اتخذت بلغراد موقفاً أكثر تشدداً تجاه المبادرات السلمية التي تؤكد على سحب قواتها من كوسوفو واحلال وحدات مسلحة دولية محلها. واعتبر مراقبون محليون ذلك بأنه في اطار التصلب الذي دأبت عليه الحكومة اليوغوسلافية أخيراً للحصول على مزيد من التنازلات، في وقت اتجه الغرب نحو تسليم الإشراف على عودة الاستقرار في الاقليم الى الاممالمتحدة. وأعلن بيان أصدره الحزب الاشتراكي الحاكم بزعامة الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش انه "لن يقبل أي حل يتضمن نشر قوات عسكرية اجنبية في كوسوفو". وقال الحزب في بيانه "إننا ما دمنا حافظنا على حريتنا رغم ضراوة الحرب وعدوان الحلف الاطلسي فإننا لسنا مستعدين ان نفقد حقوقنا على طاولات المفاوضات". ووصف تلفزيون بلغراد تركيز قصف حلف شمال الاطلسي أخيراً على جمهورية الجبل الاسود ومقاطعة فويفودينا التي فيها أقلية مجرية كبيرة، بأنه "محاولة يائسة من الغرب لإثارة تمرد في المنطقتين". واتهمت السلطات اليوغوسلافية الحلف الاطلسي بقصف مخيمات للنازحين الصرب من كرواتيا وكوسوفو، قرب مدينة نيش 240 كيلومتراً جنوب بلغراد. وطلبت يوغوسلافيا من ممثليها في الاممالمتحدة دعوة الجهات الدولية الى فتح تحقيق في هذا الحادث وفي القصف الذي تعرضت له قافلة اللاجئين في داخل كوسوفو. واعتبرت ان "هذه الاعتداءات جرائم الحرب". موجة النزوح وتصاعدت موجة النزوح الجماعي للسكان الالبان من اقليم كوسوفو من جديد في وقت توافرت معلومات عن حملة واسعة تشنها الميليشيات الصربية لانهاء الوجود الألباني في منطقة درينيتسا في وسط الاقليم قبل نجاح المبادرات الدولية لانهاء الحرب في يوغوسلافيا. وشددت الحكومة المقدونية اجراءاتها لمنع تدفق اللاجئين الى اراضيها ولم تسمح امس الا بعبور مئات عدة لحدودها مع كوسوفو، بينما شوهدت طوابير قُدرت بأكثر من 20 الف نازح تمتد على مرأى البصر في المنطقة الحدودية للاقليم مع مقدونيا. وجاءت هذه الاجراءات بعدما اعلن وزير الدفاع المقدوني نيكولا كاليوسيف في ان بلاده "لن تقبل باقامة اي مخيم جديد في اراضيها ولن تسمح بدخول لاجئين من كوسوفو بعد الآن الا بموجب تعهد دولي بنقلهم فوراً خارج مقدونيا". وأوضح كاليوسيف ان الحكومة المقدونية "مصممة على عدم الرضوخ بعد الآن لأي ضغوط سواء كانت محلية او دولية في شأن موقفها من قضية عدم السماح لبقاء اكثر من 30 الف الباني في اراضيها وذلك بسبب ظروفها العرقية والأمنية". وفسر مراقبون تصريح الوزير المقدوني بأنه موجه الى الاطلسي الذي اعلن أنه لن يتوانى عن استخدام القوة ضد الشرطة المقدونية اذا واصلت ممارسة العنف مع اللاجئين الألبان. وفي غضون ذلك ذكرت صحيفة "فاكتي" الحقيقة التي تصدر باللغة الألبانية في العاصمة المقدونية سكوبيا ان "اكثر من الف مدني الباني قتلتهم الميليشيات الصربية خلال الأيام الأربعة الاخيرة في منطقة درينيتسا في وسط الاقليم".