لا بد أن تصبح 1998 واحدة من تلك السنوات التي تتمنى مجموعة بي إم ف نسيانها في أقرب وقت ممكن. فقبل يوم واحد من إعلان ديملركرايسلر تحضير 34 موديلاً جديداً للسنوات الثلاث المقبلة، ونمو إيراداتها وأرباحها، كانت مجموعة بي إم ف إنتهت من إعلان تراجع أرباحها الصافية العام الماضي من 24.1 بليون مارك 637 مليون يورو الى 903 آلاف 462 مليون يورو، على الرغم من زيادة إيراداتها من 1.60 بليون مارك في 1997 7.30 بليون يورو الى 1.63 بليون 2.32 بليون يورو العام الماضي. للتباين إسم ظاهر وسهل: روفر، ولو أمكن العثور على أسباب أخرى كثيرة وراءه، وفي طموحات بي إم ف نفسها قبل أي طرف آخر. لا شك في أن لخسائر روفر 87.1 بليون مارك، 96 مليون يورو في 1998 دور أساسي في تراجع أرباح المجموع أكبر من خسارة قطاع محركات الطائرات 458 مليون مارك/234 مليون يورو. فبينما زادت ماركة بي إم ف مبيعاتها من 675076 وحدة 1997 الى 699378 1998، تراجعت مبيعات روفر روفر ولاند روفر معاً من 521020 الى 487737 وحدة. لاند روفر: نمو أو تراجع؟ وبينما ركّزت بي إم ف في بيانها على حصر التراجع في قطاع روفر كارز 17 في المئة، الى 303 آلاف سيارة مباعة في 1998، لإبراز نمو مبيعات لاند روفر 21 في المئة، من 126801 سيارة في 1997 الى 153495 في 1998، لا بد من التذكير بأن النمو لم يكن عائداً الى موديلات لاند روفر المعهودة، بل الى إضافة موديل "فريلاندر" الجديد الذي أنتجت منه 46505 وحدات. بمعنى آخر، تراجعت مبيعات موديلات لاند روفر الثلاثة، "ديفندر" -6.6$، من 35429 الى 33085 وحدة و"ديسكفري" -8.23$، من 62787 الى 47824 وحدة و"رانج روفر" -7.8$، من 28585 الى 26081 وحدة، بنسبة 6.15 في المئة من 126801 وحدة 1997 الى 106990 في 1998. وهو ما يُظهر مدى أهمية "فريلاندر" في إيجاد المخرج اللائق للاند روفر. رهان المستقبل على الرغم من كل ما أثير من مخاوف وإشاعات بلغت حد تكهّن بعضهم بضم فورد لبي إم ف، قبل تأكيد الأخيرة، مراراً، حرصها على إستقلاليتها، لا بد من التذكير بأن شركات كثيرة عرفت أياماً صعبة قبل العودة الى النجاح. لا تفتقر بي إم ف لمقوّمات النجاح، لا في جودة المنتوج ولا في التقدّم التقني أو الذوق التصميمي. بل يكفي الإقتراب من روفر "75" الجديدة للتحقق من ان الشركة التي عاشت في ظل موديلات هوندا منذ الثمانينات... لا تزال تختزن طاقات تصميمية رائعة. فبين كل ما يتوافر في قطاع السيارات المتوسطة-الكبيرة على إختلافها، تحق لروفر "75" مكانة تصميمية مميّزة. أنظر الى نسب مقاييس الهيكل مع بعضها، والجانبين والمؤخّر، فالمقصورة! أعادت "75" هويّة السيارة الإنكليزية في أجمل صورها. وخلافاً لعادة روفر السابقة في إلصاق الخشب والكروم على سياراتها المشتقّة عن موديلات هوندا، لوصفها بالإنكليزية، أتقن مصممو الجناح الإنكليزي إعادة هويتهم الحقيقية الى خارطة صناعة السيارات. هل يعني نجاح موديل "75" نجاح روفر بكاملها؟ ليس بالضرورة، لأن نجاح الماركة سيتوقّف على "ورثة" موديلَي "200" و"400" الحاليين، لأنهما ينتميان الى قطاع أصغر حجماً وأكثر إنتشاراً بالتالي. مع ذلك، لا يصعب تصور نجاح مهندسي روفر بإخراج صيغ أخرى من "200" و"400" تغري بهوية إنكليزية واضحة وحقيقية، مثلما فعلوا مع "75". ولا بد من التوقف مروراً عند "تهديد" بي إم ف بإمكان إنتاج الجيلين المقبلين في 2002 من روفر "200" و"400" في هنغاريا، إن لم تساهم الحكومة البريطانية مع بي إم ف في إستثمار الأخيرة نحو 7.1 بليون جنيه إسترليني 15.1 بليون يورو لتطوير مصنع لونغبريدج قبل إنتاج الموديلين الجديدين وغيرهما. فحتى لو سلّمنا جدلاً بأن الحكومة لم تكن ستوافق على المساهمة بالقيمة المقدّرة اليوم ب150 مليون جنيه إسترليني 1.1 مليون يورو، هل كانت لبي إم ف مصلحة فعلاً في إنتاج روفر في هنغاريا؟ لتسويقها تحت أي هوية؟ الماركة الإنكليزية العريقة والمصنّعة في هنغاريا؟ وبعدما أكّدت بي إم ف أنها لا تنوي حتى إعتماد قاعدة موديل صانع آخر للجيل المقبل من "200"/"400" أثيرت تكهّنات بإمكان الإتفاق مع فولكسفاغن لإعتماد قاعدة "غولف" للمحافظة تحديداً على هوية روفر، هل يمكن تصوّر "قتل" الأخيرة بإنتاجها في هنغاريا، وأقوى ما في الماركة اليوم هي إنكليزيتها تحديداً؟ لماذا لم تقرر فورد مثلاً إنتاج جاغوار "إس تايب" الجديدة، و"إكس 400" المقبلة، في الولاياتالمتحدة الأرخص كلفة؟ صحيح أن المفاوضات تتطلّب مداً وجزراً، لكن بعض التهديدات يشبه تلك التي يطلقها المجنّدون غير الراغبين في خدمة العلم: إطلاق النار في الساق. طبعاً، لا بد لروفر من أن تصمد حتى 2002 أو 2003 لبدء رواج الموديلين المقبلين رمزهما الحالي "آر 30". لتحقيق ذلك، تنوي بي إم ف أولاً تجميل موديلَي "200" و"400" الحاليين كخطوة إنتقالية، كما قرّرت دمج عمليات بي إم ف وروفر للمشتروات والتوزيع، لتوفير ما بين ربع بليون يورو ونصف بليون سنوياً، وزيادة القطع المشتركة بين موديلات الماركتين، بينما يتوقّع أن تسند روفر "75" الخابية في تلك الأثناء، مع توسيع رقعة إنتشار "فريلاندر" بإدخاله الى الولاياتالمتحدة. هل بي إم ف نادمة على إنفاق نحو سبعة بلايين مارك 58.3 بليون يورو على روفر منذ 1994 حتى نهاية الفصل الأول من 1999؟ يؤكّد الصانع الألماني أن الماركة الإنكليزية ساعدته في رفع إنتاجه الى ما فوق المليون وحدة سنوياً، لتخطي الحد الإنتاجي الأدنى وضمان إستقلاليتها في زمن الإندماجات المختلفة. ولتأكيد رهانها على روفر في القطاعات الصغيرة، أعلنت بي إم ف نيتها في عدم إنتاج موديل يقع تحت الفئة "3" تكهّن كثيرون بإنتاج فئة "2"، لترك هذا المجال لروفر، وتخصيص بي إم ف في قطاعات السيارات الخلفية الدفع عموماً، ومن الفئة الثالثة صعوداً الى السابعة. وحتى فوق ذلك، أعلن واكيم ميلبرغ، رئيس المجلس التنفيذي لمجموعة بي إم ف، أن الشركة ستحضّر موديلاً جديداً لرولز رويس عندما ستتسلّم إسم الماركة وشعارها من فولكسفاغن مطلع 2003. وأكّد ميلبرغ أن الموديل سيُنتج في إنكلترا، لكن موقع المصنع لم يحدد بعد. وثمة تكهّنات تثير علامات إستفهام حول جدوى بناء بي إم ف مصنعاً خاصاً لموديل محدود الإنتاج لمنافسة بوغاتي ومايباخ المقبلتين، لا سيما أنها لم تخرج بعد من مأزقها في روفر. قد لا تتطلّب المرحلة المقبلة سهر بي إم ف على تطوير روفر والتحضير لرولز رويس فقط، بل ربما أيضاً، أو خصوصاً، الإنتباه الى عمودها الفقري، ماركة بي إم ف ذاتها، عندما ستحاصرها المنافسة لا من مرسيدس-بنز وآودي وحدهما، بل من ماركات جاغوار وأستون مارتن ولينكولن وفولفو التي تسلّم رئاستها كلها في مجموعة فورد... فولفغانغ ريتزل، عضو مجلس إدارة بي إم ف السابق ورئيس تطوير موديلاتها حتى قبل شهرَين، والمطّلع خصوصاً على تفاصيل موديلات بي إم ف المعدّة للسنوات القليلة المقبلة!