القيادة تعزي حاكم أم القيوين    الملك وولي العهد يعزيان حاكم أم القيوين في وفاة الشيخ عبدالله بن أحمد بن راشد المعلا    المملكة تعزز التعاون التجاري والاقتصادي مع جنوب أفريقيا    الخميس.. انتهاء مهلة تسجيل العقارات ب8 أحياء بالرياض    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية لبنان    برئاسة خادم الحرمين.. مجلس الوزراء يوافق على إنشاء عشر كليات أهلية    أكثر من 2200 خدمة توثيقية عبر كتابة العدل الافتراضية خلال اليوم الوطني    8 نصائح لتجنب ارتفاع مستويات السكر فى الدم بعد تناول الوجبات    طريقة عمل مطبق مالح بحشوة الأجبان    تعويض موظفة بعد فصلها بسبب رسالة مسيئة بالخطأ    دلالات الذكرى.. ولاء وانتماء    احتفالات المدارس.. برامج وفعاليات وتوثيق منجزات    2200 خدمة توثيق بكتابة العدل الافتراضية    مأساة.. المخرج الأشهر لأعمال كاظم وماجدة وأصالة.. عاجز في دار المسنين !    التلاحم والاعتزاز والثقافة السعودية.. حديث العالم    الجبير ونائبة مدير المنظمة الدولية للهجرة يبحثان الاهتمام المشترك    مكتب وزارة الرياضة بمكة يحتفل باليوم الوطني    استخدام «القصدير» في الطهي يهددك بالسرطان !    5 أسباب تجعل خسارة الوزن أصعب بعد الثلاثين    الكِتاب.. سياجنا    كأس الملك .. الشباب يتأهل للدور ثُمن النهائي على حساب الخلود    «هيئة الطرق» توضح الأوزان والأبعاد النظامية للشاحنات في كود الطرق السعودي    مانشستر سيتي وتشيلسي يصعدان لدور ال16 في كأس الرابطة الإنجليزية    ريال مدريد يهزم ألافيس ويقلص الفارق مع برشلونة المتصدر إلى نقطة    ربما يصفقون لنتنياهو مرةً أخرى    ويسألونك لماذا تكره الشعوب مليشيات حزب الله    كأس الملك .. الجبلين يتغلّب على الفتح بهدفين ويتأهل لدور ال16    الصبر وصل مداه..!    الصقور قِيَم وهوية    التأمين.. أسهل !    طائرات موسم الرياض    الكهموس من اجتماع الصين: تعاون وطني ودولي لملاحقة الفاسدين وتعقب أموالهم    احتفال أهالي المدينة المنورة في يوم الوطن    فعاليات متنوعة في احتفالات مدارس جدة باليوم الوطني ال 94    هيئة الأفلام تطلق ملتقيات النقد السينمائي لعام 2024    وداع بايدن في الأمم المتحدة مع احتمال عودة ترمب للسلطة    ذكرى عزيزة    الأنظار تتحول من غزة إلى لبنان    «مريم الأسطرلابية».. أيقونة إلهام للفتيات    البنوك الآسيوية.. ودورة خفض الفائدة    احتفالات ترسم البهجة على أهالي وزوار جازان    أمير القصيم: نعتز بإنجازات في ظل قيادة حكيمة    محافظ الزلفي: حق لنا أن نفخر أننا سعوديون    المملكة تسلّم 40 منزلًا لمتضرري الزلزال في مدينة الباب بمحافظة حلب السورية    إخلاء ونزوح ..إسرائيل وحزب الله يخوضان حربا دامية    أكثر من 1000 متطوع ومتطوعة يصممون تشكيلا بشريا لخريطة المملكة بجادة بيشة    النائب العام: تتواصل المسيرة بعزيمة راسخة لتحقيق الرؤية    نائب أمير جازان يشهد المسيرة الوطنية ويرعى حفل أهالي المنطقة بمناسبة اليوم الوطني    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    لأمم المتحدة تختتم قمة المستقبل من أجل بداية جديدة للتعددية    الشارع الثقافي يتوهج    خيركم تحقق أكبر عدد حافظ للقرآن الكريم بتاريخ المملكة    وزير الصناعة يزور أميركا    « تزييف عميق» لمشاهير الأطباء يهدد حياة المرضى    فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشارك في فعاليات اليوم الوطني    اليوم الوطني 94 (نحلم ونحقق)    بخطى متسارعة.. «غير النفطي السعودي» يتجاوز %4.4    مصادر الأخبار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الانتخابات الرئاسية الجزائرية الحالية .صراع بين الزعيم التابع والرئيس الفاعل
نشر في الحياة يوم 14 - 04 - 1999

هل ستضع الانتخابات الرئاسية الحالية في الجزائر حداً لتبعية الرئيس المنتخب للمؤسسة العسكرية في مرحلة دخلت فيها التعددية السياسية؟
أعلن مراراً رئيس الجمهورية اليمين زروال التزامه باجراء انتخابات نزيهة كذلك صرح قائد الأركان الفريق محمد لعماري التزام الجيش الحياد في هذه العملية.
في الواقع تدل كل المؤشرات على ان عبدالعزيز بوتفليقة هو مرشح مراكز القوى النافذة في النظام. فقيادة حزب "جبهة التحرير الوطني"، التي عادت الى حظيرة الولاء الى النظام بعد اطاحة امينها العام عبدالحميد مهري حين جعل هذا الحزب قوة معارضة فعالة، سارعت الى تزكية بوتفليقة بعد تلقيها اشارات تفيد بأنه مرشح السلطة الفاعلة. وقامت قيادة حزب النهضة باتخاذ قرار مماثل على حساب زعيمها ومؤسسها عبدالله جاب الله الذي استقال بعدئذ من الحزب ليرشح نفسه لهذه الانتخابات ويشكل حزباً جديداً حركة الاصلاح الوطني. وانقسم حزب "التجمع الوطني الديموقراطي" الى ثلاثة تيارات، اذ قام التيار الذي يقوده رئيس الحكومة السابق احمد اويحيى ومعظم اعضاء حكومته الذين لا زالوا وزراء في الحكومة الحالية بالاعلان عن تأييدهم لبوتفليقة. وانضم "حزب مجتمع السلم" بعد تردد كبير واقصاء زعيمه من المنافسة الرئاسية الى صف المؤيدين لبوتفليقة.
وتقوم شخصيات كبيرة ذات نفوذ واسع داخل المؤسسة العسكرية والمخابراتية بحشد المساندة وبشكل علني لصالح بوتفليقة. ويقال ان مدير مكتب الرئيس السابق الشاذلي بن جديد ووزير الداخلية اثناء انقلاب كانون الثاني يناير 1992 اللواء المتقاعد العربي بلخير توجه الى باريس منذ بضعة اشهر لابلاغ اصدقائه في المؤسسات السياسية والاعلامية والفكرية في فرنسا ان بوتفليقة هو المرشح الوحيد للقيادة العسكرية. كما ان وزير الدفاع السابق اللواء خالد نزار الذي قاد عملية الانقلاب عام 1992 لم يتردد في الاعلان صراحة عن تأييده للمرشح بوتفليقة بعد ان كان ضده في بداية الامر. ونشر مقالات جارحة عنه واعتبره غير مؤهل للرئاسة.
وعلاوة على ذلك فان شخصيات اخرى معروفة بارتباطاتها التقليدية بالمؤسسة العسكرية والمخابراتية اعلنت عن تأييدها لترشح بوتفليقة وتقوم ميدانياً بحشد المساندة له بمختلف انحاء الوطن. كما ظهرت حقائق تؤكد ان السفارات الجزائرية بمختلف انحاء العالم تلقت تعليمات لاتخاذ اجراءات تدعم الجهود الرامية الى تعزيز التأييد لبوتفليقة.
ومع كل هذا فان شخصيات سياسية من الطراز الرفيع قررت وللمرة الأولى خوض معركة الانتخابات الرئاسية لمواجهة بوتفليقة الذي يطلق عليه انصاره وصف "مرشح الاجماع". فشخصيات من الوزن الثقيل امثال وزير الخارجية السابق احمد طالب الابراهيمي ورئيس الحكومة السابق مولود حمروش، وزعيم حزب جبهة القوى الاشتراكية حسين آيت احمد الذي عارض النظام منذ استقلال البلاد قرروا الترشح معلنين ان النظام لم يقدم مرشحاً له هذه المرة مثلما حدث عام 1995. بينما يؤكد معظم هؤلاء المترشحين في مجالسهم الخاصة ان القيادة العليا للجيش والمخابرات قررت تأييد بوتفليقة من دون اللجوء هذه المرة وخلافاً للعرف المعتاد الى استشارة القادة العسكريين الميدانيين في قضية حساسة كهذه.
ويرى هؤلاء المترشحون انه من الضروري الترشح واستغلال فترة الحملة الانتخابية للاتصال مباشرة بالشعب لتبليغ رسالتهم اليه وكشف اخفاقات السياسات المتبعة في حل الازمة القائمة واستمرار مسلسل العنف والانهيار الاجتماعي والاقتصادي الذي يشهده البلد من جراء ذلك وتقديم سياسات بديلة من اجل احلال السلم والمصالحة والديموقراطية. وبالتالي تجنيد الشعب نحو هذه المهمات واحتمال رفع تطلعاته السياسية والديموقراطية سعياً الى تحويله الى قوة في وجه ممارسات النظام بدءاً بمواجهة خطر التزوير للانتخابات من طرف الادارة وامكان الضغط على النظام بطريقة او بأخرى من اجل اجراء تغييرات سياسية حقيقية عليه.
والواقع ان السياسيين المخضرمين الضالعين في الشأن الجزائري يرفضون الدخول في منطق الانتخابات ايماناً منهم بأن النظام يمتلك كل الوسائل لتزويرها وعدم السماح لسقوط مرشحه لأن ذلك يعني سقوط قيم سياسية ترتبط اساساً بمقومات وجود النظام.
وعليه يرى هؤلاء ان الادعاء في عدم وجود مرشح للسلطة هو مجرد حيلة تدخل في اطار سيناريو لتشجيع شخصيات سياسية من الوزن السياسي الثقيل على ترشيح نفسها سعياً من النظام لتحريك الساحة السياسية وإضفاء الصدقية على الانتخابات ومرشح السلطة.
لكن هؤلاء السياسيين لا يؤمنون بتجاهل هذه الانتخابات من حيث استغلال فرصتها لتقديم برنامج شامل وواضح واطار جدي من طرف القوى السياسية الفاعلة في المجتمع حول كيفية اخراج البلد من ازمته الدامية والتحديات التي ستواجه السلطة بعد مرحلة الانتخابات.
ويلاحظ ان النظام يتبع في بعض الحالات، وبشكل سافر، منطق الحزب الواحد في مساعيه لحشد المساندة لمرشحه وذلك بالعمل على حصول دعم منظمات وجمعيات ونقابات عمالية لمرشحها على رغم افتقار هذه التنظيمات للقاعدة الشعبية. كما يقوم النظام باعطاء حيز كبير لمرشحه في الاجهزة الاعلامية التي يسيطر عليها بهدف اعطاء الانطباع بأن هذا المرشح يتمتع بتأييد قاعدة شعبية واسعة في مختلف انحاء الوطن.
ويرى النظام في الوقت نفسه انه من الأنسب له المحافظة على بعض مظاهر التعددية في هذه الانتخابات اذ يسمح بهامش من حرية الصحافة والتعبير في اجهزة الاعلام الرسمية لبقية المترشحين وأنصارهم.
لكن لو يتمكن واحد من المترشحين الأقوياء امثال الابراهيمي او حمروش وآيت احمد من الفوز بهذه الانتخابات على حساب مرشح السلطة سيكون ذلك بمثابة مؤشر على ان النظام يريد التغيير حقيقة.
وفي كل الاحوال فان التحدي الذي سيواجه الرئيس المنتخب هو هل سيكون قادراً على انهاء ازدواجية السلطة، اي ان الرئيس والمؤسسات الدستورية هي التي ستكون الحاكم الحقيقي بدلاً من ان تكون مجرد سلطة ظاهرية وليس السلطة الخفية اي المؤسسة العسكرية المؤسسة الفعلية.
ومع ذلك يبقى الافتراض المنطقي، ولغاية اشعار آخر، ان بوتفليقة سيكون الرئيس المنتظر للجزائر، لكن هل سيُصلح مسار التاريخ الذي شارك في صياغته عندما ساهم في اقرار قاعدة "الزعيم التابع" للمؤسسة العسكرية عام 1962 ويتخذ خطوات جريئة لانهاء حال "الزعيم التابع" وبدء مرحلة "الرئيس الفاعل"؟ أم انه سيكون سجين الذين رشحوه وزكوه الى كرسي الرئاسة وبذلك فان النقلة النوعية المنتظرة منه ستكون مجرد نقلة "نحوية"، اي انه سيصبح رئيساً "مفعولاً به" او "مجروراً"، او لا محل له من الاعراب.
* محام وكاتب سياسي جزائري، مقيم في بريطانيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.