وجدت اسرائيل، أخيراً، مفاوضاً لبنانياً. انه مراسل هيئة الاذاعة البريطانية ريتشارد دونز! فمنذ أن ارتكب هذا الأخير هفوته صباح أول من أمس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو منهمك في البناء عليها يعاونه حشد واسع من رجال السياسة والإعلام. لقد نسب المراسل الى رئيس الحكومة اللبنانية سليم الحص كلاماً لم يقله، الأمر الذي اضطر بيروت الى اصدار توضيح بعد ساعة. ومع ذلك فلقد "تصرف المسؤولون الاسرائيليون وكأن التوضيح لم يحصل" ايتامارايشز وسمادا بيري، في يديعوت احرونوت. وبما ان الموضوع اللبناني اقتحم الحملة الانتخابية فقد شاركت المعارضة عبر زعيم حزب "العمل" ايهود باراك وزعيما حزب "الوسط" اسحق مردخاي وامنون شاحاك في المعمعة. تنشر "الحياة" نص خبر "بي. بي. سي" الذي أثار الضجة كلها وهو ينقسم الى مقدمة اذاعها مقدم النشرة والى تقرير أعده المراسل والى جوابين مختصرين من الحص ثم الى استنتاج أقدم عليه دونز. مقدمة: أعطى رئيس الوزراء اللبناني سليم الحص تأكيدات جديدة في شأن الأمن في جنوبلبنان في حال حدوث انسحاب اسرائيلي. وقال السيد الحص لهيئة الاذاعة البريطانية انه سيمنع شن هجمات على اسرائيل من الأراضي اللبنانية. مراسلنا ريتشارد دونز من بيروت: التقرير: ثمة حركة جديدة في الصراع بين لبنان واسرائيل بشأن احتلال الجزء الجنوبي من لبنان. وقد سجل حزب الله، المجموعة الشيعية الراديكالية التي تشن حرباً ضد اسرائيل في الجنوب، بعض النجاحات العسكرية الملحوظة خلال الاسبوعين الماضيين. ويعتقد مراقبون مخضرمون من الأممالمتحدة هنا بأنه إذا انسحبت اسرائيل من لبنان، وهو ما يلتزم بعمله جميع كبار ساستها الآن، فإن حزب الله سيتوقف الآن عن شن هجمات عبر الحدود الاسرائيلية. ويقول رئيس الوزراء سليم الحص الآن انه سيمنع أي جماعات مسلحة من مهاجمة اسرائيل إذا غادرت قوة الاحتلال بلاده. مقتطف من المقابلة الحص: ستكون النتيجة الطبيعية إحياء لاتفاق الهدنة مع اسرائيل الذي وقع عام 1949، ووفقاً لاتفاق الهدنة لا يمكن أن يكون هناك عمل، أي عمل عسكري، عبر الحدود. سؤال: إذن هذا شكل لضمان أمني، أليس كذلك؟ تقول انكم ستعودون الى اتفاق الهدنة لعام 49 وأنكم ستضمنون عدم وقوع عمل عسكري عبر الحدود. جواب الحص: اتفاق الهدنة ينص على ذلك صراحة. نهاية المقتطف إن هذا تغير كبير ويبدو أنه يفتح فرصاً جديدة لإنهاء الحرب في جنوبلبنان. ثمة أسئلة كثيرة ليست عليها اجابات بعد، ليس أقلها شأناً كيفية رد فعل سورية. ويذكر ان يد دمشق الخفية وغير الخفية كانت حاسمة في لبنان في الماضي، ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن هذا تغيّر الآن. ما قالته الاذاعة هو: وجود تأكيدات جديدة في شأن الأمن، تعهد من الحص بمنع هجمات على اسرائيل، توقف "حزب الله" عن العمل "بضغط من الحكومة اللبنانية، وجود تغير كبير يفتح فرصة لإنهاء الحرب. أما ما قاله الحص فهو تجديد الموقف اللبناني المعترف باتفاق الهدنة والتذكير بما يتضمنه هذا الاتفاق وذلك من دون الاشارة الى المقاومة، أو التفاوض، أو الترتيبات الأمنية، أو نزع السلاح. ولقد لاحظ هذا الأمر الصحافي في "معاريف" اوديد غراندت معتبراً أن "بي. بي. سي" اخطأت وان الحص "كرر الموقف اللبناني المعروف: إذا أرادت اسرائيل الانسحاب فلتنسحب". وقد فعل غراندت ذلك في وقت ذهب زميله في الصحيفة نفسها يوسف لابيد الى الحديث عن "أهم تطور ديبلوماسي على المسار اللبناني منذ انشاء الحزام الأمني"! حاول زفي ياريل في "هآرتس" أن يكون أكثر موضوعية فانطلق من التوضيحات اللبنانية ليشير الى "ان ثمة جديداً" وان هذا الجديد هو العودة الى اتفاق الهدنة، قبل خمسين عاماً، الذي لم يتضمن "لا ترتيبات أمنية، ولا ضمانات، ولا تأكيدات". لقد كان هذا هو الموقف اللبناني على الدوام في السنوات الأخيرة ولكن اسرائيل تفضل، كما يبدو، التفاوض مع "بي. بي. سي" أو ان هذا، على الأقل، ما يريد نتانياهو الايحاء به والبناء عليه كجزء من حملته الانتخابية