عثرة أسود الأطلسي أمام منتخب توغو والتي جسدها تعادل هو الأول من نوعه أمام منتخب افريقي منذ قرابة أربع سنوات، ما زالت حتى الآن مثار تعليقات وتساؤلات كثيرة يكاد أغلبها يصب في اتجاه واحد هو كيف يمكن تبديد هذه العثرة؟ وهل سيكون لها مفعول نفسي قوي على منتخب المغرب الذي أصبح واجباً عليه جني نقطة واحدة على الأقل من مباراته أمام غينيا في الأسبوع الأول من حزيران يونيو المقبل ليضمن تأهله لنهائيات كأس الامم الافريقية عام 2000؟ العثرة إذن التي فرضت نفسها بعد الأداء المتوسط الذي بلغ أحياناً درجات من التواضع، يجد لها المدرب الفرنسي هنري ميشال ما يبررها عندما يقول: "هي عثرة، لكنها لا يمكن أن تكون نهاية العالم... المنتخبات الكبرى كلها تتعرض لمثل هذه الهزات، لا سيما عندما تتحالف ظروف نفسية وخاصة... ربما تصور اللاعبون أن المباراة ستكون سهلة المنال انطلاقاً من الفوز الذي حققوه على توغو في لومي ذاتها، وربما فطن الخصم لمصدر قوتنا فعمل ما في استطاعته للتركيز على منطقته الدفاعية، واللعب على المرتدات...". إلا أن البعض ذهب إلى أبعد من ذلك، إي إلى حد اتهام هنري ميشال بالمغالاة في وضع الثقة بامكانات بعض اللاعبين، وهو ما يرد عليه المدرب الفرنسي بقوله: "ربما أكون غاليت في الثقة بمؤهلات بعض اللاعبين، لقد كان في نيتي ان اخضع المجموعة لبعض التحولات التكتيكية، إلا أنني احجمت عن ذلك لثقتي الزائدة بأن المجموعة التي تظهر فعاليتها في لقاء سابق لا يمكن تغييرها. والإشارة هنا واضحة لمباراة لومي التي حققنا فيها التفوق نتيجة وأداء... وطبعاً اعدت قراءة بعض فصول المباراة بعدما انتهت وتبين ان الخلل كان في الموضع الذي كنت متخوفاً منه، فبعض العناصر لم يؤد المباراة التي كنت انتظر، كما اننا واجهنا مشاكل على مستوى الدفاع بحيث ان التهديد التوغولي لم يأخذ طابع الخطورة إلا لأننا لم نحسن التغطية على الظهيرين، وكان في نيتي أن اشكل هذه الثنائية الدفاعية من نيبت والتريكي إلا أنني فضلت اعطاء الفرصة الكاملة لرشيد نكروز لاعب نادي باري لحضوره المتميز في الدوري الايطالي". المحترفون في الخارج ووجهت كل أشكال الانتقادات الى اللاعبين الذين يغيبون عن مباريات أنديتهم الخارجية باستمرار لانهم غير اساسيين كصلاح الدين بصير ومصطفى حجي ويوسف شيبو، إلا أن هنري ميشال يعتبر مثل هذه الانتقادات غير ذي مفعول "بل هي إحالة مغلوطة... صحيح ان اللاعب لا يستمد قوته البدنية وحتى النفسية إلا من المنافسات، لكن الصحيح ايضاً ان كل لاعب معرض للابتعاد عن المباريات ولعدم التوفيق... هناك حديث عن صلاح الدين بصير وعن غيابه عن ناديه ديبورتيفو لا كورونيا الاسباني. والكل يعرف أنه كان يخضع لعلاجات مكثفة لأسابيع عدة للتخلص من داء الحساسية وقد قطع شوطاً بعيداً في العلاج، بدليل أنه عاد الى التدريب ولعب مباراة توغو بكاملها، ثم عاد الى لا كورونيا وكان احتياطياً ثم لعب الشوط الثاني ضد نادي فياريال. وبالنسبة الى مصطفى حجي، فانه يتدرب باستمرار وليس وارداً تماماً ان غيابه هو لأسباب فنية بدليل انه لعب مع لا كورونيا أمام فياريال مباراة كاملة... اما يوسف شيبو، فهو دائم الوجود مع ناديه بورتو البرتغالي، وخاض كل المباريات التي لعبناها... أليس هو من سجل لنا هدفاً في لومي وهدفاً هنا في الدار البيضاء؟ اتصور ان ما يقال اليوم قيل العام الماضي غداة خروجنا من الدور الرابع لنهائيات كأس امم افريقيا، واستمر اللاعبون في التغيب عن أنديتهم... إلا أننا تفادينا المشكلة بإقامة معسكر مغلق انتهى بظهورنا بالشكل الذي يعرفه الجميع خلال كأس العالم في فرنسا". وحول ما إذا كانت العثرة أمام توغو سيكون لها تأثير نفسي على اللاعبين، قبل مباراة غينيا الحاسمة، اجاب هنري ميشال: "اعتقد أنها كانت شبه صحوة. لا أقول إن العناصر نامت في العسل، بالعكس، لقد كانت ثقتها زائدة بعض الشيء... فعندما هربت المباراة من أيديها لم تتمكن من استعادتها، وهذا يحصل لكثير من المنتخبات الكبرى. علينا الآن أن نركز اهتمامنا كلياً على مباراة غينيا لنحسمها بفوز يؤهلنا للنهائيات ويزيح كل صور التواضع التي كرستها تلك المباراة، وفي تصوري أن اللاعبين يملكون الآن خياراً واحداً هو أن يقدموا الأداء المعروف عنهم". لن ارمي عمل اربع سنوات وحول ما اذا كان هذا التعادل المخيب للآمال سيدفع بهنري ميشال الى تغيير فريق عمله، قال: "لست مجنوناً لأفعل ذلك.... أرمي بعمل قوامه أربع سنوات لمجرد تعادل؟ لمجرد عثرة يمكن ان تقع لأي منتخب؟ نحن نعمل منذ مدة بشكل متوازن، ويلمس الجميع أنني بدأت في تطعيم المجموعة ببعض العناصر الأولمبية التي يفترض أن تكون بدائل للمستقبل عادل رمزي وطارق الجرموني وهشام الزروالي، تمهيداً لمرحلة انتقالية لا يكون لها التأثير الكبير على قوة المجموعة ككل". وبخصوص المباراة الودية الكبرى التي سيجريها أسود الأطلسي الأربعاء المقبل أمام منتخب هولندا في مدينة ارنهم، يقول هنري ميشال: "هذا محك جديد موضوع أمامنا لاستحقاق عالميتنا. إن العمل الجماعي الذي أثمر في النهاية منتخباً حظي باحترام الجميع في مونديال فرنسا جعلنا نتبوأ مكانة عالمية جد متقدمة. لذلك طلبتنا مجموعة منتخبات كبرى لمنازلتها. وهكذا بعد بلغارياوفرنسا سنلتقي منتخب هولندا الذي يعتبر اليوم من أحسن المنتخبات العالمية بدليل أنه بلغ خلال مونديال فرنسا الدور النصف النهائي... مباراة نأمل من خلالها أن نعكس الصورة الطيبة لكرة القدم العربية والافريقية، وان يستعيد من خلالها جميع اللاعبين ثقتهم بمؤهلاتهم الفنية". ومع إشرافه على أسود الأطلسي، يشرف هنري ميشال على المنتخب الأولمبي الذي يخضع منذ أيام لمعسكرات تدريبية مكثفة لمواجهة منتخب الكونغو الديموقراطية في حزيران المقبل، في الدور الاول من تصفيات اولمبياد سيدني 2000. وسيخوض المنتخب الأولمبي تحضيراً لموعده الدولي المقبل في دورة دولية في المغرب تشارك فيها فرنسا والكاميرون وغينيا.