسة حديثة أصدرتها «منظمة الخليج للاستشارات الصناعية»، إلى أن دول المنطقة تنفذ حالياً مشاريع إنتاجية عملاقة ذات طاقات إنتاج ضخمة وبتكاليف رأسمالية كبيرة. ووفقاً للدراسة، انتهت سلطنة عمان من إنشاء مصهرها في منطقة صحار، وبدأ الإنتاج عام 2008 بطاقة 350 ألف طن. وقطعت دولة قطر أشواطاً متقدمة في إنشاء مصهر «قطالوم» بطاقة 585 ألف طن. وتنفذ دولة الإمارات مشروعين كبيرين تقدر طاقتهما بنحو 1.3 مليون طن. كما تعمل السعودية على تنفيذ مشروعين ضخمين أيضاً طاقتهما نحو 1.4 مليون طن. وبلغ إجمالي المصانع العاملة في صناعة الألومنيوم بأنواعها المختلفة في دول مجلس التعاون الخليجي العربي 886 عام 2008، تشكل نحو 7.2 في المئة من المصانع العاملة في قطاع الصناعات التحويلية في دول المجلس. أما عدد العاملين في صناعات الألومنيوم البالغ نحو 63.6 ألف عامل فيشكل نحو 6.5 في المئة من العاملين في الصناعات التحويلية. واستطاعت منتجات هذه المصانع تغطية القسم الأكبر من احتياجات السوق المحلية ومتطلباتها. وتعد صناعة الألومنيوم من أهم الصناعات التحويلية التي تبنتها دول مجلس التعاون كخيار استراتيجي بعد صناعات النفط والبتروكيماويات، لما لها من دور مهم وفعال في دعم القطاع الصناعي وتطويره، والنهوض بالاقتصاد الوطني، ولكونها أساساً ترتكز عليه صناعات وسيطة ونهائية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، فضلاً عن عمق ترابطاتها وتشابكها مع قطاعات اقتصادية مثل البناء والتشييد، والنقل والمواصلات، وقطاع التجارة وغيرها. وبدأت صناعة الألومنيوم في دول مجلس التعاون في وقت مبكر فباشرت شركة ألومنيوم البحرين (ألبا) إنتاجها عام 1971 بطاقة 120 ألف طن سنوياً، ثم شركة ألومنيوم دبي (دوبال) عام 1979 بطاقة 135 ألف طن. وبسبب توسعات في المصنعين وتجديدهما تضاعف الإنتاج مرات عدة ليبلغ 1.8 مليون طن باستثمارات نحو سبعة بلايين دولار عام 2008 و6 آلاف عامل. صناعات وسيطة ونهائية وساعد إنشاء مصاهر للألومنيوم في المنطقة، وإنتاج الألومنيوم الأولي، على إنشاء صناعات وسيطة ونهائية تعتمد على هذا المعدن كمادة خام. وتأثرت صناعة الألومنيوم بأزمة المال العالمية فتراجعت أسعاره بشدة بدءاً من منتصف 2008، وبلغ أدنى سعر له في شباط (فبراير) 2009 (1281 دولاراً للطن الواحد، مقارنة ب 2575 دولاراً للطن كمتوسط لعام 2008). إلا أن التوقعات تشير إلى حدوث تحسن تدريجي في السعر بعد انحسار الأزمة. وتوقع خبراء أن يتابع حجم الطلب العالمي على الألومنيوم نموه في المستقبل بما لا يقل عن 5 في المئة سنوياً، ليصل إلى 70 مليون طن عام 2020، في مقابل 37 مليوناً. وتُتوقع زيادة الطلب على ألومنيوم الخليج. يُعقد المؤتمر الرابع الذي يحمل عنوان «بناء صناعة مستدامة للمراحل اللاحقة للإنتاج» من 16 إلى 17 آذار (مارس) المقبل، حيث يطرح استعراضاً شاملاً لقطاع إنتاج الألومنيوم ومعالجته في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمكانة التي يحتلها في السوق العالمية، ويركز على بناء قطاع مستدام للمراحل اللاحقة للإنتاج عبر كل جوانب هذه الصناعة في المنطقة.