يسابق رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الزمن لاظهار نفسه "المنقذ الوحيد" لمدينة القدس من الفلسطينيين قبل أقل من شهر على موعد اجراء الانتخابات النيابية في محاولة لكسب تأييد المزيد من الناخبين في معسكر اليهود المتطرفين. وعاد نتانياهو وأكد عزم حكومته اغلاق ثلاث مكاتب فلسطينية تابعة لمقر مسؤول ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية فيصل الحسيني متجاهلاً النداءات التي وُجِّهت له بعدم تنفيذ القرار الذي اتخذه المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية. وقال نتانياهو "انني لا استطيع تحمل الوضع في بيت الشرق واستمرار عمله كوزارة خارجية للسلطة الفلسطينية". وذكر نتانياهو تصريحاته بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف بعدما سارع الأخير الى اسداء نصيحة "خجولة" الى مضيفه، مشيراً الى ان "جميع المسائل المتعلقة بمدينة القدس حساسة ويجب حلها من خلال المفاوضات". وخرج رئيس الدولة العبرية عيزر وايزمان عن البرتوكول المتبع في فترة الانتخابات العامة في اسرائيل وطلب من نتانياهو "التروي" في مسألة تنفيذ قرار الاغلاق. وقال وايزمان: "القدس يجب أن تبقى موحدة وعاصمة لاسرائيل ولكن يجب أن لا يتم تدمير المفاوضات السلمية بسبب بيت الشرق". وأضاف: "يجب التروي قليلاً قبل معرفة أي حكومة ستكون لنا بعد الانتخابات ومتابعة المفاوضات". ووصف زعيم حركة ميرتس اليسارية الاسرائيلية يوسي سريد قرار نتانياهو بأنه "تعيس" وسيجلب الضرر للدولة العبرية، فيما قال زعيما حزب المستوطنين المتطرفين وكتلة "أمة موحدة" رحبعام زئيفي وبني بيغن ان القرار يعود لأسباب انتخابية أو انه "نزوة" لن يقوم نتانياهو بتحقيقها على أرض الواقع. واستمرت في تل أبيب، حيث يقع مكتب وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي افيغدور كهلاني، المداولات بين أقطاب الأجهزة الأمنية الاسرائيلية المختلفة "لتدارس مضاعفات الخطوات التي تنوي الوزارة اتخاذها في بيت الشرق"، حسب أقوال كهلاني نفسه الذي كلفه نتانياهو ايجاد مبررات "قانونية" لتنفيذ الاغلاق. وقال كهلاني في تصريحات صحافية ان أوامر الاغلاق ستسلم الى المكاتب الفلسطينية المعنية في بداية الاسبوع المقبل، الأمر الذي ينذر باحتمال تفجر الوضع في الشارع الفلسطيني بسبب هذا القرار. وأمام "بيت الشرق"، عادت الشرطة الاسرائيلية بعد فترة غياب طويلة الى اقامة نقطة مراقبة لها، كانت حكومة نتانياهو قد ازالتها بعد توليه منصب رئاسة الحكومة. ورفض مسؤول ملف القدس فيصل الحسيني ادعاءات الحكومة الاسرائيلية بوجود مكاتب للسلطة الفلسطينية في مقر "بيت الشرق" الذي يديره. وأكد ان المكاتب التي يجري الحديث عنها تقوم بنشاطات تتعلق بمفاوضات الوضع النهائي. وأشار الحسيني الى أن نتانياهو يريد استخدام القدس في دعايته الانتخابية مختلقاً أزمات مع اقتراب موعد الانتخابات العامة الاسرائيلية المقررة في السابع عشر من أيار مايو المقبل. وأظهرت نتائج استطلاع للرأي العام في اسرائيل نشرتها أمس صحيفة "معاريف" الى تفوق زعيم قائمة "اسرائيل واحدة" رئيس حزب العمل المعارض ايهود باراك بخمسة الى ستة نقاط عن منافسه نتانياهو. وقال محللون سياسيون اسرائيليون ان نتانياهو يتوقع حصوله على تأييد أكبر في أوساط معسكر اليمين على رغم المضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تنجم عن تنفيذ قرار الاغلاق. واستذكر هؤلاء المواجهات المسلحة بين الفلسطينيين والجيش الاسرائيلي التي أعقبت قرار نتانياهو فتح النفق تحت الحرم القدسي الشريف في شهر أيلول سبتمبر عام 1996 .