لفت رئيس الجمهورية اللبنانية إميل لحود الى ان مجلس الوزراء لم يتخذ اول من امس موقفاً معيناً من تقرير ديوان المحاسبة، بل ارسله كما هو الى النيابة العامة التمييزية، في حين اعلن رئيس الحكومة سليم الحص ان التقرير "ليس سياسياً بل فني". فقد نقل نواب زاروا الرئيس لحود امس عنه، تجديده ثقته "بالقضاء واستقلاله ودوره الفاعل في كشف كل الحقائق امام اللبنانيين، واتخاذ كل الاجراءات اللازمة لكي تستقيم مسيرة الدولة ضمن الاصول الدستورية". وشدد على "حق المواطنين في حياة كريمة والمحافظة على حق الدولة والمال العام". وأثار النواب الوضع الاقتصادي ومسألة تشجيع الاستثمار في لبنان فأكد لحود ان "الدولة تولي هذا الموضوع اهتماماً كبيراً خصوصاً لجهة جلب استثمارات جديدة الى البلد من خلال العمل على ايجاد حوافز وضمانات للمستثمرين الجدد". وعن موضوع المخطط التوجيهي للمقالع والكسارات، قال ان "الادارات المختصة تدرسه". واطلع لحود من النائب شوقي فاخوري على اقتراحه اصدار قانون لتشجيع الاستثمار في لبنان، اضافة الى قانون الخصخصة، ونقل عنه قوله "بوجوب العمل على جلب استثمارات جديدة الى البلد عبر حوافز وضمانات للمستثمرين الجدد". وعن تقرير ديوان المحاسبة، اعلن لحود ان "مجلس الوزراء ارسل التقرير كما هو الى النيابة العامة من دون اتخاذ اي موقف معين منه، لأن الموضوع متروك للقضاء لاتخاذ الموقف المناسب، واننا نحترم ما يقرره". أما الرئيس الحص فأعلن ان تقرير ديوان المحاسبة "ليس سياسياً بل هو فني ولا يمكن الحكومة ان تتجاهله، لذلك احالته على المرجع القضائي الصالح النيابة العامة التمييزية. وأعلن ان "القرار، في كل اشكاله، بالنسبة الى التقرير، يعود الى النيابة العامة". وتوقع ان ينجز مشروع قانون الموازنة في مجلس الوزراء في جلستي الثلثاء والاربعاء المقبلين، مكرراً نفيه لما يقال عن احتمال استقالة وزير المال جورج قرم. ولم يعلق نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية ميشال المر على تقرير ديوان المحاسبة. واكتفى بالقول "ما زلت عند اقتناعي بما قلته قبل شهرين عن اموال البلديات، من دون ان اقصد به التجني على احد او ملاحقته او محاكمته". وأضاف ان "التقرير هو المرجع، والموضوع انتهى بالنسبة الي منذ تاريخ صدوره ولا علاقة لي بعمل السلطة القضائية". ولفت الى ان قضية اموال البلديات "كانت في يد اللجان النيابية التي طلبت من ديوان المحاسبة القيام بدور للتحقق من طريقة التصرف بأموال الصندوق البلدي، فالمجلس النيابي اصبح هو المعني بالملف الذي احاله مجلس الوزراء على النيابة العامة التمييزية، بعدما اطلع عليه من دون ان يتدخل لإجراء اي تعديل". وتطرق المر في احاديثه مع نواب التقاهم في اطار "لقاء الخميس الاسبوعي"، الى الوضع الاقتصادي، وقال ان "الجمود الحاصل اليوم قائم منذ اكثر من سنة ولا يجوز تحميل الحكومة الحالية اية مسؤولية، وهو عائد اولاً الى الازمات الاقتصادية العالمية وارتدادها على لبنان من جهة، والى الدين العام المترتب على الدولة وعجز الموازنة من جهة ثانية. وأكد المر ان "ما حصل خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة من تحقيقات وفتح للملفات ادى الى التزام الجميع القوانين، وقد نكون في حاجة الى احداث صدمة يراد منها ضبط الوضع الاداري وهذا ما تحقق، اذ انه لا يتجرأ احد على ارتكاب مخالفة". وأكد وزير المواصلات السلكية واللاسلكية عصام نعمان ان "الحكومة ليست في صدد محاسبة سياسية لأعضاء حكومة الرئيس رفيق الحريري او سواهم بل هي في صدد تنفيذ القانون". ولفت الى ان "خطاب القسم والبيان الوزاري اكدا ان الجميع تحت سقف القانون"، مشيراً الى ان الرئيس الحريري وبصفته كان وزيراً للمال "تصرف مع بعض الوزراء في حكومته بأموال البلديات على نحو غير قانوني وبوجهة مغايرة لما هي معدة له في الاصل". وقال ان "في امكان الحريري والوزراء المدافعة عن انفسهم لدى المراجع القضائية المختصة"، مذكراً بأن "تقرير الديوان ليس حكماً نهائياً". وقال النائب نجاح واكيم، بعد لقائه الحص، ان تقرير الديوان "مهم وأول الغيث، وكنا نصحنا مسؤولين كثراً في العهد السابق لكنهم لم يريدوا ان يسمعوا". وعبّر النائب وديع عقل عن "اغتباطه الشديد" بتقرير الديوان، معتبراً ان "فتح ملف اموال البلديات انجاز كبير لكن الاهم الآن فتح ملف الاملاك العامة ومال الدولة العام، فلينظر الديوان الى البحر والنهر والجوف ليكتشف نهباً كبيراً للمال العام". وطالب بالسير في التحقيقات حتى النهاية "لكشف الرؤوس الكبيرة وفضح المخالفين ومعاقبتهم". وأعلن النائب السابق حبيب صادق انه "يستقبل قرار ديوان المحاسبة باستبشار كبير، لأنه ازاح الستار عن وجه مشين من وجوه انتهاب المال العام الذي كان صيداً مستباحاً لشهوات سادة العهد السابق خصوصاً". وأيد رئيس حزب الوطنيين الاحرار دوري شمعون، بعد لقائه البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير، التوجه الى احالة مسؤولين سابقين على التحقيق "لأن كل من خالف القانون يجب ان ينال ما يستحق". وأشار الى ان "الاختلاسات ليست مالية فقط، بل هناك اختلاس للحريات، من قانون الانتخاب الى الاعتقالات وغيرها، وهذا اهم من الاموال". ولفت الى "بعض الايجابيات" في مسيرة العهد الجديد ملاحظاً ان التغيير الذي وعد به الناس لا يسير بالسرعة المطلوبة "بل ببطء". وقال "اذا كانت الملفات ستفتح ناقصة، فهذا يعني نهاية العهد".