حمّل رئيس الوزراء الروسي يفغيني بريماكوف حلف الأطلسي مسؤولية فشل مهمة الوساطة التي قام بها في بلغراد. لكنه أكد ان موسكو ستواصل مساعيها لإيجاد حل سياسي للمشكلة. وفي الوقت ذاته، أعلن في موسكو ان روسيا أبلغت أنقرة نيتها تحريك سفن الاسطول الأسود عبر مضائق البوسفور الى البحر الأبيض المتوسط، فيما اعتبر محاولة للضغط العسكري على الغرب. وأشار بريماكوف لدى عودته من بلغراد وبون الى ان الوفد الروسي "كان يتوقع" النتائج التي اسفرت عنها مهمة الوساطة. وتابع ان بلاده تريد "وقف القصف الهمجي والعمليات العدوانية" وتحقيق تسوية سياسية. وذكر ان البنود الستة التي وافق عليها الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش كانت "إشارة يمكن، في حال توافر الرغبة، اعتمادها لوقف الغارات". واعتبر ما قدمته بلغراد "كافياً لبدء عملية التسوية". ولكن رئيس الوزراء الروسي اعترف بأن محادثاته في بون لم تسفر عن نتيجة. وقال ان الغرب مصمم على مواصلة العمليات. وأشار الى ان حلف الاطلسي يعمل وفق قاعدة "الشهية تأتي مع الأكل" وانه عندما عرف بالعرض اليوغوسلافي، طالب بالانسحاب الكامل للقوات الصربية من كوسوفو. وذكر بريماكوف ان معنى ذلك سيكون "تخلي بلغراد عن جزء من أراضيها والسماح لجيش تحرير كوسوفو باحتلال كل الأقليم بدعم من الاطلسي". ونفى بريماكوف وجود "إبادة جماعية" في كوسوفو مؤكداً ان الانباء في هذا الشأن هي محاولة لتبرير الغارات. وذكر ان القصف كان السبب الاساسي لهجرة 90 ألف شخص من الأقليم. وفي الوقت نفسه، أكد رئيس مجلس الدوما غينادي سيليزنيوف ان مهمة بريماكوف لم تفشل وقال انها "بداية لعملية السلام والكرة الآن في ملعب الغرب". وتوقع ان يضطر حلف الاطلسي الى النظر في المبادرة الروسية لايجاد "مخرج جميل من الطريق المسدود". الأسطول الروسي والى جانب الجهود السياسية، بدأت موسكو استعراضات عسكرية للضغط على الغرب، وأعلن أمس ان 30 قطعة بحرية من اسطول الشمال، خرجت الى عرض البحر تحت علم القائد العام للقوات البحرية الاميرال فلاديمير كورييدوف. ومن بينها، حاملة الطائرات "الاميرال كوزنتسوف" والطراد الصاروخي النووي "بطرس الأكبر" واكثر من 10 غواصات. وذكر ان السفن ستقوم بمناورات واطلاق طوربيدات وصواريخ و"تدريبات قتالية" اخرى. واكدت وكالة "ايتار تاس" الرسمية نقلاً عن وزارة الدفاع ان موسكو ابلغت انقرة ان تشكيلة تضم سبع قطع ستعبر مضائق البوسفور غداً الجمعة في اتجاه البحر الأبيض المتوسط، وضمنها، سفن مضادة للغواصات وفرقاطات. واشارت الوكالة الى ان حال "الجهوزية الرقم واحد" أعلنت في اسطول البحر الأسود الذي ستتوجه سفنه ل "جمع معلومات استطلاعية" في منطقة النزاع البلقاني. الا ان الناطق الرسمي باسم قيادة الاسطول العقيد ايغور ديغالد، ذكر ان سفن اسطول البحر الأسود "لم تغادر مواقع مرابطتها" ولا توجد خطط لانطلاقها نحو المتوسط. ولكنه أضاف ان تحضيرات تجري ل "تحرك مخطط له سلفاً" لإجراء عدد من المناورات على صد الهجوم الجوي وإنزال قوات. وذكر ان الاميرال كورييدوف أمر بفرض نظام "تقشف صارم" على انفاق المحروقات. ورداً على سؤال في شأن تناقض التصريحات، قال لپ"الحياة" خبير في الشؤون العسكرية انه لا يستبعد وجود خلاف بين الرئيس بوريس يلتسن الذي يرفض جر روسيا الى النزاع العسكري، من جهة، وبين بريماكوف وعدد من القادة العسكريين، من جهة أخرى، اذ يرى هؤلاء ان الضغط السياسي والديبلوماسي "لم يعد كافياً".