للمرة الأول يدخل كاندنسكي رويال أكاديمي في لندن بمائياته وأعمال أخرى على الورق بدءاً من 14 نيسان ابريل الجاري وحتى 4 تموز يوليو المقبل. من زمان والعين مجردة بريشة كاندنسكي. تسافر العيون مع فن التجريد فتقع على انطباعية أو تأثيرية. نقي في تجرده. انسجام متزامن أو بالحري حس متزامن في ألوان مريضة باضطراب عصبي يصدم العين ويحيي الحواس فتحاكي اللوحة وتسمعها أحياناً. فاسيلي كاندنسكي ولد في موسكو في 1866. ابن زارع الشاي في سيبيريا. درس الحقوق وتدرب على مهنة المحاماة قبل أن يقرر السفر الى ميونيخ لدرس الفن، فاخترق روحه ريتشارد فاغنر مؤلف موسيقى الأوبرا الألماني الذي ألهب الثورة في نظام الأوبرا في القرن التاسع عشر بمزجه الموسيقى بالشعر وبالمسرح. كان يرى ألوانه كلها بعين عقله. رسم بالرؤية والروئ، وعزف سمفونية الألوان الحية المنعشة فتحولت لوحاته الى اوركسترا مفعمة بالحيوية، مشرقة، قوية، زاهية، ساطعة، صافية وشفافة. في تآليفه وتراكيبه الهندسية ينضد اللون بروحه، فتتحول اللوحة قطعة موسيقية. فنان شعبي لجميع الفنانين التجريديين. الغموض عنده ومعه عدو الفن. يعري اللوحة من الزوائد كما يعري النحاة الكلمة من العوامل اللفظية. صوره تزين ربطات العنق وبطاقات الأعياد والأواني الفخارية واحجية الصور المقطوعة التي ترتب بصورة معقدة أو متشابكة في مكتبات وغاليريهات في لندن وباريس ونيويورك. كاندنسكي يرى الألوان. يهمس لها فترد عليه وأحياناً يتجرد بها وعنها. يشكل المساحات بالوردي وبالأبيض والأزرق والليلك وباللون الارجواني الفاتح وبالفستق الأخضر والأحمر الناري. كل لون عنده أغنية مستقلة. لكنه يعشق العزف بالبرتقالي. في لوحاته يتحدث بالمجاز الجميل. لا يصطنع ولا "يتحذلق" أو "يتفذلك". يشد العين عندما يشعل لوحته بالنار... البرتقالي. في لوحة صندوق البريد في الثلج تتشكل الألوان بحرية. لها رائحة الخبز الطازج أو عطر الوردة في تكوينها الأول. وفي لوحة الشوكولا شراهة الأطفال تتذوق اللذة. مائية "الميزان المنحرف" المعروضة في رويال أكاديمي تتناغم وقوانين الهندسة في ريشة تموت باللون البرتقالي، رسمها في تشرين الأول اكتوبر 1929. في مائية على الورق من دون عنوان رسمها في أيار مايو 1923، اوركسترا من الألوان في تعاويذ هندسية. المائية التي رسمها في أيلول سبتمبر 1930، عمودية، مستقيمة ينتصب الأنف شراع والشفتين المركب وفي الفراغ نقطة ربما كانت البوصلة.